ما هي صلوات التطوع؟

اقرأ في هذا المقال


تعريف صلوات التطوع:

إنّ الصلوات، جمع، ومفردها صلاة وهي في اللغة الدعاء. أما في الشرع: فهي عبارةٌ عن أقوال وأفعال مفتاحها الطهور، وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم.

والتطوع في اللغة: هي تكلّف الطاعة، أو التبرّع بما لا يلزم من الخير، أو الزيادة التي ليست لازمة. ولا يُقال تطوع إلا في باب الخير والبرّ. وفي الشرع: فهي تعتبرُ الزيادة على ما وجب بحق الإسلام، سوا كانت هذه الزيادة واجبة أم لا.

وبما أن الصلوات الواجبة يحقّ الإسلام هي: الصلوات الخمس في اليوم والليلة: صلاة الفجر وصلاة الظهر وصلاة العصر وصلاة المغرب وصلاة العشاء. وبما أن التطوع هو ما زاد على الفرض، سواء كان واجباً أم لم يكن.

وصلوات التطوع: هي الصلوات الزائدة على الفروض الخمسة، سوا كانت هذه الصلوات وأجبة أم لا. فكلّ صلاةٍ مشروعةٍ في الإسلام زيادة على الفروض الخمسة الواجبة في اليوم والليلة يشملها اسم صلوات التطوع.

ولا يخفى هذا الأمر أنه لا يُعارض هذا كون بعض الصلوات غير الفروض الخمسة لها حكم الوجوب، مع كونها داخلة في صلوات التطوع كما ذكر؛ وذلك لأن وجوبها ليس بذاتها؛ إنما لأمر حفّ بها ولا يترتب لها من الأحكام ما يترتب للفروض الخمسة من استقرار وجوبها العيني على كلّ مسلمٍ ومسلمة، حضراً وسفراً؛ لأن وجوب هذه الصلوات الخمس إنما هو بحقّ الإسلام، أما غيرها من الصلوات إذا وجبت فإن وجوبها بأسبابٍ مختلفة؛ مثل دخول المسجد وإرادة الجلوس فيه، فإنهُ سببٌ لوجوب تحيةِ المسجد، ووجوب الوفاء بالنذر سبب لوجوب الصلاة المنذورة.

أنواع صلوات التطوع:

إنّ التطوع نوعان، وهما: التطوع المُطلق، والتطوع المُقيد.

فالتطوع المُطلق: يكون مثل صدقة التطوع، ولك أن تتبرع في سبيل الله بما شئت، ولو نصف تمرةٍ، ولك أن تتطوع بالصلاة في الليل والنهار مثنى مثنى. ولكن في هذا التطوع المطلق ينبغي أن لا يُداوم عليه مداومةً السنن الراتبة، وأن لا يؤدي إلى بدعةٍ أو مشابهة أهلها.

التطوع المُقيد: وهو ما جاء له حدّ في الشرع. فمثلاً: من أراد أن يأتي بسنة الفجر الراتبة؛ لا يتحقق منهُ الإتيان بها إلا بركعتين قبل صلاة الفجر بعد دخول وقتها بنية راتبة الفجر، وهناك مثالٌ أيضاً، أن من أراد أنّ يُصلّي صلاة الكسوف، لا تتحقق صلاتهُ إلا بالصفة المشروعة، وكذا الصلاة العيدين، وغيرها من السنن التي جاء الشرع لها بوصفٍ معين.

لقد روى البيهقي بإسنادهِ أن أبا ذر رضي الله عنه، صلّى عدد كثيراً، فلما سلّم، قال له الأحنف بن قيس: “هل تدري انصرفت على شفعٍ أم على وتر؟ قال: إن لا أكن أدري، فإن الله يدري، إني سمعتُ خليلي أبا القاسم عليه الصلاة والسلام يقول: ثم بكى، ثم قال: إني سمعتُ خليلي أبا القاسم عليه صلوات الله يقول: “ما من عبدٍ يسجدُ لله سجدةً إلا رفعهُ الله بها درجة، وحطّ عنهُ بها خطيئةً” رواه الترمذي.

فضل صلوات التطوع:

لقد وردت في فضل صلوات التطوع أحاديث كثيرةٍ ومهمة منها ما يلي:

عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنّ أول ما يُحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة”. قال يقول ربنا جلّ جلاله: انظروا في صلاة عبدي، أتمها أم نقصها، فإن كانت تامة، كتبت له تامة، وإنّ كان انتقص منها شيئاً، قال: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ فإن كان له تطوع، قال: أتموا لعبدي فريضتهُ من تطوع، ثم تؤخذ الأعمالعلى ذاكم”. أخرجه أحمد.

عن ربيعة بن كعب بن مالك الأسلمي؛ قال: “كنت أبيتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيتهُ بوضوئهِ وحاجتهِ، فقال لي “سل”. فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة. قال: أوغير ذلك؟ قلت: هو ذاك، قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود” أخرجه مسلم.

عن معدان بن أبي طلحة اليعمري؛ قال: لقيتُ ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: أخبرني بعملٍ أعملهُ يُدخلني الله به الجنة، أو قلت بأحب الأعمال إلى الله؟ فسكت ثم سألته؟ ثم سألته الثالثة؟ فقال: سألت عن ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال: “عليك بكثرة السجود لله، فإنك لا  تسجدُ لله سجدة، إلا رفعك الله بها درجة، وحطّ بها عنك خطيئة”. قال معدان: ثم لقيتُ أبا الدردا، فسألتهُ؟ فقال لي مثل ما قال لي ثوبان. والحديثانِ هنا يدلانِ على فضيلة الإكثار من صلوات التطوع.

الحكمة من مشروعية صلاة التطوع:

إنّ لصلاة التطوع عدة فوائد جاءت بها النصوص والأخبار والآثار عن النبي عليه الصلاة والسلام ، ومنها على سبيل الإيجاز :

1- جبر ما قد يكون في أداء الفريضة من خللٍ وتقصير ، فإن الفرائض يعتريها النقص، إما في شروطها أو أركانها أو واجباتها، وكان الدليل على ذلك هو حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة، يقول ربنا جل وعزَّ لملائكته وهو أعلم انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها؟ فإن كانت تامة كتبت له تامة، وإن كان انتقص منها شيئاً قال: انظروا هل لعبدي من تطوع، فإن كان له تطوع قال: أتموا لعبدي فريضته من تطوعه، ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم” أخرجه أحمد والترمذي.

2- تهيئة المسلم للترقي في درجات القُرب من الله تعالى حتى يصلُ إلى درجة محبة الله عز وجل له، وقد جاء في ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله تبارك وتعالى: “ما تقرب إلي عبدي بأفضل مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه” أخرجه البخاري.

3- ومن فوائد صلاة التطوع هو ما بينهُ الإمام الشاطبي رحمه الله في الموافقات من أن المندوبات بمنزلة الحُمى والحارس للواجبات إذ هي رياضة للنفس يستدعي القيام بها أدى الفرائض، فمن أدى النوافل فإنه لا محالة يؤدي الواجب، ومن قصر في أداء النوافل، فهو عرضة لأن يقصر في أدى الواجبات.

4- ومن فوائدِ التطوعِ أيضاً هو تحصيل الثواب والأجر المترتب على فعل الصلوات كما دلت السّنة على ذلك.

5– أيضاً هناك توطين النفس وتمرينها على عبادة الله تعالى لكي تعتاد على ذلك ويسهلُ عليها فعل الطاعة فتلتذُ بها، ويحصل لها الخشوع والخضوع، فتسهل عليها الفرائض وتتهيأ لها.

6- أن العناية بالنوافل من أعظم الأسباب في صلاح القلب واستقامته وطهارته وبذلك تصلح أموره وتستقيم أحواله.

7- وتتضمن فوائد صلاة التطوع أيضاً بانشغال الوقت بأفضل الطاعات وأجلِ القربات من الله تعالى وهي الصلاة.

8- الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم بتأدية النوافل، ومثله السابقين المُقربين من سلف هذه الأمةِ، الذين يكونون في أعلى المراتب عند الله.

المصدر: كتاب صلاة التطوع- كتاب الصلاة- بلوغ المرام. الشيخ سعيد محمود.كتاب بغية المتطوع في صلاة التطوع، بقلم محمد بن عمر بن سالم بازمُول.كتاب صلاة التطوع في ضو الكتاب والسنة، تأليف سعيد بن علي بن وهف القحطاني.كتاب كشف الأسرار وهتك الأستار، تأليف أبو بكر محمد الباقلاني.


شارك المقالة: