نزول الوحي

اقرأ في هذا المقال


نزول الوحي
ما وصل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى سنِّ الكمال وهو سنّ الأربعين عاماً أُرسل سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام إلى العالمين رحيماً وبشيراً ونذيراً ، ليخرج النّاس ممّا كانوا فيه من جهل وظلام فكري إلى نور العلم ، فقد بُعِثَ عليه السلام في أول شهر فبراير سنة 610 ميلادي ، حيث كان ذلك في يوم الإثنين ليلاً من السّابع عشر من شهر رمضان سنة 13 قبل الهجرة.

وفي إحدى الأيام من خلوته في غار حِراء أتى جبريل عليه السلام بأمر من الله تعالى لرسول الله في الغار، فدخل على النبي بهيئة رجل، فقال له: (إقرأ) فقال :صلى الله عليه وسلم «ما أنا بقارئ» فأخذه فغطه -أي ضمه- غطه شديدة حتى بلغ منه الجهد، وقال له ثانية:( اقرأ ) فقال: «ما أنا بقارئ» فغطّه، ثم أرسله وقال له {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}.
فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده ، فدخل على زوجته خديجة بنت خويلد فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (زملوني زملوني) ، فزملوه(تعني غطوه) حتّى ذهب عنه الخوف ، فقال لخديجة ما حصل وأخبرها الخبر، وقال: لقد خشيت على نفسي، فقالت خديجة : كلا ، والله ما يخزيك الله أبداً ، إنّك لتصل الرّحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقرئ الضيف، وتعين على نوائب الدهر، فانطلقت به خديجة إلى ورقة بن نوفل حتى أتت به ورقة بن نوفل ابن أسد وهو ابن عم خديجة ، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل ، وكان شيخاً مسناً كبيراً ، فقالت له خديجة : با ابن عم ، اسمع من ابن أخيك ، فقال ورقة: يابن أخي ، ماذا ترى ؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر ما قد رأى ، فقال له ورقة : هذا الناموس الذي نزّله الله على موسى ، يا ليتني فيها جذعاً ، ليتني أكون حيّاً إذ يخرجك قومك ، فقال رسول الله : أومخرجي هم ؟ قال : نعم ، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلّا عوديَ ، وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً ، ثمّ لم يلبث ورقة أن توفي.

 فلما  جاء الوحي برسالة ربه إلى نبيه الكريم عليه الصلاة والسلام انصرف منقلباً إلى أهله موقناً أنّه رأى أمراً عظيماً.

فترة الوحي

حُبس الوحي مدّة يسيرة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعد أول مرّة رأى فيها جبريل عليه السلام.
فقد أختلف المؤرخون في مدّة فترة الوحي، ولكن أُرجِح القول فيها أنّها مدّة أربعين يوماً،

فدخل الحزنُ قلبه الشريف عليه الصلاة والسلام، حتى كان يغدو إلى ثبير مرّة وإلى حِراء مرة أخرى يُريد أن يلقي نفسه منه.

وفي كل مرّة كان يأتيه جبريل ليربط على قلبه و يخفّف من حزنه عليه السلام ويُسكن له جأشه فيتراجع عن إلقاء نفسه و إن طالت فترة الوحي يُعيد الكرّة كما سبق، إذ كانت مدّة فترة الوحي أياماً.

عودة الوحي

نزول الوحي مرَّة أخرى و الأمر بالدعوة إلى الله

ولمّا دخل اليقين قلبه الشريف وأضحى بمعرفته أنه نبياً لله وأنّ من جاءه هو الوحي، فأصبح بعد ذلك ينتظر بشوق وارتقاب لقدوم سفير الوحي ،فبينما كان يمشي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ سمع النبي صوتاً من السماء فرفع بصره ، فكان جبريل عليه السلام الذي جاءه جالس بين السماء والأرض فأصيب النبي برعب شديد، فرجع سريعاً إلى بيته وقال : ( دثروني دثروني) وفي هذه المرَّة نزل عليه قول الله تعالى ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ *وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) صدق الله العظيم.

فكانت بداية العهد الجديد، عهد النور والرَّحمة وكان يستوجب لذلك اليقظة والفطنة والتشمير والإنذار والإعذار للعمل الجديد، فكانت مدّة دعوته بعد هذا اليوم ثلاثة وعشرون عاماً. قام بعد نزول ثاني آيات الله تعالى وبقي قائماً يدعو إلى الله والإيمان به ويبلغ الناس الرسالة ولم يسترح عليه الصلاة والسلام ولم يسكن، وحمل الأمانة الكبرى في هذه الأرض ونشرها بين الأمم يهدي الناس إلى سواء السبيل ويخرجهم من عبادة الأصنام وعبادة الناس إلى عبادة ربِّ الناس عليه أفضل الصلاة وأتمّ التسليم .

المصدر: الرحيق المختوم/ صفى الرحمن المباركفورينور اليقين / الشيخ محمد الخضريمختصر الجامع/ سميرة الزايد


شارك المقالة: