اقتباسات من قصيدة أرى ما أريد

اقرأ في هذا المقال


لا تُبَعثرما تبقَّى من حُطام سمائِنا. يا حبُّ قد عذّبتنا .


محمود درويش

الكونُ أَصغرُ من جناح فراشَةٍ في ساحة القلب الكبيرِ.

وكُلُّ قلبْكونٌ من الأسرار . طيروا كي تطيروا . نحن عُشَّاقٌ وحسبْ

قلنا ، وقد مِتناً مراراً وانتشيْنَا : نحن عُشَّاقٌ وحسبْ

منفىً هي الأشواقُ . منفَى حُبُّنا.

أرى ما أُريدُ من الحُبّ.. إنّي أرى

خيولاً تُرقّص سهلاً، وخمسين غيتارةً تتنهّدْ

وسرباً من النّحل يمتصُّ توت البراري، فأُغمض عينيّ

حتى أرى ظلّنا خلف هذا المكان المُشرّد.

الحُروب تُعلّمنا أن نُحبّ التفاصيل شكل مفاتيحِ أبوابنا

أنْ نمشّط حنظتنا بالرُّموش، ونمشي خِفافاً على أرضِنا،

أنْ نقدّس ساعاتِ قبل الغروب و على شجر الزِنْزِلَختْ.

عذَّبْتَنَايا حبُّ . من سَفَرٍ إلى سَفَرٍ تُسَفِّرنا سدى . عَذَّبتنَا ،

غَرَّبتنا عن أهلنا ، عن مائنا وهوائنا . خَرَّبتنَا . أفرغتَ

ساعات الغروب من الغروب . سلبتنَا كلماتنا الأُولى

نهبْتَ شُجَيْرةَ الدُرَّاق من أيامنا ، وسلبتنا أيامنا . يا

حُبُّ قد عَذَّبتَنا ، ونهبتنَا . غرّبْتنَا عن كُلِّ شيء واحتجبْتَ

وراء أوراق الخريف . نهبتنا يا حبّ.

لم تترك لنا شيئاً

صغيراً كي نُفَتِّش عنكَ وكي نقبِّل ظلِّه ، فأتركْ

لنا في الروح سنبلة تحبُّكَ أَنت . لا تَكْسِر زُجَاجَ

الكون حول نِدائنا . لا تضّطربْ . لا تصْطخبْ . واهدأْ

قليلاً كي نرى فيك العناصر وهي ترفع عُرْسَها الكُليَّ

نحوك . واقتربْ منا لنُدرك مَرَّةً : هل نستحقُّ

بأن نكون عبيد رَعْشَتِكَ الخفيةِ ؟

لا تبعثر ما تبقَّى من حُطام سمائنا . يا حبُّ قد عذّبتنا ، يا

حب ، يا هِبَةً تُبَدِّدُنا لترشد غيبنا فيهبّ

هذا الغيب ليس لنا وليس لنا مصبُّ النهر،

والدنيا تهبُّ أمامنا ورقاً من السّرْوِ القديم ليُرْشدَ

الأشواق للأشواق . 

أَرى ما أُريد من النّاس: رغبتَهمْ في الحنينْ

إلى أيِّ شيء. تباطُؤهم في الذّهاب إلى شُغْلِهمْ

وسُرْعتَهُمْ في الرُّجوع إلى أهلهمْ … وحاجتهم للتحيِّةِ عند الصباح .


ستنجب الأُم الحزينة إخوةً ليعمِّروا منفىالنّشيدِ .

ستنجب الأْم الحزينة إخوةً كي يسكنواسعفَ النخيل إذا أرادوا أو سُطوح خيولنا.

وستنجبالأمُّ الحزينةُ إخوة ليتوِّجُوا هابيلَهُمْ ملكاً على عرش الترابْ

لكنَّ رحلتنا إلى النّسيان طالت . والحِجاب أمامنا غطّى الحجابْ

ولَعَلَّ منتصفَ الطّريق هو الطّريق إلى الطّريق من سحابْ

ولعلنا ، يا هُدهدَ الأسرار ، أشباحٌ تفتِّش عن خراب.


شارك المقالة: