ما هي عدد ركعات صلاة الليل والوتر وصفتها؟

اقرأ في هذا المقال


عدد ركعات صلاة الليل والوتر وصفتها:

صلاة الليل والوتر إحدى عشرة ركعة، ما زاد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها، وقد وردت عنه عليه الصلاة والسلام بأوصاف متنوعة، إذا صلى المسلم بأي صفة منها أجزأته وهذه الأوصاف هي كما يلي:

صلاة الليل مثنى والوتر بواحدة:

فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه، أنّ رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشى أحدكم الصبح صلى ركعةً واحدة توترُ له ما قد صلّى”. وهناك روايةٌ أخرى وهي: قام رجلٌ فقال: يا رسول الله! كيف صلاة الليل”. أخرجه الشيخان.

ودلالةُ ذلك أنّ الحديث يدلُ على أن صلاة الليل تُصلى ركعتين ركعتين. وأن الوتر يُشرع كونه آخر صلاة الليل. وأن الوتر بركعةٍ واحدة مفصولة عما قبلها مشروع. وقد استدل بعضهم بهذا الحديث على تعين الفصل بين كل ركعتين من صلاة الليل؛ لأن هذا  هو ظاهر السياق؛ وذلك فيه حصر المبتدأ في الخبر . وحمله الجمهور على أنهُ لبيانِ الأفضل للمُصلي؛ لما صح من فعلهِ صلى الله عليه وسلم بخلافهِ.

وليس في الحديث ما يُعين أن جوابه صلى الله عليه وسلم بقوله: “صلاة الليل مثنى مثنى” أن هذا هو الأفضل، بل يحتمل أن يكون للإرشاد إلى الأخف، إذ السلامُ بين كل ركعتين أخفّ على المصلي من الأربع فما فوقها؛ لما فيه من الراحة غالباً، وقضاء ما يُعرض من أمر مهم، ولو كان الوصل لبيان الجواز فقط، لما واظب عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن ادعى اختصاصه به؛ فعليه البيان، وقد صح عنه الفصل كما صح عنه الوصل.

وقد استدل بعضهم بالحديث على أن صلاةُ الليل لا حدّ لأكثرها، وفيه وجهاتُ مختلفة منها:

الوجه الأول: وهو أن الثابت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل والوتر أنه لم يزد فيها عن إحدى عشرةَ ركعةٍ.

الوجه الثاني: وردت رواية لهذا الحديث تفسره، وهي الرواية المشار إليها سابقاً، وقد أخرجها البخاري بلفظ: أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطبن فقال: كيف صلاة الليل؟ فقال: مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح؛ فأوتر بواحدة، توتر لك ما قد صليت، وهذه الرواية فيها بيان أن المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: “مثنى مثنى” بيان كيفية الصلاة لا كمية الصلاة، فلا يريد الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله ذاك بيان العدد، وإنما الفصل والوصل؛ فصلاة الليل تصلى ركعتين ركعتين، وأولى ما فسر به الحديث من الحديث.

الوجه الثالث: وهنا في هذا الوجه هو أن قول النبي عليه الصلاة والسلام: “مثنى مثنى” أنه يُفيد إرادةُ الصفةِ، لا إرادةُ العدد، إذ العدد المعدول “مثنى مثنى” إنما يعني: صلّي صلاة الليل ركعتين ركعتين من غير أن يرادُ بيانُ العدد فافهم. وهذا كما في قول الله تعالى: “فانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِنَ النّسَاءِ مثنى وثُلاثَ ورُبَاع” النساء:3.

 الوتر بركعة واحدة:

يُشرع الوتر بركعة واحدة  ومن الدليلُ على ذلك ما يلي:

– وهو ما سبق من قول النبي عليه الصلاة والسلام في قولهِ: “صلاة الليل مثنى مثنى” فإذا خشيتَ الصُبح؛ فأوتر بركعةٍ.

– وأيضاً ما سبق من حديث أبي أيوب ألأنصاري، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الوتر ُحقٌ على كل مسلمٍ، فمن شاءَ أوتر بسبعٍ ومن شاءَ أوتر بخمسٍ ومن شاءَ بثلاثٍ ومن شاءَ أوتر بواحدةٍ، فمن غلبَ فليومئُ إيماءً”.

-و عن ابن عمر  رضي الله عنه، عن النبي صلّى الله عليه وسلم  قال: “الوتر ركعة من آخر الليل”. أخرجه مسلم.

 الوتر بثلاث ركعات:

أما الوتر فإنه يُشرع بثلاثِ ركعاتٍ فقط، ولنا الحقُ بأن نصليها على صفتين، ما تيسر لك منها يُجزئ عنك، وهي كالآتي:

الأولى: وهي أن تُصلي هذه الركعات الثلاث: ركعتين ثم تسلم، ثم بعد ذلك تصلي ركعة واحدة.

الثانية: أن تصليها ثلاثُ ركعاتٍ متصلة، لا تقعد إلا في آخرهنّ، وذلك لما ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا توتروا بثلاث تشبهوا بصلاة المغرب، ولكن أوتروا بخمسٍ، أو بسبعٍ أو بتسعٍ أو بإحدى عشرة”. أخرجه الحاكم.

-وقد ثبت في الشرع أداءُ الثلاثِ موصولاتٍ دون قعود إلا في آخرهن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد جاء عن أبي بن كعب؛ قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ من الوتر ما يلي وهي: “سبح اسم ربك الأعلى”، وفي الركعة الثانية “قل يا أيها الكافرون”، وفي الثالثة: “قل هو الله أحد”، ولا يُسلم إلا في آخرهنّ”. أخرجه النسائي.

– وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُوتر بثلاثٍ لا يسلم إلا في آخرهنّ”. أخرجه الحاكم. وعن بعض الصحابة رضوان الله عليهم. ومن الأدلةِ على مشروعية الوتر بثلاث ركعات ما تقدم في حديث أبي أيوب : “ومن أحب أن يوتر بثلاث، فليفعل”.

الوتر بخمسِ ركعات:

ويُشرع الوتر بخمس ركعات، ويجوز لنا أن نصليها على صفتين وهما:

الأولى: وهي أن تُصلي ركعتين، ثم تُصلي ركعتين ، ثم بعد ذلك تصلي ركعة.

الثانية: ويجوز أن تصليها خمسُ ركعاتٍ موصلاتٍ ولا تجلسُ إلا في آخرهنّ.

والدليل على ذلك كله هو ما يلي:

– وهو ما سبق في حديث أبي أيوب الأنصاري المتقدم  وهو: “من أحبّ أن يوتر بخمسٍ فليفعل”.

-وهناك حديث ابن عمر أيضاً وهو: “صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الفجر؛ أوتر بركعة”.

– وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، يوتر من ذلك بخمسٍ، ولا يجلسُ إلا في آخرها”. وفي رواية: “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي ثلاث عشرة ركعة بركعتي الفجر”. أخرجه مسلم.

الوتر بسبع ركعات:

ويُشرع الوتر بسبع ركعاتٍ أيضاً ويؤدى ذلك على صفتين وهما:

الأولى: أنّ يُصلي ستُ ركعاتٍ مثنى مثنى، ثم يوترُ بواحدةٍ.

الثانية: وهو أن يُصلي سبعُ ركعات موصولاتٍ ولا يقعد إلا في السادسةِ، فيتشهدُ، ثم يقوم ولا يُسلم، وبعد ذلك يأتي بالسابعة ثم يسلم. وممّا يدلُ على ذلك ما يلي:

– حديث أبي أيوب الأنصاري، وفيه: “الوتر حق، فمن شاء، أوتر بسبع”. وعن أم سلمة رضي الله عنها، كان النبي صلى الله عليه وسلم “يُوتر بثلاث عشرة ركعة، فلما كبّر وضعف أوتر بسبع”. أخرجه الترمذي والنسائي.

– عن عائشة رضي الله عنها قالت: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوتر بتسع ركعات، لم يقعد إلا في الثامنة، فيحمدُ الله، ويذكرهُ، ويدعو، ثم ينهضُ ولا يُسلم، ثم يُصلي التاسعة، فيجلسُ فيذكر الله عز وجل، ويدعو، ثم يسلم تسليمة يسمعنا، ثم يُصلي ركعتين وهو جالس، فلما كبّر وضعف، أوتر بسبع ركعاتٍ، لا يقعد إلا في السادسةِ ثم ينهضُ ولا يُسلم، فيُصلي السابعة، ثم يُسلم تسليمةً، ثم يُصلي ركعتين وهو جالس”. أخرجه مسلم والنسائي.

الوتر بتسع ركعات:

ويُشرع للمسلم بأن يوتر بتسع ركعات وله فيها صفتانِ وهما كما يلي:

الأولى: وهي أن يُصلي مثنى مثنى ثمان ركعاتٍ ثم يوتر بواحدة.

الثانية: أن يُصلي تسع ركعات موصولاتٍ، ولا يقعد إلا في الثامنة للتشهد، ثم يصلي التاسعة، ويقعد فيها للتشهد الثاني، ثم يسلم. وممّا يدل على ذلك ما يلي:

– حديث سبق قوله عن النبي عليه الصلاة والسلام: “صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح؛ صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى”.

– عن سعد بن هشام؛ قال: “قلت: يا أم المؤمنين، أي عائشة رضي الله عنها، أنبئيني عن خُلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت: ألست تقرأ القرآن؟ قلت: بلى. قالت: فإن خلق نبي الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن. قال:فهممت أن أقوم ولا أسأل أحداً عن شيء حتى أموت، ثم بدا لي، فقلت: أنبئيني عن قيام رسول الله ؟ فقالت: ألست تقرأ: “يا أيها المزمل” ؟ قلت: بلى. قالت: فإن الله عز وجل افترض قيام الليل في أول هذه السورة، فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولاً، وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهراً في السماء، حتى أنزل الله من آخر هذه السورة التخفيف، فصار قيام الليل تطوعاً بعد فريضة، قال: قلت: يا أم المؤمنين! أنبئيني عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: كنا نعد له سواكه وطهوره، فيبعثه الله ما شاء الله أن يبعثه من الليل، فيتسوك، ويتوضأ، ويصلي تسع ركعات؛ لا يجلس إلا في الثامنة، فيذكر الله ويحمده ويدعوه، ثم ينهض ولا يسلم، ثم يقوم، فيصلي التاسعة، ثم يقعد، فيذكر الله ويحمده ويدعوه، ثم يسلم تسليماً يسمعنا، ثم يصلي ركعتين بعدما يسلم وهو قاعد؛ فتلك إحدى عشرة ركعة يا بني، فلما سن نبي الله صلى الله عليه وسلم، وأخذه اللحم؛ أوتر بسبع؛ وصنع في الركعتين مثل صنيعه الأول فتلك تسعٌ يا بني” أخرجه مسلم.

المصدر: كتاب كنوز الصلاة، تأليف سليمان بن فهد دحيم العتيبي.كتاب الصلاة، تأليف شمس الدين ابن قيم الجوزية.كتاب قناديل الصلاة، تأليف فريد الأنصاري.كتاب تعليم الصلاة، السنن والرواتب، تأليف عبد الله الزيد.كتاب فضائل السنن والرواتب، تأليف الدكتور أحمد عرفه.


شارك المقالة: