مفهوم الإيداع ومشروعيته

اقرأ في هذا المقال


يحتاج بعض الناس لوضع أموالهم عند آخرين لحفظها، لمرورهم بظروف تجبرهم على تركها، مثل السفر أو عدم القدرة على حفظها، لذلك شُرع عقد الإيداع في فقه المعاملات المالية الإسلامية، فما معنى عقد الإيداع؟ وما حكمه؟ وما الحكمة من مشروعيته؟ هذا ما سنتحدث عنه في هذا المقال بإذن الله تعالى.

مفهوم الإيداع:

الإيداع هو عقد يتم بين طرفين، حيث يقوم شخص بوضع ماله عند غيره لحفظه، بسبب عدم قدرته على ذلك بنفسه لظروف قد يمر بها. وفي بعض الأحيان يُطلق على عقد الإيداع اسم الوديعة، وتعني الأمانة، أو المال المودع عند الشخص من قِبل آخر، ويمكن أن يكون الشخص صريحاً بطلب ترك المال عند غيره، أو صدور ما يدل على ذلك منه لإنشاء عقد الإيداع.

مشروعية الإيداع:

شُرع عقد الإيداع استناداً لمجموعة من الأدلة والنصوص الصريحة التي وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وإجماع علماء الفقه، فقد ورد في القرآن الكريم قوله تعالى: “إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا” سورة النساء آية 58، وفي السنة النبوية قوله _صلى الله عليه وسلم_: “أدّ الأمانة لمن ائتمنك ولا تخن من خانك” سنن الترمذي.

وأجمع علماء الفقه على مشروعية الإيداع والاستيداع، استدلالاً بالنصوص الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة، إضافة إلى حاجة الناس إلى مثل هذه المعاملات في حياتهم اليومية، كما أن الإيداع قد يكون من الحاجات الضرورية للناس في بعض الأوقات.

حكم الوديعة:

الأصل في حكم الوديعة أنها جائزة ومباحة للمودع، ومندوبة للوديع، ولكن قد يكون هناك أسباب تجعل الوديعة تأخذ أحكاماً أخرى، وهي كالتالي:

  • الوديعة واجبة: تكون الوديعة واجبة المودع في حال خوفه من فقدان ماله، مع وجود شخص يرضى بحفظها، فمن الواجبات الشرعية حفظ المال وصيانته، وعلى المودع هنا وجوب حفظ ماله. وقد تكون الوديعة واجبة على الوديع، إذا لم يوجد مَن يحفظ المال غيره.
  • الوديعة مكروهة: تكون الوديعة في بعض الأحيان مكروهة على الوديع، وذلك إذا كان غير واثق بأمانته على المال، ولم يعلم المودع بذلك.
  • الوديعة محرّمة: تحرم الوديعة على الوديع، إذا كان متأكداً من عدم قدرته على حفظ الوديعة، وقد يكون سبباً في تعريضها للهلاك، ولم يعلم المودع بذلك.

أما عن ضمان الوديعة فإنها تعتبر من عقود الأمانات، ويبقى حكمه الشرعي على أصله، ولا يضمنها المودع إلا في التقصير في حفظها، والوديعة من العقود التي تنعقد بالإيجاب والقبول، وباعتبارها عقد فإنها تنفسخ بعزل الوديع نفسه، وترتفع الوديعة ويُصبح المال أمانة يجب على الوديع ردها لصاحبها وإن لم يطلبه، وبغير ذلك يكون الوديع ضامناً.

المصدر: فقه المعاملات المالية، أحمد السعد، 2006المعاملات الشرعية المالية، أحمد إبراهيم، 2008المعاملات المالية أصالة ومعاصرة، دبيان بن محمد، 2013موسوعة فتاوى المعاملات المالية للمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية، علي جمعة محمد، 2018


شارك المقالة: