ما هي كيفية الشروع في الطريق؟

اقرأ في هذا المقال


تعريف الشروع:

والشروع في الجريمة يعني أنه في تنفيذ ركنها المادي، ولكنه لم يكتمل مع توافر ركنها المعنوي المتمثّل في قصد ارتكاب الفعل المنهي عنه، والشروع لا يكون إلا في جريمة عمدية.

الشروع في الطريق:

إذا بدأ الجاني في تنفيذ الجريمة في قطع الطريق فعلاً، ولكن التنفيذ وقف أو خاب أثره لسبب لا دخل لإرادته فيه، فلا يحدُ حد المُحاربة المنصوص عنه في القرآن الكريم؛ لأن الجريمة لم تتم، والحد لا يجب إلا بتمامها، ولكن الجاني مع ذلك يستحق التعزير لارتكابه معصية لا حدّ فيها. وهناك بعض الأمثلة.
وعلى ذلك فإن قصدوا الطرق وخرجوا فعلاً لارتكاب تلك الجريمة، ولكنهم ضبطوا قبل أن يأخذوا مالاً أو يقتلوا نفساً، فإنهم يحبسون ويُعزرون، وذلك سواء أخافوا الطريق أم لم يُخيفوه، وعند هذا عند الحنفية والشافعية. إذ قالوا إن من أخاف الطريق ولم يأخذ مالاً، ولم يقتل نفساً، إذ أخذ على هذه الحال يُعزره الإمام وجوباً، ما لم يرَ أن في تركه لذلك مصلحةً.
أما عند مالك، اقتصر الأمر على الخروج دون أن يُنصب الجاني للمحاربة عدته أو يُخيف الطريق، فإنه يُعزر لذلك، إذ جاء في المدونة أنه يُجلد ويُنفى ويُسجن في الموضع الذي نفي إليه، وفي ذلك تعزيرٌ له؛ لأن من العقوبات التي قيل بها الجلد، والجلدُ لم يرد في عقوبات المحاربة التي نص عليها القرآن الكريم.
والذي يستوي عند مالك في ذلك أن يقتصد فعل الجاني على الخروج بقصد المحاربة، فيؤخذ على هذه الحال، أو أن يكون قد خرج لذلك بخشبة أو ما أشبه وقُبض عليه دون أن يُخيف الطريق، أو ينصب لقطع الطريق عدته. أما إذا لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تمادى الجاني في ارتكاب الجريمة، وقُبض عليه بعد أن أخاف السبيل حتى لو لم يكن أخذَ مالاً أو قتل نفساً، فإنه عند مالك محارب، وتقام عليه عنده عقوبة المحاربين.
والإمام في شأنه يكون مخيراً بين الأجزيةِ التي وردت للمحاربة في آية المحاربة، كما هو الحكم عند المالكية، فله أن يأخذه بأي الأجزيةِ يراهُ منها. وقد ورد تأول مالك في ذلك بالنص القرآني، فقال تعالى:”مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ” المائدة:32.
وقال الحنابلة فيمن أخاف الطريق وأخذ على هذه الحال دون أن يأخذ مالاً، أو يقتل نفساً إنه ينفي من الأرض. ولما كان النفي من أجزية المحاربة، فإن الجاني الذي يخيف السبيل بقصد قطع الطريق يدخل عند الحنابلة في المحاربين.
وإن البعض يرى، أن حد المحاربة إنما يتعلق بالجريمة التامة، أما إذا لم تتمَ فلا حدّ فيها.
وإذا خرج يقطع الطريق وأعد عدته، وأخذ قبل أن يأخذ مالاً أو يقتل نفساً، أخاف الطريق أو لم يخف، نصب للمحارب عدته أو لم ينصب، فإن أتاه لا تتم إلا به جريمة المحاربة، ولكن فعله الذي يُعد شروعاً في هذه الجريمة، فإنه يستحق التعزير.

المصدر: كتاب التعزير في الشريعة الإسلامية، للكتور عبد العزيز عامر.كتاب الحدود في الإسلام من فقه الجريمة والعقوبة، للدكتور عيسى عبد الظاهر.كتاب التعزير في الإسلام، للدكتور أحمد فتحي بهنسي.كتاب الحدود والتعزيرات عند ابن القيم دراسة وموازنة، تأليف بكر بن عبد الله أبو زيد.كتاب أحكام التعزير والجرائم التأديبية وعقوباتها، للدكتور شعبان الكومى أحمد فايد.


شارك المقالة: