متى يحل للرجل إرجاع زوجته وكيف تعتد المطلقة؟

اقرأ في هذا المقال


متى يحلّ للرجل إرجاع زوجته، وكيف تعتد:

إن الطلاق يقع صحيحاً، إذا أعلنه الرجل لامرأته في بدء طهر لم يمسها فيه أو إنّ كانت حاملاً “ويُكره الطلاق وقت الحمل” وأنه لا يجوز لرجل أن يطلق امرأته ثلاثاً في وقت واحد، وأنه إن فعل ذلك كان آثماً ولزمته طلقة واحدة، والآن نأتي إلى تقرير كيفية إعادة الرجل زوجته إلى عصمته؟ وكذلك كيفية اعتداد المطلقة.

أولاً:

يجوز للرجل أن يطلّق زوجته بعد عقد النكاح، وإن لم يدخل بها وإذا حدث ذلك فلا عدة على المرأة، ويصحّ لها أن تتزوج زوجاً غيره متى تشاء، وإذا أراد الرجل العودة إلى زوجته هذه التي طلقّها قبل الدخول، فلا بد من عقد جديد ومهر جديد، ولكنها تعود إليه وليس له عندها إلا طلاقين اثنين فقط، لأنه بالطلاق الأول يكون قد استنفذ واحدة من رصيده. قال تعالى:“يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أنتمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحاً جميلاً”.الأحزاب:49.

ثانياً:

المُطلّقة بعد الدخول بها يجب أن تعتد في بيت زوجها، ولا يجوز لها الخروج منه بنفسها، ولا يجوز للرجل إخراجها، وتظل زوجة حتى انتهاء عدتها. وللرجل الحق في إرجاعها إلى عصمته طالما كانت في العدة.

ثالثاً:

عدة المطلقة تحتسب على النحو التالي:

– المرأة التي تحيض، فإن عدتها تحتسب من الطهر الذي أعلن فيه الرجل لها الطلاق، وتنتهي العدة بانتهاء ثلاثة أطهار، وبذلك ستكون العدة على النحو التالي: طهر ثم حيض، ثم طهر ثم حيض، ثم طهر فإذا انتهى هذا الطهر الثالث وشرعت المرأة في الحيض فقد وقع الطلاق وتم، وأصبحت المرأة بذلك مالكة لشأن نفسها.
–  وأما إن كانت المرأة قد بلغت سن اليأس وأصبحت ممّن لا يحيض، أو كانت صغيرة لم تحض بعد أن كانت لا تحيض لعذر ما غير الحمل فإن عدتها ثلاثة أشهر قمرية.
– وأما إن كانت المرأة حاملاً فعدتها وضع الحمل سواء قل عن ثلاثة أشهر أو زاد.
وقد جاء هذا في كتاب الله. قال تعالى:”واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن، وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً” الطلاق: 4.

رابعاً:

يجب على الرجل عند طلاق زوجته أن يشهد رجلين عدلين، وكذلك يجب عليه الإشهاد أيضاً عند إرجاعها إلى عصمته، عملاً بقوله تعالى:“فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم، وأقيموا الشهادة لله ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ومن يتق الله يجعل له مخرجاً”.الطلاق:2.
 والوجوب الذي نقول به هنا هو الأولى والأحرى، وذلك لضبط هذه الأمور وحسم الخلاف فيها. ولا يشترط هذا الإشهاد البدء بالطلاق أو الرجعة، بل يجوز حصوله بعد ذلك.

خامساً: 

تحصل الرجعة بأي قول أو فعل من الرجل يدل على ذلك فقوله: أرجعتك أو راجعتك أو نحو ذلك، كل هذا تقع به الرجوع عن الطلاق، وكذلك الجماع وهو أعظم الأدلة في هذا الباب، بل واللمس لشهوة والنظر بشهوة، ومعلوم أن المرأة في وقت العدة تكون في بيت الزوج.

سادساً:

لا يملك الرجل زوجته إلى عصمته بعد طلاقه لها إلا مرتين فقط، فإذا أوقع عليها طلاقاً ثالثاً فعند ذلك تكون قد بانت منه نهائياً، وأصبحت أجنبية عنه ولكنها لا تتزوج رجلاً غيره إلا إذا انتهت عدتها، كما مرّ في تفصيل العدة وفي هذه العدة لا تمكث المرأة المطلقة في بيت زوجها ولا نفقة ولا سكنى لها.

حكم إرجاع الزوجة بعد الطلقة الأولى:

إذا طلّقها طلقة واحدة وقد دخل أيّ قد خلا بها، أو جامعها له الرجعة؛ إذا كان قد دخل بها يعني قد وطأها، أو خلا بها خلوة كاملة بحيث أُغلق عليهم الباب وتمكّن من جماعها، فهذا إذا طلقها طلقة واحدة له المراجعة ما دامت العدة.

والعدة ثلاث حيضات، ما دام لم تحض ثلاث حِيض ولو طالت الشهور، له المراجعة، يقول: راجعت امرأتي، أو قد راجعت امرأتي، أو رددتها إلي، أو أمسكتها ونحو ذلك يكفي، والسنة أن يشهد شاهدين على ذلك؛ لقوله تعالى: “وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ” سورة الطلاق. يشهد شاهدين أنه راجعها.

وهكذا إذا كانت حامل يراجعها ما لم تضع حملها، وباقية في العدة حتى تضع الحمل فيراجعها، أما إن كانت ليست حامل وليس ذات حيض عجوز كبيرة آيسة، أو صغيرة ما تحيض، هذه عدتها ثلاثة أشهر، ثلاثة أشهر من حين الطلاق فليس له رجعة إلا بعقد جديد، إذا كانت لا تحيض؛ لكبر سنها أو لصغرها، فإنه يعيدها يراجعها قبل ثلاثة أشهر، فإن مضت الثلاثة فليس له الرجعة، إلا بعقدٍ جديد ومهر جديد وشاهدي عدل يحضران، مثل النساء الأجنبيات كأنه ما تزوجها أصلاً، إلا بعقد جديد.

أما إن كانت طلقتها قبل أن يدخل بها وقبل أن يخلو بها عقد ولكن طلق ما خلا بها ولا وطأها هذه ليس له رجعة فيها، تبين بينونة صغرى، فلا تحل له إلا بعقد جديد، إذا طلّقها طلقة واحدة ولم يدخل بها ولم يخل بها، تكفيه الطلقة ليس له
أن يراجعها إلا بعقد جديد ومهر جديد وشهود؛ لقوله تعالى:” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا“الأحزاب:49.

فإذا طلقها قبل المسيس، وقبل الجماع قبل الحيضة التي تمكّنه من الجماع كما أفتى الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم، أفتوا بأن الخلوة تقوم مقام الجماع؛ لأنها مظنّة للجماع، ومظنة أن يجامعها، فإذا خلا بها وأغلقوا الباب وتمكّن منها، ثم طلّقها طلقة له الرجعة كما تقدم، أمّا إذا كان ما خلا ولا جامع بل عقد فقط، أي حصل عقد فقط ثم طلّق، فهذا ليس له عليها عدة، تبيّن بينونة صغرى، تَحُلّ له بعقد جديد يعني بنكاح جديد وبمهر جديد، وشهود وقول الولي زوجتك، ويقول: قبلت.

المصدر: كتاب فقه الطلاق، للأستاذ عبده غالب أحمد عيسى.نظام الطلاق في الإسلام، العلامة أحمد شاكر.أحكام الطلاق في الشريعة الإسلامية، مصطفى بن العدوي.الطلاق وآثاره المعنوية والمالية في الفقه الإسلامي، للدكتورة وفاء معتوق حمزه فراس.


شارك المقالة: