هل كان ميلاد عيسى عليه السلام ووفاته آية؟

اقرأ في هذا المقال


ميلاد عيسى عليه السلام ووفاته آية:

قال الله تعالى: “وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ۚ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا” النساء:157. نلاحظ أن الآية الكريمة الآتيه بدأت بولو العطف وما قبلها، وهو قول الحق: “فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ ۚ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَىٰ مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا” النساء:155-156. فالحق سبحانه وتعالى يَعطفُ على جرائمهم هذه الجريمة الجديدة، “إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ” وأكثر ما يُدهش في هذا القول هو كلمة “رسولُ الله” هنا من قولهم.
إنّ كانوا قد قالوها، فهذا دليل اللجاجة المُطلقة، فلو أنهم قالوا: إنهم قتلوه فقط، لكان الجرم أقل وطأة، ولكن إذا كانوا قد عرفوا أنه رسول الله ومع ذلك قتلوه فهذا جرم عظيم للغاية، أو أن كلمة “رسول الله” في هذه الآية ليست من قولهم الحقيقي، إنما من قولهم التهمكي؟ وأضرب المثل؛ لأوضح هذا الأمر: قد يأتي شخص ذو قوة هائلة ومشهورة بقوتهِ، ثم يأتي شخص آخر يضربه ويهزمه، فيقول لأتباع ذلك القوى المهزوم: لقد ضربت الفتى القوى فيكم.
إذن قد يكون قولهم: “رسول الله” هو من قبيل التهكم، أو أن تكون كلمة: “رسول الله” هنا هي من قول الحق سبحانه وتعالى ومضموناً إلى قولهم: “إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ” فكأن الحق لم يشأ أن يذكر عيسى ابن مريم إلا مرتبطاً أو موصوفاً بقوله: “رسول الله” ذلك؛ لنعلم بشاعة ما قالوه فيه وفي أمة عليهما السلام، فأراد الحق أن يُبين أن عيسى ابن مريم رسول الله رغم أنوفهم، وكأن الحق يسخر منهم؛ لأنه ما كان الله ليُرسلُ رسولاً ليُبين منهجهُ للناس، ثم يُسلطُ الناس على قتلهِ قبل أن يؤدي مهمته، إنهُ سبحانه وتعالى، قد جاء بكلمةٍ “رسول الله” هنا كمقدمة يُلفت بها الذهن إلى أن ما قالوه هو الكذب.

ضجة في ميلاد عيسى عليه السلام وضجة عند وفاته:

إنّ ميلاد المسيح كان له ضجةً، وكذلك كان لمسألة وفاتهِ ضجةً، واقتران الضجتين معاً في رسالة المسيح يَدلنا على أن العقل يجب أن يكون له وحدة تفسيرية، فحين يسمع العقل عن قضية الميلاد بالنسبة لعيسى ابن مريم عليه السلام، فلا بدّ أن يستشعر أنها جاءت على غير سنة موجودة. وحين يُبلغنا الحق أنّ بني إسرائيل بيتوا النية لقتل عيسى ابن مريم عليهم السلام وأن الله تعالى رفعهُ إليه، وهنا تكون المسألة قد جاءت أيضاً بقضية مخالفةً، ولا بدّ أن نصدق ما بلغنّا الله تعالى به كما صدقنا أن عيسى ابن مريم جاء من غير أب، فلا بدّ أن نصدق أن الحق رفعهُ في النهايةِ إليه.
إنّ الميلاد لم يكن في حدود تصور العقل لولا بلاغ الحق سبحانه وتعالى لنا، وكذلك الوفاة لا بد أن تكون مقبولة في حدود بلاغ الحق لنا، فالميلادُ والنهايةُ لعيسى عليه السلام كلٌ منهما عجيبةً، ولا بدّ أن نفهم أن العجيبة الأولى في الميلاد يجب أن تكون تمهيداً إلى أنّ عيسى ابن مريم دخلَ الوجود ودخل الحياة بأمرٍ عجيب، فلماذا لا يخرج منها بأمر بأمرٍ عجيب.


فالله تعالى حكم وقال: “وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ” وكلمة “شُبهَ لهم” وهذا دليل على الفوضى التي أوقعهم الله، تجلت حكمتهُ فيها فقد ألقى شبَههُ على واحد آخر، وذلك دليل على أن المسألة كانت غير طبيعية؛ ليس فيها حزم التبين من المتربصين القتلة، ونحنُ نعلم أن المسألة كانت كانت غير طبيعية؛ ليس فيها حزم التبين من المتربصين القتلة، ونحنُ نعلمُ أن الحواريين وأتباع عيسى عليه السلام كانوا يلفون رءوسهم ويُدارون سماتهم؛ ولذلك قال الحق لنا: “وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ” أي أنهُ قد شبه لهم أنهم قتلوه.

ماذا تعني آية شُبِهَ لَهُم؟

إنّ كلمة شُبه لهم اختلفت في الروايات، فقيل: إنهم حينما طلبوا عيسى ابن مريم ليقتلوه دخل خوخةً، والخوخة هي فتحة في باب؛ ففي البيوت القديمة كان يوجد باب صغير يسمحُ بمرور الأفراد، وفي سقف البيت توجدُ فتحةً اسمها: روزنة فلما طلبوا عيسى دخلَ الخوخة، وحينما دخل الخوخة دخلَ خلفهُ رجل اسمه تطيانوس، وعندما رأى عيسى عليه السلام هذا الأمر ألهمهُ الله تعالى أن ينظر إلى أعلى، فنظرَ فوجدَ شيئاً يرفعهُ، فلما استبطأ القوم تطيانوس خرج عليهم فتساءلوا إن كان هذا تطيانوس فأين عيسى؟ وإذا كان هذا عيسى فأين تطيانوس إذن: فقد اختلط عليهم الشبه بين تطيانوس وعيسى ، لما ألقى الله شبه عيسى على تطيانوس؟ إذن فعيسى عليه السلام باقٍ، ولم يأتِ الحق بخبرٍ موت عيسى عليه السلام، وعلى ذلك بقي الأمر على أصل ما وردت به الأحاديث من أن الله رفع عيسى عليه السلام، وما دمنا مسلمين لا نستبعد أن يكون الحق سبحانه وتعالى قد رفعه إلى السماء.

لماذا رفع عيسى عليه السلام إلى السماء؟


لأن المبدأ وجود بشر في السماء، فقد ثبت لرسولنا عليه الصلاة والسلام ولقد علمنا رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام قد عرج به الى السماء وأنه صعد وقابل الأنبياء ورأى الكثير من الرؤى، إذن فإنّ مبدأ صعود واحد من البشر من الأرض، لا يزالُ على قيد الحياة البشرية المادية إلى السماء، هو أمرٌ وارد، والخلاف يكون من المدة الزمنية لا تنقض مبد، سواء صعد وبقى في السماء ، أو ساعات، أو شهور، وقد ظن اليهود وقالوا: أنهم قتلوه وصلبوه.

وقد قال المسيح عليه السلام: أيكم يلقى شبهى عليه وله الجنه؟ فماذا يريد الحواري لنفسه أكثر من الجنة، لقد قدم عيسى عليه السلام الجائزه الكبرى لمن يدفع الثمن من أتباعه، وقبَل واحد من الحواريين هذه المهمة ويقال له: سرجى لا، فألقى شبه المسيح عيسى عليه فقتلهُ اليهود.

وقيل: أنه حينما عرف بعض من الذين ذهبوا لقتل عيسى أنه رفع، خافوا أن تنتشر هذه الحكاية بين الناس فيؤمنوا برساله عيسى، وقد ينتقم الناس من الذين أرادوا قتله؛ لذلك جاء القتلة بواحد وقتلوه، وألقى على هذا القتيل هو واحد ممن باعوا عيسى لليهود ،ولكن لما رأى المشهد ووجد المتربصين بعيسى يدخلون على الحواريين وفيهم عيسى عليه السلام؟ سأل المتربصون الحواريين :أيكم عيسى؟ فاستيقظت ملكة التوبة في نفس الذي وشى بعيسى وقاده تأنيب الضمير على خيانة الرسول الى أن قال: أنا عيسى ولم يتصور المتربصين يوحى بأنهم سيقتلون عيسى، فقتلوا الذي اعترف على نفسه دون تثبيت، إن هذا الذي باع عيسى باعهُ مقابل ثلاثين ديناراً، واختلط الأمر على القوم، فقتلوا الواشي ولم يظفروا بعيسى ابن مريم عليه السلام.

ونحن كمسلمين لا نهتمُ إهتماما كبيراً بهذه الروايات، ولكن المهم أنهم قالوا: قتلنا عيسى وصلبناهُ، فقال الله تعالى : “وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ” فكيف حدث ذلك؟ بأن رفعه الله إليه وانتهت المسألة بالنسبة لنا؛ لأننا كمؤمنبن لا نأخذ الجزئيات الدينية أولاً، ونحنُ نؤمن أولاً بمنزل هذه الجُزئيات ونصدقُ من بعد ذلك كل ما جاء من الحق سبحانه وتعالى، وأنّ البحث في هذه المسأله لا يعنينا في شيء، ويكفينا أن الحق سبحانه وتعالى قال :”وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ“.

المصدر: كتاب أطلس تاريخ الأنبياء، تأليف سامي بن عبد الله بن أحمد المغلوثكتاب حياة عيسى عليه السلام، تأليف نبيلة عبد العزيز.كتاب قصص الأنبياء تأليف الكاتب محمد متولي الشعراوي.كتاب قصص الأنبياء، تأليف الطيب النجار.كتاب قصص الأنبياء، للحافظ ابن كثير.


شارك المقالة: