ما هو حكم العفو وشروطه في الشريعة الإسلامية؟

اقرأ في هذا المقال


حكم العفو وشروطه في الشريعة الإسلامية:

يختلف الحكم التكليفي للعفو باختلاف ما يتعلق به الحق، فإذا كان الحق خالصاً للعبد فإنه يستحب العفو عنه، وإن كان حقاً لله تعالى كالحدود، فإنه لا يجوز العفو عنه بعد رفع الأمر إلى الحاكم، وإن كان حقاً لله في غير الحدود، فإنه يقبل العفو في الجملة للأسباب التي يعتبرها الشارع مؤدية إلى ذلك، تفضلاً منه ورحمة ورفعاً للحرج. ولكن اشترط العلماء للعفو شروطاً منها:

  • أن يكون العافي بالغاً عاقلاً: فلا يصح عفو من مجنون وصبيٌ غير مميز، فهو تصرف ضار بهما ضرر محض فلا يَملكانه.
  • أن يكون العافي مختاراً: لأن العفو تصرف قولي، فإذا صدر عن إكراه فلا يعتد به، لقول الرسول عليه الصلاة والسلام من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: “إن الله قد تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه”. سنن ابن ماجه مع أحكام الألباني.
  • أن يصدر العفو من صاحب الحق:؛ لأن العفو إسقاط للحق، ولا يسقطه إلا من له الحق فيه وأجاز علماء الحنفية الشافعية والحنابلة لجميع الورثة من ذوي الأنساب من الرجال والنساء العفو، وعند مالك موروث للعصباتِ خاصة.
  • أن يقول العافي: عفوت أو أسقطت أو أبرأت أو وهبت وما شابه هذه الألفاظ.

الشروط المختلف فيها:

  • أن يكون العفو بلا مقابل وإلا انقلب العفو صلحاً:
    وهذا قول الأحناف والمالكية في المشهور؛ لأن حق الولي في القصاص عيناً.
    الشافعية والحنابلة وقول للمالكية: أن إسقاط القصاص لا يعني إسقاط المال؛ لأن الثابت هو القصاص أو المال وله الخيار في تعيين أحدهما، فلو اختار الولي القصاص وجب له القصاص، وإن أسقط حقه في القصاص بقيت الدية، وله العفو عن الدية. والراجح مذهب الشافعية والحنابلة: أن الحق الثابت هو القصاص أو الدية. لقول الله تعالى: “وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ“البقرة:179. فجعل الله تعالى القصاص حقاً، وجعل رسول الله صلّى الله عليه وسلم أهل القتيل بين خيارين: إما أخذ الدية وإما القتل، فساوى بين الأمرين أيهما شاء.
  • صاحب العفو: اختلف العلماء في هذه المسألة على مذهبين:
    – المذهب الأول: الذي يملك العفو هم الورثة سواء أكانوا رجالاً أم نساءً، وهو مذهب الحنفية وقول للمالكية، ومذهب الشافعية والحنابلة. ودليلهم من الكتاب والسنة والإجماع. قال تعالى: “وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَن يَصَّدَّقُو” سورة النساء:92. ووجه الدلالة: أن الذي يملك حق العفو وأخذ الدية هم أهل القتيل، وأهله يشمل الذكور والإناث.
    – المذهب الثاني: الذي يملك حق العفو هم الورثة من الرجال فقط، وهو مذهب المالكية في المشهور عنهم. وأدلةُ المذهب الثاني من المعقول:
    قالوا بانتفاء ولاية المرأة، فهي ليس لها ولاية متعدية، فلا تصلح أن تكون من أولياء القصاص والعفو.
    ولاية الدم مستحق بالنصرة، وليس النساء من أهل النصرة، فلم يكن لهم مدخل في الولاية المستحقة بها، والعفو إسقاطٌ للحق، وليس لهن ذلك وإنما لهن المطالبة.

المصدر: كتاب العفو عن العقوبة بين الشريعة والنظام، للمستشار خالد إبراهيم السيد.منزلة العفو في الشريعة الإسلامية، تأليف عيد بن أحمد فؤاد.كتاب دية النفس في الشرع الإسلامي والعرف القبلي، إعداد الباحث شادي سالم الكفارنه- إشراف الدكتور نعيم سماره المصري أستاذ الفقه المقارن المشارك.كتاب العفو عن العقوبة في ضوء الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي، للدكتور ماهر عبد المجيد.الصلح في القضاء الإسلامي لحل المنازعات المدنية والجنائية دراسة فقهية، للدكتور إسماعيل كاظم العيساوي.


شارك المقالة: