وصايا الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في الرزق

اقرأ في هذا المقال


وصايا الرسول في الرزق:

كان للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم العديد والكثير من الوصايا التي كان يحث الصحابة الكرام رضوان الله عليهم وجميع الناس على قولها وفعلها والقيام بها، لما لتلك الوصايا من دور وفضل كبير في رفعة الإنسان المسلم في الدنيا والآخرة، ولما لها من نفعه كبيرة وأجر عظيم له.
الرزق: هو كل ما ينتفع به المخلوق من مالٍ أو زرعٍ أو غيرِهما، والرزق هو ما يُهيّئه الله سبحانه وتعالى للعبد وذلك بلا سعي منه وبلا نية لتحصيله.
قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه الكريم: (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [الأنعام: 151].
قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه الكريم: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ ﴾ [إبراهيم: 32].
قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه الكريم: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 132].
قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه الكريم: (قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ ﴾ [الشعراء: 75 – 79].
كتب الله عز وجل لكل العباد كل أرزاقهم وأقدارهم وأجلهم وتحديد أجناسهم وهم في بطون أمهاتهم وقبل أن يأتوا إلى هذه الحياة، وذلك هو ما روى عن البخاريّ ومُسلم عن رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- أنّه قال: “إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ قد وَكَّلَ بالرَّحمِ ملَكًا، فيقولُ: أي ربِّ، نُطفةٌ، أي ربِّ، علقةٌ، أي ربِّ، مضغةٌ، فإذا أرادَ اللَّهُ أن يقضيَ خلقًا، قالَ: قال الملكُ: أي ربِّ ذَكَرٌ أم أنثى؟ شقيٌّ أم سعيدٌ؟ فما الرِّزقُ؟ فما الأجلُ؟ فيُكْتبُ كذلِكَ في بَطنِ أمِّهِ”.
كما أن الصدقة تعتبر من أوسع أبواب جلب الرزق، والله سبحانه وتعالى يرزق المؤمن من حيث لا يحتسب، وهو ما قد جاء في الحديث الذي يرويه علي بن الحسين بن علي قوله: “اجتمع عليُّ بنُ أبي طالبٍ وأبو بكرٍ وعمرُ وأبو عبيدةَ بنُ الجرَّاحِ فتمارَوْا في أشياءَ، فقال لهم عليُّ بنُ أبي طالبٍ: انطلِقوا بنا إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نسألُه، فلمَّا وقفوا على النَّبيِّ عليه السَّلامُ قالوا: يا رسولَ اللهِ جِئنا نسألُك، قال: إن شئتم سألتموني وإن شئتم أخبرتُكم بما جئتم له، قالوا أخبِرْنا يا رسولَ اللهِ، قال: جئتم تسألوني عن الصَّنيعةِ لمن تكونُ؟ ولا ينبغي أن تكونَ الصَّنيعةُ إلَّا لذي حسَبٍ أو دِينٍ، وجئتم تسألوني عن الرِّزقِ يجلِبُه اللهُ على العبدِ، اللهُ يجلبُه عليه فاستنزِلوه بالصَّدقةِ، وجئتم تسألوني عن جهادِ الضَّعيفِ، وجهادُ الضَّعيفِ الحجُّ والعمرةُ، وجئتم تسألوني عن جهادِ المرأةِ، وجهادُ المرأةِ حُسنُ التَّبعُّلِ لزوجِها، وجئتم تسألوني عن الرِّزقِ من أين يأتي وكيف يأتي، أبَى اللهُ أن يرزُقَ عبدَه المؤمنَ إلَّا من حيث لا يحتسِبُ”.

ومن الأمور التي تجلب الرزق هي صلة الرَّحم والتي لها دور كبير في جلب الرّزق، وقطع الأرحام له سببٌ كبير لمنع الرزق، فمن يقوم بصلة رحمه يصله الله عز وجل ويرزقه، وأيضاً يزيد البركة في المال والرزق من حيث لا يحتسب، قال عليه الصّلاة والسّلام: “مَن أحَبَّ أنْ يُبسَطَ له في رزقِه ويُنسَأَ له في أجَلِه فلْيتَّقِ اللهَ ولْيصِلْ رحِمَه”.

أسباب تمنع جلب الرزق:

  • يُعد كل من ارتكاب الذنوب والمعاصي من أهم الأسبابٌ التي تمنع الرزق، فقَد يحرم الله عز وجل عبده الرزق مع أنّه مكتوبٌ له، وذلك بسبب ذنبٍ أذنبه أو بسبب أنه قد قام بمعصيةٍ أصابها، فقد روى ثوبانَ مولى رسولِ الله عن الرَّسولِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ أنَّه قال: “إنَّ الرَّجلَ ليُحرمُ الرِّزقَ بالذَّنبِ يُصيبُه”؛ فقد يكون ارتكاب المعاصي وارتكاب الذُّنوبِ هو سبب أسباب حرمان الرزق بناءً على الحديث السّابق.
  • كما أن فعل الزنا من المعاصي التي لها دور كبير في منع العبد للرزق، فعَن عبد الله بن عمر -رضِيَ اللهُ عنهُ- عن رَسولِ اللهِ -عليهِ الصَّلاة والسَّلامُ- أنَّه قال: “الزِّنا يورِثُ الفقرَ”، حيث أن النبي الكريم محمد -عليه الصلاة والسلام- كان قد ربط الزِّنا بالفَقر في العديد من المواضع، وفي الحديث السابق يُشير الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إلى دور الزّنا في منع الرزق.
  • ومن المعاصي التي تمنع الرزق أيضاً الربا ونسف الحلال، فعن عَمرو بن العاصِ -رضِيَ الله عنهُ- عن رَسولِ الله -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- أنَّهُ قال: “ما مِن قومٍ يَظهرُ فيهِمُ الرِّبا إلَّا أُخِذوا بالسَّنةِ وما مِن قومٍ يَظهرُ فيهم الرِّشا إلَّا أُخِذوا بالرُّعبِ”، حيث أن هذا الحديث يُشير إلى أن أي شخص يكون مبدأ عمله قائم على أساس الربا فسيخسر ويهلك، كما أن للربا الأثر الكبير الذي يظهر على الصحة والنفس والمال، فبالربا تقل البركة، وسيعم المرض والهلاك، وقد قال الله سبحانه وتعالى في معنى ذلك: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ.
  • ومن أسباب قطع الرزق هو نقص المكيال والمِيزان، حيث يشهد تاريخُ الأمم على صِدقِ ووضوح ذلك السَّببِ، فقد أخبر بِهذا الرَسول الكريم محمد -عليه الصلاة والسلام- وقد كان محذراً أمتهُ من الفقر والخراب.
    رَوى عبد الله بن عُمر: “أقبلَ علينا رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، فقالَ: يا معشرَ المُهاجِرينَ خمسٌ إذا ابتُليتُمْ بِهِنَّ، وأعوذُ باللَّهِ أن تدرِكوهنَّ لم تَظهَرِ الفاحشةُ في قومٍ قطُّ حتَّى يُعلِنوا بِها إلَّا فَشا فيهمُ الطَّاعونُ والأوجاعُ الَّتي لم تَكُن مَضت في أسلافِهِمُ الَّذينَ مَضوا، ولم ينقُصوا المِكْيالَ والميزانَ إلَّا أُخِذوا بالسِّنينَ وشدَّةِ المئونَةِ وجَورِ السُّلطانِ عليهِم، ولم يمنَعوا زَكاةَ أموالِهِم إلَّا مُنِعوا القَطرَ منَ السَّماءِ، ولَولا البَهائمُ لم يُمطَروا ولم يَنقُضوا عَهْدَ اللَّهِ وعَهْدَ رسولِهِ إلَّا سلَّطَ اللَّهُ عليهم عدوًّا من غيرِهِم، فأخَذوا بعضَ ما في أيدَيهِم، وما لَم تَحكُم أئمَّتُهُم بِكِتابِ اللَّهِ ويتخيَّروا مِمَّا أنزلَ اللَّهُ إلَّا جعلَ اللَّهُ بأسَهُم بينَهُم”.
  • وإنّ من أبرز الأمور التي تمنع الرزق هي قطع الرحم وذلك نتيجةً لما قام به القاطع من القطيعةُ لرحمه وأهله، كما أن قاطع الرحم سيصاب بالهم والغم، وتنزع البركة من ماله ورزقه.

المصدر: كتاب "فقه السيرة" للمؤلف محمد غزاليكتاب "السيرة النبوية" للمؤلف الإمام أبي محمد عبد الملككتاب "اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون" للمؤلف موسى بن راشد العازميكتاب " السيرة النبوية الذهبي" للمؤلف شمس الدين الذهبي


شارك المقالة: