أعمال الفيلسوف روجر بيكون

اقرأ في هذا المقال


روجر بيكون الفيلسوف الإنجليزي الفرنسيسكاني والمصلح التربوي الذي كان رائدًا مؤيد القرون الوسطى للعلوم التجريبية، والذي درس الرياضيات وعلم الفلك والبصريات والكيمياء واللغات، وكان أول أوروبي يصف بالتفصيل عملية صنع البارود، واقترح آلات طيران وسفن وعربات آلية، وفي الواقع تم الحديث عن دراساته في كل مكان وفازت به في النهاية مكانًا في الأدب الشعبي كنوع من العامل المعجزة، لذلك يمثل بيكون تعبيرًا تاريخيًا مبكرًا عن الروح التجريبية للعلوم التجريبية، على الرغم من أنّ ممارسته الفعلية لها تبدو مبالغا فيها.

الأعمال المبكرة:

وذلك في الفترة من الأربعينيات إلى الخمسينيات من القرن الماضي، فخلال الفترة التي قضاها في كلية الآداب بجامعة باريس ألقى بيكون محاضرات حول العديد من النصوص الأرسطية ما يسمى بكتاب طبيعي (libri naturales)، بما في ذلك حول الروح وفي العقل والمعقول والفيزياء والميتافيزيقيا وربما عن الجيل والفساد.

ولم تنج كل هذه المحاضرات حيث لدينا نسخ من محاضرتين في الفيزياء، وثلاث محاضرات عن كتب مختلفة عن الميتافيزيقا بالإضافة إلى محاضرات عن الأعمال الأرسطية الزائفة وكتاب الأسباب وعن النباتات.

شكلت هذه المحاضرات هو أسئلة، والتي تنطوي على عرض تقديمي للشرح والأسئلة الحرجة جنبًا إلى جنب مع التعليقات التفسيرية، وتمثل هذه المحاضرات أقدم تعاليم بيكون حول موضوعات مثل السببية والحركة والوجود والروح والجوهر والحقيقة، ولم يكتب بيكون أسئلة بيكون بنفسه لكنها تتكون من ملاحظات كتبها طلابه خلال محاضراته.

ربما تم فحص هذه الملاحظات لاحقًا بواسطة بيكون للتأكد من دقتها، وباستثناء مجموعة من الأسئلة حول الفيزياء من الثاني إلى الرابع فإنّ هذه الكتابات بقيت في مخطوطة واحدة، وهذه المحاضرات جنبًا إلى جنب مع محاضرات ريتشارد روفوس من كورنوال تشير إلى بعض أقدم الفحوصات المعروفة لأرسطو الميتافيزيقيا و الكتاب الطبيعي من كلية الآداب في باريس.

خلال الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي ألف بيكون سلسلة من الأعمال حول مسائل منطقية ونحوية تتعامل مع المسائل النحوية والدلالية:

  •  تشمل هذه الخلاصة النحوية (ملخص القواعد النحوية).
  • الخلاصة السفسطة والتمييز (ملخص الروحانيات والتمييز).
  • لهجات الخلاصة، وهي ملخص الديالكتيك حيث ربما اكتمل بعد عودة بيكون إلى أكسفورد في خمسينيات القرن الثاني عشر.

تظهر هذه الأعمال أنّ بيكون كان من أوائل مؤيدي ما يسمى بمنطق المصطلح، حيث أشار علماء العصور الوسطى إلى منطق المصطلح النهائي باسم المنطق المعاصر (Logica Modernorum أو Moderna)، وقد نشأ من قبل علماء مثل وليام شيروود للأعوام 1266-1272 وبيتروس هيسبانوس عام 1277، وتم استدعاء المنطق المعاصر من قبل سادة القرون الوسطى أنفسهم من أجل وصف وتمييز نهجهم السياقي الجديد تجاه المنطق، والذي يتألف من التركيز على تحليل الخصائص الدلالة للمصطلحات في سياق افتراضي بالإضافة إلى سياق عملي.

في وقت ما في أواخر الخمسينيات من القرن العشرين أو أوائل الستينيات من القرن السادس عشر ألف بيكون أطروحة أخرى بعنوان حول تكاثر الأنواع (De Multiplicatione Specierum)، وفي هذا العمل طور بيكون عقيدة اعتبرها مركزية في فلسفته الطبيعية، وعلى وجه التحديد كان يهدف في هذا العمل إلى شرح السببية الطبيعية من خلال مفهوم الأنواع.

أعمال للبابا كليمنت الرابع:

وذلك في الأعوام 1266-1268، والأعمال التي اشتهر بها بيكون في هذه الفترة على نطاق واسع هي مجموعة من الكتابات بتكليف من البابا كليمنت الرابع، والتي تضم:

  • العمل العظيم (Opus Maius).
  • العمل الأصغر (Opus Minus).
  • العمل الثالث (Opus Tertium).

وكل هذه الأعمال بلاغية بمعنى أنّ بيكون حاول إقناع البابا بدعم أبحاثه ومساعدته على تنفيذ إصلاحه المتوقع للدراسات، فقد كان برنامج الإصلاح الذي اقترحه بيكون واسع النطاق للغاية وشمل دراسة اللغات والرياضيات والعلوم الطبيعية والفلسفة الأخلاقية واللاهوت.

تم توثيق الظروف التي قام فيها بيكون بتأليف هذه الأعمال بشكل جيد في تصريحاته الخاصة، وفي وقت ما في أوائل ستينيات القرن التاسع عشر سعى بيكون للحصول على رعاية الكاردينال جاي دي فولك المندوب البابوي لإنجلترا خلال الحرب الأهلية.

من المراسلات التي تلت ذلك أصبح من الواضح أنّ الكاردينال لن يوفر الأموال التي يحتاجها بيكون لإكمال كتاباته لكنه مع ذلك مهتم بأفكار بيكون الإصلاحية، وطلب من بيكون أن يرسل له كتاباته، ومع ذلك لم يكن لدى بيكون ما يرسله إلى الكاردينال لأنّ إكمال أعماله تطلب أموالًا للكتب والمعدات العلمية والنسخ وهذه الأموال لم يكن بيكون يملكها.

في عام 1265 تغير الوضع بشكل كبير عندما تم انتخاب الكاردينال جاي دي فولك البابا كليمنت الرابع، وسرعان ما أرسل بيكون إلى البابا الجديد خطابًا يطلب المساعدة، ورد عليه البابا في يونيو 1266 طالبًا بيكون أن يرسل الكتابات التي تحتوي على علاجات للمشاكل الحرجة التي ذكرها بيكون له قبل بضع سنوات وأن يفعل ذلك في أسرع وقت ممكن وسرية، ومع ذلك في عام 1266 لم تكن الاحتياجات المالية لبيكون مختلفة عن السنوات القليلة الماضية.

بالإضافة إلى مأزق بيكون المالي كان هناك عامل آخر معقد في العمل، حيث كانت الرهبانية الفرنسيسكانية في وقت الأزمة بشأن القضايا العقائدية ونتيجة الاستجابة لهذه القضايا، وفرض الفصل العام في ناربون عام 1260 رقابة صارمة على الأمر، ونهى عن الاتصال المباشر مع البابوية كوريا (curia).

في ظل هذه الظروف من الأموال غير الكافية وضغط الوقت والتواصل المحظور مع البابا والشكوك المتزايدة داخل النظام ضد الميول العلمية والروحية الخاصة بيكون، اضطر بيكون إلى تأليف عمل أقصر بكثير وأكثر بلاغية (أو إقناع)، بدلاً من عمل أطول (نصي أساسي) تصوره في الأصل.

ففي فترة قصيرة من الزمن أكمل بيكون العديد من الكتابات منظمًا بشكل بلاغي بطريقة تقنع البابا بأفكاره على أفضل وجه، وفي أواخر عام 1267 أو أوائل عام 1268 أرسل العمل العظيم (Opus Maius) مُرقَّعًا جزئيًا معًا من الكتابات السابقة والعمل الأصغر (Opus Minus).

كما كان من الممارسات الشائعة أن يستعير بيكون من أعماله الأخرى، حيث احتوى الجزء الرابع من العمل العظيم (Opus Maius) على اختصار لحول تكاثر الأنواع (De Multiplicatione Specierum) السابق، وربما لم يتم إرسال العمل الثالث (Opus Tertium) أبدًا ووصلت الأعمال بأمان، ومع ذلك منذ وفاة البابا عام 1268 لا يزال من غير المعروف ما إذا كانت لديه فرصة لدراسة أعمال بيكون، وإذا كان قد فعل ذلك فكيف حصل عليها.

الأعمال اللاحقة:

وذلك في أواخر ستينيات القرن الثاني عشر إلى عام 1292، وعلى الرغم من ندرة الأدلة التاريخية على مكان وجود بيكون خلال المرحلة الأخيرة من حياته المهنية فمن المؤكد أنّه ظل نشطًا، وفي أواخر ستينيات القرن التاسع عشر وأوائل سبعينيات القرن التاسع عشر بينما كان لا يزال في باريس ربما عمل في الرياضيات المشتركة (Communia Mathematica) والطبيعية المشتركة (Communia Naturalium).

وربما تمت كتابة الملخص الجدلي فلسفة التأسيس (Studii Philosophiae (CSP)) حوالي عام 1272، ولقد وضع قواعد نحوية أساسية لكل من اليونانية والعبرية، وكتب أيضًا رسالتين طبيتين:

  • الاخطاء الطبية (De Erroribus Medicorum).
  •  الترياق (Antidotarius).

وفي وقت ما خلال العقدين السابقين على وفاته أكمل نسخته المفصلة من السر الزائف الأرسطي الذي أعد له تنقيحًا للنص وعلق عليه وكتب أطروحة تمهيدية مصاحبة، وكان آخر أعماله الذي كتبه عندما كان يبلغ من العمر سبعين عامًا تقريبًا عبارة عن أطروحة حول السيميائية، وخلاصة وافية لدراسات اللاهوت (Studii Theologie) وهي رسالة غير مكتملة.

المصدر: Roger BaconRoger Bacon (1214–1292)Adamson, Robert, 1876, Roger Bacon: The Philosophy of Science in the Middle Ages, Manchester.Carton R (1923) L’experience physique chez Roger Bacon. J. Vrin, Paris


شارك المقالة: