وفد بني تميم

اقرأ في هذا المقال


 جاء للنبي صلى الله عليه وسلم العديد من الوفود من مختلف القبائل العربية، وكان من تلك الوفود وفد بني تميم.

سبب قدوم وفد بني تميم

 وكان سبب قدوم وفد بني تميم هو أنّهم أغاروا على قوم من قبيلة خزاعة، فأرسل إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابي عيينة بن حصن الفزاري، وكان مع عيينة عدد خمسين رجلاً لم يكن منهم أحد من الأنصار أو المهاجرين، عندها أسر منهم أحد عشر رجلاً، وأيضاً أسر إحدى عشرة امرأة، ومعهم  أيضاً ثلاثين من الصبيان.

 وبعد ذلك جاء رؤساؤهم وأشرافهم وزعامات بني تميم بسبب أسراهم، حيث جاؤوا في وفد عظيم وكبير، وكان من ذلك الوفد الكبير: (عطارد بن حاجب، وكان معهم الأقرع بن حابس، وأيضاً الزبرقان بن بدر، وكان معهم عمرو بن الأهتم، ومعهم قيس بن عاصم)، ثم دخل الوفد المسجد، وقد أذّن الصحابي بلال بن رباح لصلاة الظهر وكان الناس ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يخرج إليهم ويصلي بهم، عندها تعجل الوفد، فأخذوا ينادون النبي من خلف حجرات نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا يقولون: “اخرج يا محمد فإنّ مدحنا زين، وذمنا شين”. وأكثر الوفد من ذلك النداء البعيد والعاري عن الأدب في مخاطبة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.

فآذى هذا النداء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله بسبب هذا النداء ذلك التأديب الإلهي الرباني، حيث كان التأديب موبخاً لهم على ما قاموا بفعله تجاه النبي، فقال عزّ شأنه: {إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ. وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}…. سورة الحجرات.

وعندما خرج إليهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي: (يا محمد جئناك نفاخرك، فأذن لشاعرنا وخطيبنا)، فقال سيدنا محمد: “قد أذنت لخطيبكم فليقل”. حينها قام رجل اسمه عطارد بن حاجب فخطب خطبته وبعد ذلك جلس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس وكان يعرف ثابت بأنّه خطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم: “قم فأجب الرجل في خطبته” فقام ثابت بن قيس وقال أحسن ممّا قاله عطارد بن حاجب، وبعد ذلك قام رجل اسمه زبرقان بن بدر والذي هو شاعرهم فقال حينها عدّة أبيات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت وهو شاعر النبي : “قم يا حسان فأجب الرجل فيما قال” فقال حسان بن ثابت عدة ابيات وهذه أبيات من مطلعها:

إنّ الذوائب من فهر وإخوتهم … قد بينوا سنّة للناس تتّبع

يرضى بها كل من كانت سريرته … تقوى الإله وبالأمر الذي شرعوا

قوم إذا حاربوا ضرّوا عدوّهم … أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا

سجية تلك فيهم غير محدثة … إنّ الخلائق- فاعلم- شرّها البدع

فلما انتهى الصحابي حسان بن ثابت من قصيدته قال رجل اسمه الأقرع بن حابس: “وأبي إنّ هذا لمؤتى له”، أن خطيبه أخطب من خطيبنا، وأنّ شاعره أشعر من شاعرنا، وحتى أصواتهم أعلى من أصواتنا.

وبعد ذلك أسلم الوفد وجوّزهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى أنّه أحسن جوائزهم، وعندما قدم الوفد سأل رسول الله صلى الله علييه وسلم رجل اسمه عمرو بن الأهتم عن الزبرقان بن بدر فقال عمرو للنبي: “الزبرقان مطاع في أدنيه، شديد العارضة، مانع لما وراء ظهره”، لكن بعد ذلك قال الزبرقان: “لقد علم مني أكثر ممّا قال، وما منعه أن يتكلم إلا الحسد”، حينها قال عمرو بن الأهتم: (ل تحسبني أحسدك؟ لكن والله إنّك للئيم الخال، حديث المال، أحمق الوالد، مضيّع في العشيرة، ولقد صدقت فيما قلت أولا، وما كذبت فيما قلت آخراً، ولكنّي رجل إذا رضيت قلت أحسن ما علمت، وإذا غضبت قلت أقبح ما وجدت)، لكن بعد ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنّ من البيان لسحرا”

من الصحابة الذين كانوا من وفد بني تميم:

  •  الصحابي الأقرع بن حابس المجاشعي التميمي رضي الله عنه وكان من سادات وزعماء العرب، وكان من قضاتهم وحكمائهم، وقد شهد مع الرسول محمد صلى الله عليه وسلم  فتح مكة وغزوة الطائف وغزوة حنين وكان الأقرع من المؤلفة قلوبهم.
  • الصحابي قيس بن عاصم المنقري التميمي رضي الله عنه : كان قيس بن عاصم سادات وزعماء العرب وقد جاء إلى رسول الله عليه فقال له: “هذا سيد أهل الوبر” ويقصد قيس (أي سيد أهل البادية). وكان قيس بن عاصم فارساً شريفاً عظيم الشان والقدر، وله أفعال حسنه في حروب الردة.
  • الصحابي سمرة بن عمرو العنبري التميمي رضي الله عنه، ويعتبر سمرة من زعماء وسادات العرب، وكان له بلاء حسن في وقت حروب الردة، وقد استعمله الصحابي خالد بن الوليد ليكون أميراً على اليمامة، وكان ذلك بعد معركة الحديقة في السنة الحادية عشرة من الهجرة النبوية الشريفة.
  • الصحابي خباب بن الأرت السعدي التميمي رصي الله عنه، والذي يعتبر من السابقين الأولين للإسلام، وكان خبّاب سادس ستة في الإسلام، حيث شهد المشاهد كلها مع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وتوفي خباب بن الأرت في زمن خلافة سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، في السنة السابعة والثلاثين للهجرة النبوية الشريفة.
  • الصحابي الجليل واقد بن عبد الله اليربوعي التميمي رضي الله عنه، كان واقد من السابقين الأولين للإسلام، وواقد هو أول من قتل في الإسلام قتيلاً من المشركين، وشهد مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم المشاهد كلها.
  • الصحابي القعقاع بن عمرو التميمي رضي الله عنه، وهو من القادة المسلمين العظام، وله بلاء كبير وعظيم في معركة القادسية وفي الفتوحات الإسلامية. قال فيه الصحابي أبو بكر الصديق: “لصوت القعقاع في الجيش خير من ألف رجل”. حيث شهد القعقاع فتح دمشق، وعدداً من فتوحات العراق، وله في ذلك أشعار مشهورة.
  • الصحابي حنظلة بن الربيع الأسدي التميمي رصي الله عنه، وهو من كتاب الوحي، وكان يسمّى بحنظلة الكاتب، بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أهل الطائف، وقد شهد حنظلة  القادسية. وقد اعتزل حنظلة الفتنة التي كانت بين علي ومعاوية، توفي حنظلة في زمن خلافة معاوية.
  • الصحابي زهرة بن الحوية السعدي التميمي رضي الله عنه، هو صحابي جليل أسلم مع وفد هجر، وكان زهرة من القادة المسلمين في معركة القادسية، وهو الذي قاتل قائد الفرس الجالينوس.
  • الصحابي الأسلع بن شريك الأعرجي التميمي رضي الله عنه خادم الرسول وصاحب راحلته.
  • الصجابي حبيب بن خراش اليربوعي التميمي رضي الله عنه، هو صحابي جليل قديم الإسلام، شهد حبيب غزوة بدر مع الرسول.

المصدر: الرحيق المختوم/ صفى الرحمن المباركفورينور اليقين/محمد الخضريمختصر الجامع/ سميرة الزايد


شارك المقالة: