اقتباسات من رواية يا صاحبي السجن

اقرأ في هذا المقال


إنّ السّجنَ حياةٌ داخلَ حياةٍ ..مدينةٌ داخلَ مدينةٍ ..عالمٌ لا يشبهُ أيّ عالمٍ آخر.

أيمن العتوم

لقد علّمتني المحن أنّني يمكن أنْ أكون تلميذاً ناجحًا في مدرستها.

الموت والحياة لاعبان محترفان يمارسان دورهما بإتقان دون أن يسبّب أحدهما للآخر الارتباك.

لماذا تغيب الشمس؟! لتسمح للّيل بالقدوم!! ولماذا تغيب البذرة في جوف الثّرى المُظلم؟! لتسمح لأوراقها من بعد بالظُّهور في مدى الفضاء المنير!!

وكان بينهم وبين الموت ثانيه أو أقل، غير أنهّم لم يعبؤوا بذلك أبدًا، وكانت الثقة وهم يسيرون وسط هذه الألغام أكبر من أن تُزعزعها فكرة الموت، أو الانتقال في لحظةٍ خاطفة إلى حياة الآخره. لقد كانو يقولون: إنّ أوطاننا لا تقتلنا.

للكتب مذاق الخلود ،ونكهة الأمل ، ولمسة من شجن ، ورفّة من عشق ..

نعشق فنقرأ ! نجوع فنقرأ ! يباغتنا الحرمان فنهرب إلى القراءة، ويأكل النّدمُ أصابعنا فنعيد ترميمها بتقليب صفحاتِ كتابٍ استبقيناه في ذاكرة حُلوة لم تُطِل المُكوث.

إنّ السّجن حياة داخل حياة ..مدينة داخل مدينة..عالم لا يشبه أي عالم آخر. لم أكنْ قد قررّت أي الحياتين أفضل أو أكثر غنى، وأيُّ المدينتين أكثر إدهاشاً.

مساكين أولئك الذين ظنوا أنَّ الموت أو الغياب السّحيق سوف يُودِي بصاحب الجبّ، لم يَدُرْ في خلدهم يوماً أن الفضاءات المطلقة تبدأ من الجُحور الضيّقة، هنالك تصنع الحياة، ويُعاد ترتيب مُكوّناتها، هناك يتهجّأ الإنسان حروف ولادته من جديد.

إذا يستطيعالإنسان حتّى لو كان في السّجن أن يُمارس طقوس الحرية التي وُلدت معه!!! ويمكنه من خلال الأسلاك الشّائكة أن ينظر إلى الأفق !! إنّ الحواجز المادية تبدو بسيطة ضئيلة ليست ذات قيمة أو أهميّة أمام فضاءات الرّوح.

الحلول الوسط في العشق تبدو كارثيّة وإنْ كانت لا تفضي إلى الموت، إلا أنّها تغيّبك في المنطقة الرّمادية الخافية عن الأعين كلّها.

حنيني إلى وجه يُعيد لي شجرتي الحزينة ، ويحميني من قلقي الجارح ، كان أكبر من أنْ يُحتمل، غير أنّنا نُداريه ونحن نمشي الى غير غاية، ونلهث خلف لا شيء. 

أحفظ هذه الأمكنه غيباً ..غير أنّي شعرت أنّي في عالم ، والنّاس في عالم آخر ..لم يُعرني أحد من المارّه أدنى اهتمام، أيُعقل أن تُسلب حريتّي بهذه الطريق ولا ينتبه إليّ أحد ؟! أين من يحسّ بطوفان المشاعر التي تجتاحني الآن.


شارك المقالة: