ما هي قصة توبة ملك من ملوك البصرة؟

اقرأ في هذا المقال


قصة توبة ملك من ملوك البصرة:

لقد قيل أنهم قد سَمعوا عُباد بن عُباد المهلبي يقول: بأنّ هُناك مِلكاً من ملوكِ البصرةِ قد تَنسك، وأنه يَميلُ إلى شهواتِ الدنيا والسُلطانِ، فأمرَ ببناءِ بيتٍ وقد بِتشييدِها وفَرشها وتنجيدها. وبعد ذلك أمرَ بأنّ تُعدُ مائدةً كبيرةً من الطعامِ، ثم بعد ذلك جمعَ الناسَ عليها.

وبعدها صارَ الناسُ يُقبلونَ على تلك المائدةِ ويأكلونَ ويشربون، وأخذوا يتطلعونَ على بُنيانهِ العظيم ويَعجبونَ من ذلك الأمر، وأخذوا يَدعونَ له ويتفرقون، وقد قيل: بأنّهُ مكثَ على ذلك الأمرِ أياماً عِدة حتى فَرغ من أمرِ الناس.

وبعد ذلك جلسَ ونفرٌ من خاصةِ إخوانهِ، فقال: لعلّكم تنظرون إليّ كَم أنا فرحٌ ببيتي هذا، وقد قُلتُ لنفسي بأنّني سأتخذُ لكلِ واحدٍ من أولادي مِثلُها، فأتمنى أن تَمكثوا عندي لعدةِ أيامٍ لكي أستمتعَ بحديثكم وأُشاوركم فيما أريدُ من هذا البناءُ لولدي.

فمكثوا عِندهُ لبعضِ أيامٍ يتسلونَ ويلهونَ ويلعبُون، وكان يَأخذ برأيهم كيف هي طريقة البِناءِ لولدهِ، وكيفَ يُريدُ أن يصنع، وفي ذاتَ ليلةٍ وهم يلعبونَ ويلهونَ إذ أنهم سَمعوا شخصاً من أقاصي الدارَ يقول:

يا أيها الباني والناسي منيتهُ   لا تأملنّ فإنّ الموت مكتوبٌ.

على الخلائق إنّ سُروا وإنّ فَرحوا   فالموتُ لذي الآمالِ منصوب.

لا تبنينّ دياراً لستُ تسكنها   وراجعُ النُسك كيما يغفرُ الحوب.

قال: ففزعَ لذلك وفَزعَ أصحابهُ فزعاً شديداً، ورعاهُم ما سَمعوا من ذلك الكلام، فقالَ لأصحابهِ: هل تسمعونَ ما أسمعهُ أنا، فقالوا لهُ نعم. فقيل: هل تجدونَ ما أجد، قالوا له وما الذي تجدهُ، قال: إنّي أجدُ شيئاً يمسكني على فُؤادي، وهي تُشبهُ عِلةُ الموت، فقالوا: لا ليست هي إلّا العافية والبَقاء، ثم بعدها أقبلَ عليهم، وقال لهم أنتم إخوتي وأصحابي، فماذا لي عِندكم.

قالوا: مُرنا بما أحببت من أمرك، فأمرَ بالشراب فأهريق، وبعدها أمرَ بالملاهي فأخرجت، وبعدها قال: اللهم إنّي أُشهدك ومن حضرني من أي عبدٍ من عِبادك بأني تُبتُ إليك من كلّ ذنبٍ أذنبتهُ، وإنني نادمٌ على كلّ يومٍ فرطتُ فيه أيامُ مُهلتي، وإياك أسألُ إن أقلتَني أن تُتم نِعمتكَ عليّ بالإنابةِ في طاعتك، فإن أنت أخذت روحي لعندك أن تغفر ذنوبي بكرمٍ منك.

فصعبت حالهُ واشتدّ عليه الألم، وبقي يقول الموت والله، الموت والله، حتى توفي وهو ينطق تلك الكلمات، فقال الفقهاء في تلك اللحظة بأنه قد مات على توبةٍ.

المصدر: كتاب التوابين، تأليف موفق الدين أبو محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي.كتاب قصص التوابين، إعداد عبد العزيز سيد هاشم.كتاب قصص التائبين قصص واقعية مؤثرة جداً جداً، تأليف وجمع عصام أبو محمد.كتاب العائدون إلى الله، مجموعة من قصص التائبين، تأليف محمد بن عبد العزيز المُسند.


شارك المقالة: