ما هي ظاهرة ابن صياد؟

اقرأ في هذا المقال


ظاهرة ابن صياد:

تُعتبر ظاهرة ابن صياد ظاهرة غريبة جداً عايشها النبي عليه الصلاة والسلام والصحابة الكرام، وقد أقسم عدد من كبار الصحابة على أنه المسيح الدّجال الذي حذّر منه الرسول الكريم، وكان يرى جمعٌ كثير منهم أنه كذلك، وسنتوقفُ عند هذا الأمر من أجل تحليل هذه الظاهرة وإبراز وجه الغرابة بشيءٍ من التفصيل وذلك في عدة أمور.

ابن صياد في عهد النبي عليه الصلاة والسلام:

أولاً: ورد عن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال: لأنّ أحلف عشر مِرارٍ أنّ ابن صائد هو الدّجالُ أحبُ إليّ من أن أحلف مرّةً أنّهُ ليس به. قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعثني إلى أمه، قال سلها كم حملت به، فأتيتها فسألتها فقالت حملت به اثني عشر شهراً. قال ثم أرسلني إليها: فقال سلها عن صيحته حين وقع، قال: فرجعت إليها فسألتها، فقالت: صاح صياح الصبي ابن شهر. ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني قد خبأت لك خبأ. قال: خبأت لي خطم شاة عفراء والدخان قال: فأراد أن يقول: الدخان فلم يستطع فقال: الدّخ الدّخ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: اخسأ فإنك لن تعدو قدرك” أخرجه أحمد.
دلالة الحديث:
يتبينُ هنا موافقة حال صائد للأماراتِ التي سأل عنها النبي عليه الصلاة والسلام، وسؤال النبي عليه الصلاة والسلام عن إمارات محددة لا بدّ أن يكون مرجعه الوحي وله علاقة واضحةَ بأمارات الدّجال، ولكن الكلام يحتمل أنّ يُراد به دّجال من الدجاجلةِ وليس الدّجال الأكبر.
اعتقدَ أبي ذر في أنّ ابن صياد هو المسيح الدّجال، وعدم تورعه من القسم بذلك تسع مرات مع تورعه من القسم بأنه ليس الدّجال ولو مرةٍ واحدة، ويدلُ على أنهُ قد حصل له من الدلائل التي عاينها مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم ما يؤكد على ذلك منها ما ذكر، ولعلّ أبا ذر رأى من سياق الحدث وتفاعل الرسول معه مما يؤكد ذلك.
ويُلاحظ من الحديث أيضاً أن النبي عليه الصلاة والسلام كان مهتماً بظاهرة ابن صائد اهتماماً خاصاً، ومعنياً بتتبع تفاصيلها، ويدل السياق على أن طبيعة أسئلة النبي عليه الصلاة والسلام عن أشياء مخصوصة لأمِ ابن صياد إنما مرجعهُ الوحي.
ثانياً: عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: “يَمْكُث أبو الدَّجَّال وأمُّه ثلاثين عامًا لا يُولَدُ لهما ولدٌ، ثم يُولَدُ لهما غلامٌ أعورُ، أَضَرُّ شيءٍ وأقلُّه منفعةً تنامُ عيناه ولا ينامُ قلبُه، ثم نَعَتَ لنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبَوْيَه، فقال: أبوه طِوالٌ ضَرْبُ اللحمِ كأنَّ أَنْفَه مِنْقارٌ، وأمُّه امرأةٌ فِرْضَاخِيَّةٌ طويلةُ الثَّدْيَيْنِ. قال أبو بكرةَ: فسَمِعْتُ بمولودٍ في اليهودِ بالمدينةِ، فذَهَبْتُ أنا، والزبيرُ بنُ العوامِ حتى دخَلْنَا على أَبَوَيْه، فإذا نَعْتُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فيهما، فقُلْنَا: هل لكما ولدٌ؟ فقالا: مَكَثْنَا ثلاثين عامًا لا يُولَدُ لنا ولدٌ، ثم وُلِدَ لنا غلامٌ أعورُ، أضرُّ شيءٍ وأقلُّه منفعةً تنامُ عيناه، ولا ينامُ قلبُه. قال: فخَرَجْنَا مِن عندَهما فإذا هو مُنْجَدلٌ في الشمسِ، في قطيفةٍ له، وله هَمْهَمَة،ٌ فكَشَفَ عن رأسِه، فقال: ما قُلْتُمَا؟ قُلْنَا: وهل سَمِعْتَ ما قُلْنَا؟ قال: نعم، تنامُ عَيْنَايَ ولا ينامُ قلبي” ضعيف الترمذي. وفي رواية الإمام أحمد.
فقال أبوه أي الدّجال، رجلٌ طوال مُضطرب اللّحم طويلُ الأنف كأنّ انفهُ مِمنقارٌ وأمه أمرأة فرض أخيةٌ عظيمةٌ الثديينِ”. أخرجه الترمذي.
شرح الحديث:
إنّ هذا الأثر يوجد فيه إشارةٌ عجيبة، وهي أنّ النبي عليه الصلاة والسلام قد تكلم عن بعض أوصاف الدّجال وأوصاف والديه، وقد وجدت هذه الأوصاف بصورة مطابقة في ابن صياد ووالديهِ، ولكن ليس في هذا الحديث دليلٌ على أنه الدّجال صاحب الفتنة العظمى، وإن كان الحديث يعزز هذا الرأي، ولكنه يحتملُ أنّ النبي عليه الصلاة والسلام قد أُبلغ عن أوصاف دّجال من الدجالين فَنعتها النبي عليه الصلاة والسلام، ثم تبينّ بأنّ المراد منها هو ابن صياد، وعلى هذا الاحتمال يكون الوصف في الحديث لا يُراد به الدّجال الأكبر.
يجدرُ من حال ابن صياد أنها تعاكسُ حال البشرية الأسوياء من ناحية الشكلِ والمضمون، وهذا الأمر واضحٌ من أنّ تنامُ عيناه وقلبهُ لا ينام، وهذا الأمر مخالفٌ لطبيعة البشر، وهي عبارة عن خارقة من خوارق ابن صياد العديدة.
إنّ بيان الحديث هنا تدلُ على أنّ أبا بكرة راوي الحديث بعد ما سمع عن الدجالِ وأوصافه سمع بمولود في المدينة عند اليهود له نفسُ الأوصاف وكلمة مولود هنا تشيرُ إلى قُرب ولادتهِ، فيكون مُجمل الحديث أنه ولد إما في السنة الثانية أو الثالثة من الهجرة، وهذا مقتضى يتعارضُ مع حديث ابن عمر رضي الله عنهما، والذي يدلُ على أنّ النبي عليه الصلاة والسلام قد ذهب إلى ابن صياد وقد قارب الحلم، أي البلوغ، مما يدلُ على أنه ولد إما في بداية العهد النبوي، أو قبله بقليل وهو ما أرجحه، إذ البلوغ والمعلوم أن مدة النبي عليه الصلاة والسلام في المدينة كانت عشر سنوات تقريباً.

المصدر: كتاب علامات الساعة، تأليف سعيد اللحام.كتاب المسند من أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة، تأليف مصطفى العدوي.الموسوعة في الفتن والملاحم وأشراط الساعة، تأليف محمد أحمد المبيض.كتاب مختصر أشراط الساعة الصغرى والكبرى، إعداد عوض بن عبد الله- تقديم فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين.كتاب أشراط الساعة، تأليف عبد الله بن سليمان الغضيلي.كتاب أشراط الساعة وأسرارها، تأليف محمد سلامة جبر- الطبعة الاولى.


شارك المقالة: