ما هي قصة هاروت وماروت؟

اقرأ في هذا المقال


قصة هاروت وماروت:

هاروت وماروت: إنّ هاروت وماروت من الملائكةِ وليسا من البشر، وأنّهما مَبعوثانِ من عند الله تعالى، لكي يُعلموا الناسَ شيئاً يحفظهم من الشر والفتن، لا معاقبةً على بعضٍ من الذنوب.

فمن قالوا أنّهم من البشر أو أنّهما ملكانِ وقعا في معصيةٍ فمسخهما الله تعالى، فقد تحدث في أمور الغيب بدونِ علمٍ، وادعى أمراً يتنقصُ به ملائكةُ الرحمانِ المُكرمين، واعتقد بما في كتب بني إسرائيلٍ من دون شاهدٍ، صدق َ لهُ من الوحيِ المعصوم.

فقال تعالى: “وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ” البقرة:102.

لقد تعددت روايات كثيرة لقصة هاروت وماروت ومنها الروايات المرفوعة، وجاءت الروايات المرفوعة لتلك القصة عن طريق صحابين وهما ابن عمر وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم وسنذكر منها، الروايات المرفوعة عن طريق ابن عمر رضي الله عنهما.

أخرج الإمام أحمد في مسنده قال: حدثنا يحيى بنُ أبي بكير، حدثنا زهير بن محمد عن موسى بن جُبير عن نافع عن عبد الله بن عمر بأنه سمع النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: “أن آدم عليه السلام عندما أهبطه ربهُ إلى الأرض، قالت الملائكة أي ربنا، “قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفسدُ فيها ويُسفكُ الدماءُ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ” البقرة:30. وقالوا ربنا نحنُ أخضعُ وأطوعُ لك من بني آدم، فقال الله تعالى للملائكة: هلّموا ملكين من الملائكة حتى يُنزل بهما إلى الأرض، لكي ننظر ماذا يعملان، قالوا ربنا هاروتَ وماروت، فأنزلهما الله إلى الأرض، وتمثلت لهما الزهرة بأنها امرأة من أجملِ البشر، فجاءتهما، فسألاها نفسها قالت: لا والله حتى تتكلما بهذه الكلمة من الإشراك، فقالا: لا والله، لا نُشركُ باللهِ أبداً، فذهبت عنهما، ثم عادت بصبيٍّ تحملهُ فسألاها نفسها، فقالت: لا والله حتى تقتلا هذا الصبيّ، فقالا: لا والله لا نقتلهُ أبداً، فذهبت ثم رجعت بقدحِ خمرٍ تحملهُ، فسألاها نفسها فقالت: لا والله حتى تشربا هذا الخمر، فشربا حتى سَكرا، فوقعا عليها، وقتلى الصبيّ، فلمّا استفاقا، قالت المرأة: ما تركتما شيئاً ممّا أبيتماهُ إلّا فعلتماه، حينما سكرتما فخيراً بين عذاب الدنيا والآخرةِ، فختارا عذاب الدنيا”  أخرجه الإمام أحمد في مسنده.

أخرج أبن جرير الطبري في تفسيرهِ من طريق الحسن قال: حدثنا الفرج بن فضالة عن معاوية عن صالح عن نافع قال: سافرتُ مع ابن عمر، فلما كان من آخر الليل، قال: يا نافع انظر طلعت الحمراء؟ قلتُ: لا مرتين أو ثلاثاً، ثم قلت: قد طلعتُ قال: لا مرحباً ولا أهلاً، قلت: سبحان الله، نجمٌ مسخر، سمعٌ ومطيع، قال: ما قلتُ لك إلّا ما سمعت من رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقال لي: إنّ الملائكة قالت: يا رب كيف صبرك على بني آدم في الخطايا والذنوب؟ قال: إني ابتليتهم وعافيتكم، قالوا: لو كنَّا مكانهم ما عصيناك، قال: فاختاروا ملكين منكم، فلم يألوا أن يختاروا، فاختاروا هاروت وماروت، فنزلا، فألقى الله عليهم الشبق، قلتُ وما الشبق، قال الشهوة، فجاءت امرأةٌ يُقال لها الزهرة فوقعت في قلبيهما، فجعل كلُ واحدٍ منهما يُخفي عن صاحبهِ ما في نفسهِ، ثم قال أحدهما للآخر: هل وقعَ في نفسك ما وقع في قلبي؟ قال: نعم، فطلباها لأنفسهما فقالت: لا أمكنكما حتى تعلمانِي الاسم الذين تعرجان به إلى السماء وتهبطانِ، فأبيا، ثم سألاها أيضاً، فأبت، ففعلا، فلما استطيرت طمسا الله كوكباً، وقطع أجنحتها، ثم سألا التوبة من ربهما، فخيّرهما بين عذاب الدنيا وعذابِ الآخرةِ، فاختار عذاب الدنيا على عذابِ الآخرة، فأوحى إليهما بأن ائتيا بابل، فانطلقا إلى بابل فخسف بهما فهما منكوسانِ بين السماءِ والأرض معذبانِ إلى يوم القيامة.

وقصة هاروت وماروت بأحداثها المُتنوعة، ورواياتها المتعددة، والمرفوعة منها والموقوفة، حالها كحالِ غيرها من الأحاديث والآثار، وقد أخذت نصيبها من الدراسة والنقد، وأخضعت أسانيدها لحكم نُقاد الحديث وجهابذتهِ الذين لم يألوا جهداً، ولم يدخروا وقتاً ولا وسعاً في الذبّ عن شريعة الله والمنافحة عن سنة نبيه الكريم وتنقيحها من كلّ شائبةٍ ودخيل، وتنقيتها عن أي سقيمٍ أو علّةً.

وانقسم العلماء في ذكر قصة هاروت وماروت إلى قسمين، قسم ذكر القصة بتفاصيلها، وذكر رواياتها مُرتضياً لها مُقراً بوقعها، أما بالتصريح والإنكار على من أنكر ذلك واستبعدهُ، أو بعدم  الاعتراض، والاكتفاء بنقل الأقوال وعرضها.

وهناك فريق ذكر القصة وأشار إليها، مع إنكارهِ لها وتشنيعهِ على من صدقها وأقرّ بوقوعها.

مكان وجود هاروت وماروت:

لقد قيل أنّ هاروت وماروت موجدانِ ببابل  في فارس، مُعلقين بين جبلينِ، في غارٍ تحت الأرض، يُعذبان كلّ يومٍ، طرفي النهار إلى الصيحة، ولما رأت الملائكة ذلك خفقت بأجنحتها، في البيت، ثم قالوا: اللهم اغفر لولدي آدم، عجباً كيف يعبدون الله ويُطيعونهُ على ما لهم من الشهواتِ واللذاتِ.

فقال الكلبي: فاستغفَرت الملائكةُ بعد ذلك لولدي آدم، فذلك قول الله تعالى: “وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الْأَرْضِ ۗ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ” الشورى:5. وروي أنّ الملائكة لما قالوا لله تعالى: قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ” البقرة:30. ثم بعد ذلك طافوا حول عرش الرحمن أربعةِ آلآفِ عامٍ يعتذرون من الله تعالى على اعتراضهم.

وروي عن ابن عباس أن الله تعالى، قال للملائكةِ انتخبوا ثلاثاً من أفاضلكم، فانتخبوا عُزرائيل، حديث وعزوباً عندئذٍ، فكانوا إذا هبطوا إلى الأرض، كانوا في حدّ بني آدم، وطباعهم، فلما رأى ذلك عُزرى وعَرف الفتنة، عَلمَ أن لا طاقة له، فاستغفرَ ربهُ عزّ وجل، واستقالهُ، فأقالهُ، فروي أنّه لم يرفع رأسهُ بعد حياءٍ من الله تعالى، قال الربيعُ بن أنس عندما ذهب عن هاروت وماروت السُكر، علما ما ارتكبهُ من خطيئةٍ ونَدما على فعلتهما، وأرادا أنّ يصعدا إلى السماء، فلم يقدرا، وأنه لم يؤذن لهما، فبكيا بكاءً طويلاً، وذاقا لأنه ذرعاً بأمرهما، ثم أتيا إدريس عليه السلام، وقالا له: ادعُ لنا ربك، فإنّا سَمعنا بكّ تذكر بخيرٍ في السماء، فدعا لهما، فأستجيبَ له، وخُيّر بين عذاب الدنيا والآخرة.

المصدر: حقيقة قصة هاروت وماروت، للمشرف العام، الشيخ صالح محمد المنجد. كتاب هاروت و ماروت مؤلف العمل تأليف، عيادة أيوب الكبيسي.كتاب تحميل كتاب هاروت وماروت الكاتب علي أحمد باكثير.كتاب هاروت وماروت بين الحقيقة والخيال، تأليف منصور عبد الحكيم. سحر-هاروت-وماروت-للطوخى.


شارك المقالة: