ما هي وجه التفرقة بين القتل بالتسبب والقتل الخطأ؟

اقرأ في هذا المقال


القتل:

إنّ القتل مقسّمٌ على ثلاثة أوجه، عمد وخطأ وشبه العمد، فأما العمد: وهو ما تعمدت ضربه بالسلاح، ففيه القصاص إلا أن يعفوا الأولياء أو يصالحوا. وأما شبه العمد: فهو ما تعمدت ضربه بالعصا أو السوط أو الحجر أو البندقة، ففيه الدية مغلظة على عاقلة القاتل وعلى القاتل الكفارة. وأما الخطأ: فهو ما أصبت ممّا كنت تعمدت غيره فأخطأت به، فعلى القاتل الكفارة وعلى عاقلته الدية.

التفرقة بين القتل بالتسبب والقتل الخطأ:

يقول الفقهاء إن الذين يجعلون من القتل بالتسبب قسماً خاصاً من أقسام القتل غير المتعمد، فإن الجاني لم يُباشر القتل، ولكنه تسبب فيه، ففي القتل الخطأ يتصلُ فعلُ المخطيء بالمجني عليه فيحدث القتل، وفي القتل الجاري مجرى الخطأ يحصل القتل من ثقل نفس الجاني، وذلك ظاهرٌ في مثل من يكون نائماً، فيسقط على آخر فيقتله، هو يكون كذلك بثقل الجاني إذا كان راكباً دابة مثلاً؛ لأن الدابة تُعتبر كأنها آلة تحته فيضافُ ثقلها إلى ثقله. ويُقال في هذه الحالات بأن القتل قد حصل على سبيل المباشرة.

وهذا كله بخلاف القتل بالتسبب، ففيه لا يتصل فعل الجاني بالمجني عليه، كما في حالات القتل الخطأ، بل يتصل بشيءٍ آخر، فهو في حالة حافر البئر يتصل بالأرض، وفي حالة إخراج الجناح من البيت يتصل بهذا الجناح، فلا يكون القتل قد حصل بفعل الجاني ولا بثقله، بل يقولون إنه قد حصل بتسببه وهم يقصدون بذلك أن علاقة السببية بين فعل الجاني وبين القتل الذي حصل فإنه يُعتبر غير مباشرة، بخلاف القتل الخطأ، وما يجري مجراه فهي تُعتبر فيه مباشرة.

وبناءً على هذا الخلاف بين النوعين يُرتب من يقولون بالقتل بالتسبب عند من يقول به، وبين غيره من أنواع القتل الخطأ، أن علاقة السببية في القتل بالتسبب غير مباشرة بين فعل الجاني وبين القتل، أما في أنواع القتل الخطأ فإن العلاقة بين فعل الجاني وبين القتل تكون مباشرةً. ومن لا يقولون بهذه التفرقة ويعطون القتل بالتسبب حكم القتل الخطأ، ويَستندون في ذلك إلا أن القاتل بالتسبب تعدى فعله، وذلك بمعنى أنه أخطأ فيه، وهو لم يقصد بفعله القتل ولكن ترتب على هذا الفعل في النهاية القتل، فيكون مخطئاً ويسري عليه ما يسري على القاتل بالخطأ.

حكم القتل التسبب:

إن حكم القتل بالتسبب عند من يقول به من الفقهاء، هو وجوب الدّية على المتسبب؛ لأنه تسبب في القتل، وكان متعدياً في هذا التسبب، وليس في هذا النوع من القتل ليس فيه كفارة ولا حتى حرمانٌ من الميراث؛ لأن هذا القتل ليس فيه علاقةٌ مباشرة بين الفعل والقتل، أما من يلحقه بالقتل الخطأ، فإنه يُعطيه أحكامه.

المصدر: كتاب الحدود في الإسلام من فقه الجريمة والعقوبة، للدكتور عيسى عبد الظاهر.كتاب التعزير في الشريعة الإسلامية، للدكتور عبد العزيز عامر.كتاب أحكام التعزير الجرائم التأديبية وعقوباتها، للدكتور شعبان الكومى أحمد فايد.كتاب التعزير في الإسلام، للدكتور أحمد فتحي بهنسي.


شارك المقالة: