ما هو حكم أذان الجمعة؟

اقرأ في هذا المقال


حكم أذان الجمعة:

لقد علمنا بأن أذان الجمعة كان على عهد النبي عليه الصلاة والسلام وعهد أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما، أذاناً واحداً، ثم إنهُ في عهد عثمان رضي الله عنه، لما اتسعت المدينة وكثر الناس: فقد رأي رضي عنه أن يزيد أذاناً آخر.

فقد روى البخاري عن السائب بن يزيد رضي الله عنهما قال: كان النداء يوم الجمعة أولهُ، إذا جلسَ الإمام على المنبر، على عهد النبي صلّى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فلما كان عثمان رضي الله تعالى عنه وكثُر الناس، زاد النداءُ الثالثِ على الزوراء. وسُمي الأذان الذي زادهُ عثمان ثالثاً، باعتبار أنهُ زاده على الأذان والإقامة، والإقامةِ يُطلق عليها أذانٌ في لسان الشرع.

وقال ابن عاشور: بأنهم أسموهُ في الحديث ثالثاً، هذا بمعنى حديث ابن السائب بن يزيد؛ وذلك لأنه  أحدث  بعد أن كانت الإقامةُ مشروعةً، وسُمي الإقامةُ أذاناً مشاكلةً، أو لأنها إيذانٌ بالدخول إلى الصلاة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “بين كلّ أذانينِ صلاة لمن شاء، يعني بين الأذان والإقامة، فتوهم الناس أنه أذانٌ أصلي، فجعلوا الأذانات ثلاثة فكان وهما، ثم جمعوهم في وقتٍ واحد، فكان وهماً على وهم، فتوهم كثير من أهل الأمصار أنّ الأذان لصلاة الجمعة ثلاث مرات؛ لهذا تراهم يؤذون في جوامع تونس ثلاثة أذاناتٍ وهو بدعةٍ. قال ابن العربي في العارضةِ: فأما بالمغرب” أي بلاد المغرب” فيؤذنُ ثلاثةٌ من المؤذنين لجهل المُفتنين”.

وقال ابن باز رحمهُ الله: لقد كان الأمرُ في عهد النبي عليه الصلاة والسلام أذانُ واحد مع الإقامة، وكان إذا دخل النبي عليه الصلاة والسلام للخطبة والصلاة أذّن المؤذنُ ثم خطب النبي عليه الصلاة والسلام الخطبتين، ثم يُقامُ للصلاة، هذا هو الأمرُ المعلوم، وهو الذي جاءت به السنّة، وهو أمرٌ معروفٌ عند أهل العلم والإيمان.

ولقد كثر الناس في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه في المدينة، فقد رأوا بأن يزيدوا الأذان الثالث، ويُقالُ له، الأذان الأول؛ وذلك من أجل تنبيه الناس على أن اليوم يوم الجمعة، حتى يستعدوا ويُبادروا إلى الصلاة قبل الأذان المُعتاد المعروف بعد الزوال، وتابعهُ بهذا الصحابة في عهده، وكان في عهد عليٌ رضي الله عنه وعبد الرحمن بن عوف الزُهري أحد العشرة، والزُبير بن العوام  أيضاً وطلحة بن عبيد الله وغيرهم من أعيان الصحابة وكبارهم، وهكذا سار المسلمون على هذا في غالب الأمصار والبلدان تِبعاً لما فعلهُ الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه، وتابعهُ عليه الخليفة عليُ رضي الله عنه وأرضاه، وهكذا بقية الصحابة.

إنّ المقصود أن هذا الأذان حدثَ في خلافة عثمان ومن بعده من الخلفاء الراشدين، واستمر عليه غالبُ المسلمين في الأمصار والإعصار إلى يومنا هذا، وذلك أخذاً بهذه السنة التي أسنّها عثمان رضي الله عنه تعالى عنه لاجتهاد وقع له، ولا حرجَ في ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: “عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضّوا عليها بالنواجذ”  صحيح الترمذي. وهو من  الراشدين رضي الله عنه، والمصلحة ظاهرة في ذلك، ولهذا أخذَ بها أهلُ السنة والجماعة، ولم يروا بهذا بأساً، لكونها من سنّة الخلفاء الراشدين عثمان وعلي ومن حضر من الصحابة ذلك الوقف رضي الله تعالى عنهم جميعاً.

إذن، فصلاةُ الجمعةِ لها أذانين، ولا ثلاث لهما وإنما الثالثُ هو الإقامة، ومن قال أنه أذانُ واحدٌ فقد أخطأ أيضاً؛ لأنه يجبُ الاستنان بسنة عثمان رضي الله تعالى عنه، ولا تمنع مكبرات الصوت من إعادة الأذان مرةً أخرى، ومن جحدَ سنّة عثمان رضي الله عنه، ولا تمنع مكبرات الصوت من إعادة الأذان مرةً أخرى، ومن جحدَ سنة عثمان رضي الله عنه فقد جحدَ سنة رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام لدلالة الحديث السابق ذكره، وأما الأذان ثلاثاً فهذه بدعةٌ لا أصلَ لها وما قدمناهُ من الأدلة يكفي.

أدعية تقال في صلاة الجمعة:

إنّ في صلاة الجمعة أذكارٌ محدودةً ومخصوصة تقالُ قبل الصلاة وبعدها، وإنما يُقال بعدها ما يقالُ بعد سائر الصلوات من أذكارٍ، بأن يستغفر الله ثلاثاً بعد السلام ثم يقول: “اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، لا إله إلا الله وحدهُ لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير”.

المصدر: كتاب الأذان والإقامة، تأليف سعيد بن علي بن وهف القحطاني.كتاب المسائل المهمة في الأذان والإقامة، تأليف عبد العزيز مرزوق الطريفي.كتاب أحكام الأذان والإقامة، تأليف ناصر الدين الألباني.أحكام الأذان والإقامة من كتاب الفقه من متن الرسالة لابن الميسر في فقه الأذان والإقامة، تأليف أبي عبد الرحمن عبد الكريم بن رسمي بن نمر آل الدريني.كتاب صلاة المؤمن، تأليف سعيد بن علي بن وهف القحطاني.


شارك المقالة: