ما هي الأفعال الموجبة للفدية؟

اقرأ في هذا المقال


الأفعال الموجبة للفدية:

إنَّ الأفعال الموجبة للفدية كثيرةً ومتنوعة، وينبغي على المحرم تركها وجماعها في هذا الضابط، وأنها عبارة عن كل شيءٍ يترفه به المحرم أو ما يزال به أذى عن نفسه لغير ضرورةٍ.
ومن أمثلتها: استعمال الصيبِ والحناء في الثوب والبدن، وإزالة الشعر والظفر وقتل هوام الرأس، وهذه الأفعال يستوي فيها الرجل والمرأة، وتختلف المرأة عن الرجل بستر وجهها ولبس القفاز في يديها، حيث تجب الفدية بهذين الفعلين، وكذلك لو ستر الرجل بدنه بمخيط لغير عذرٍ وكذلك حلق الرجل شعر رأسه لدفع هوام الرأس المؤذية. فكل هذه الأفعال اتفق الفقهاء على أن ما كان تركه مسنوناً ففعل، تجب به الفدية وإذا كان الفعل مرغَبا في تركه فعل فليس فيه شيء.

الفدية والواجب فيها:

أما الفدية أو الكفارة الواجبة بسبب ارتكاب هذه الأفعال المحظورة فهي الصيام والصدقة والنسك، والدليل على وجوبها هو ما جاء في كتاب الله وسنة نبيه.
أما الكتاب: فقول الله تعالى:”وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ” البقرة:196. ووجه دلالة هذه الآية، أن الله سبحانه وتعالى، نهى المحرم بالحج أن يحلق رأسه أو يقصرها حتى يصل الهدي إلى محله أن فعل ذلك اظطراراً لعذر مرض أو قمل، فحلق قبل يوم النحر، جاز فعليه صيام أو صدقة أو نسك. وقد قاس الفقهاء على حلق الرأس بدون سائر الأشياء التي يمنع الحاج منها إلا الصيد والوطء. وقصر الظاهرية الفدية المذكورة في الآية على فعل حلق الرأس، فلا يُقاس عليه غيره عندهم. وفي هذه تقدير بمعنى فمن كان منكم مريضاً أو به أذىً من رأسه فحلق رأسه فعليه فدية.
أما السنة: وهو ما روي عن كعب بن عجرة أنه كان مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم محرماً فآذاهُ القمل في رأسه فأمره رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يحلق رأسه، وقال: صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين مدّين لكل مسكين أو أنسك بشاةٍ أيّ ذلك فعلت أجزأ عنك. سنن ابن ماجه. ووجه دلالة هذا الحديث: أن النبي عليه الصلاة والسلام لما نظر إلى كعب ووجد هوام رأسه تؤذيه، فلم ينتظر حتى يسأله كعباً فقال: هل تؤذيكَ هوام رأسك قال: نعم فأمرهُ بالحلق وإخراجُ الفدية.

ما هي الكفارة الواجبة بهذه الأفعال:

أما الكفارة الواجبة في هذه الأفعال فهي: الفدية: وتكون الفدية بصيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين أو نسك، والنسك عبارة عن ذبحُ شاة. وهذه الفدية تجب في فعل الأشياء المتقدم ذكرها إنَّ فعلت بعذرٍ اتفاقا. أما إنَّ فعلت بغير عذرٍ وخصوصاً الحلق، ففيها خلاف.
عند المالكية والشافعية ورواية للحنابلة، ففيها الفديةُ المذكورة. واستدل القائلون بهذا الأمر، بأن الحكم ثبت في المعذور بصريح الآية، وفي غير المعذور بطريق التنبيه فكان تِبعاً له، والتبعُ لا يخالف المتبوع.

عند الحنفية ورواية لأحمد، أنه أن حلق بغير عذرٍ فعليه دم. أما الذين استدلوا بهذا الرأي هو كالآتي، لأن الحلق من غير ضرورة تقتضيه تعتبر ارتفاقاً كاملاً لا تقتضيه الضرورة ولذلك لا ينجبر إلا بالدم، حيث أن الحلق الواقع من كعب بن عجرة اقتضته ضرورة رفع الأذى عنه ووجبت فيه الفدية ولما لم تتوافر هذه الضرورة في الحالق المتنعم به المنتهك لإحرامهِ؛ لذلك وجب الدم. وهذه الكفارات أو الفدية المذكورة بخصالها الثلاثة وجبت على التخيير إجماعاً.
والدليل على هذا التخيير كان من كتاب الله، قال تعالى:”فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ۚ ” البقرة:196. ووجه الدلالة في هذه الآية أنه استفيد التخيير من لفظ “أو” الوارد في الآية وهو صريح في الدلالة عليه، ولم يُنازع فيه أحد من الفقهاء.
أما من السنة: ما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام لكعب بن عجرة:”لعلك آذاك هوامك” قال نعم يا رسول الله، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم”احلق رأسك، وصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين أو أنسك شاة”. متفق عليه. ووجه دلالة هذا الحديث: أنه استفيد منه التخيير بين الذبح والإطعام والصيام، وذلك للتعبير بلفظ “أو” ولم يسأله كعب عن أيها يفعل أولاً لفهمه بقواعد اللغة، فهذا دليلٌ على التخيير.

المصدر: كتاب الكفارات أحكام وضوابط، للدكتور عبد الرقيب صالح محسن الشافعي.كتاب الكفارات في الفقه الإسلامي، للدكتور رجاء بن عابد المطرفي.كتاب الكفارات أسباب وصفات، للمؤلف سعيد عبد العظيم.كتاب الكفارات في الفقه الإسلامي، تأليف محمد اسماعيل أبو الريش.


شارك المقالة: