حكاية الأم المسنة

اقرأ في هذا المقال



تُعرف هذه الحكاية الشعبية اليابانية باسم قصة الأم المسنة، وفقًا للأدب الأمريكي حيث كتب هذه الحكاية الشعبية اليابانية الشاعر الياباني ماتسو باشو. تدور القصة حول الابن ووالدته الذين يمرون بتجارب حاكم قاسي يعاني من صعوبة في كبار السن في أرضه ويصدر أوامر قاسية، بما في ذلك طلب التخلي عن جميع كبار السن وتركهم ليموتوا.

الشخصيات:

  • الأم المسنة.
  • الابن

قصة الأم المسنة:

منذ زمن بعيد عاش هناك مزارع فقير وأمه العجوز الأرملة عند سفح الجبل وكانوا يمتلكون قطعة أرض تمدهم بالطعام، وكانوا متواضعين ومسالمين وسعداء، ولكن كان يحكم بلادهم زعيم مستبد ورغم كونه محاربًا، إلا أنه كان جبان كبير يخاف من أي شيء يؤدي لفشل والقوة والصحة وهذا ما جعله يرسل إعلاناً قاسياً في أنحاء البلاد حيث أعطى المقاطعة بأكملها أوامر صارمة لإعدام جميع المسنين على الفور.
ولكن في تلك الأيام ولم تكن عادة التخلي عن كبار السن ليموتوا أمرًا شائعًا، وكان ذلك المزارع الفقير يحب والدته المسنة بوقار وعندما علم بإعلان الحاكم ملأ الأمر قلبه بالحزن ولكنّه لم يفكر في الانصياع لأوامر الحاكم، لذلك وبعد تفكير طويل ومع العديد من التنهدات العميقة واليائسة، استعد الشباب لما كان يعتبر في ذلك الوقت أروع طريقة للموت وهو العزل وحيداً في مكان بعيد.
عند غروب الشمس وبعدما انتهى يومه من العمل، أخذ كمية من الأرز الأبيض وهو كان الغذاء الرئيسي للفقراء وقام بطهيه وتجفيفه وربطه بقطعة قماش مربعة ثم قام بتعليقه في حزمة حول منزله ثمّ ملأ القرع بالماء البارد ثم حمل والدته العجوز البائسة على ظهره وبدأ في رحلته المؤلمة إلى أعلى الجبل حيث كان الطريق طويلًا ومنحدرًا، وقام بعبور الطريق الضيق الذي كان يتخلله العديد من المسارات التي لم يستطع عبورها الصيادون وقاطعوا الخشب قبله وكان يتسلق صعودًا نحو القمة العارية العالية بشكل أعمى لما يعرف باسم أوباتسوياما أو جبل “هجر المسنين”.
لم تكن عينا الأم العجوز التي تعاني من ضعف البصر قاتمة للغاية، لكنهما لاحظتا الإسراع المتهور لابنها من طريق إلى آخر وأصبح قلبها المحب قلقًا ولم يكن ابنها يعرف طرق الجبل العديدة وقد تكون عودته خطرة لذلك مدت يدها وكانت تقطع الأغصان من الشجر أثناء مرورها، وكانت تسقط بهدوء حفنة كل بضع خطوات على الطريق حتى لا يتوه ابنها أثناء عودته، حيث أصبح المسار الضيق خلفهم منقوشًا بأكوام صغيرة من الأغصان.
في النهاية قاموا بالوصول إلى القمة حيث كان الشاب مرهقًا ومتعب القلب، ثمّ وضع الشاب أمه عن ظهره بلطف وأعدّ بصمت مكانًا مريحاً كواجبه الأخير تجاه والدته ثمّ جمع إبر الصنوبر الساقطة وصنع منها وسادة ناعمة ورفع أمه العجوز برفق عليها حيث قامت هي بلف معطفها المبطّن عن كثب حول كتفيها المنحدرين وبعيون دامعة وقلب مؤلم قال وداعًا.
كان صوت الأم المرتعش مليئًا بالحب حين قالت له كلماتها الأخيرة: لا تعمي عيناك يا بني، الطريق الجبلي مليء بالمخاطر، انظر بعناية واتبع المسار الذي يحمل أكوام الأغصان سيرشدونك إلى المسار المألوف إلى أسفل ثمّ نظرت عيون الابن المتفاجئة إلى الوراء على الطريق مرة و إلى أمه المسنة المسكينة ويديها المنكمشة المخدوشة والمتسخة بفعل تقطيعها الأغصان من أجله فانكسر قلبه وانحني على الأرض، وصرخ بصوت عالٍ: يا أمي المسكينة، لطفك وحبك يكسر قلبي، لن أتركك سنتبع طريق الأغصان معاً، وسنموت معاً.
مرة أخرى حمل أمّه على ظهره وسارع عبر الطريق وعبر الظلال وضوء القمر، إلى الكوخ الصغير في الوادي وهناك تحت أرضية المطبخ كانت هناك خزانة جدارية للطعام والتي كانت مغطاة ومخفية عن الأنظار، وهناك أخفى الابن والدته وأصبح يمدها بكل ما تحتاجه، ويراقبها باستمرار ويخشى أن يتم اكتشافها، ومع مرور الوقت بدأ يشعر بالأمان، وفي أحد الأيام أرسل الحاكم مرة أخرى جنوده يحملون أمرًا غير معقول من الحاكم، وعلى ما يبدو كان ذلك تفاخرًا بسلطته وكان مطلبه أن يقدم له رعاياه حبلًا من الرماد.
ارتجفت المقاطعة بأكملها من الرعب بهذا الأمر ولكن يجب عليهم إطاعة أمر الحاكم ولكن من يستطيع صنع حبل من الرماد؟ وذات ليلة كان الابن يفكر بهذه المحنة الشديدة فذهب وتحدث بالخبر لأمه التي لا زالت مخفية، قالت له أمه: انتظر سأفكر. وفي اليوم الثاني أخبرته ماذا يفعل حين قالت: اصنعوا حبلًا من القش الملتوي فمدّوه على صف من الحجارة المسطحة واحرقوه في ليلة بلا ريح فقام ابنها بدعوة الناس معًا وفعلوا ما قالت، وعندما خمدت النيران كان هناك حبل من الرماد على الحجارة، مع ظهوره بشكل خيوط وألياف بشكل مثالي.
بعدما عرف الحاكم بهذا كان مسرورًا بذكاء الشاب ومدحه كثيرًا، لكنه طالب بمعرفة من أين حصل على حكمته وفكرته لصنع هذا، عنده خاف الشاب وهو يفكر بوالدته حيث يجب قول الحقيقة، ثمّ قرر أن يروى قصته للحاكم بعد أن استمع الحاكم لقصته ثم تأمل في صمت، وأخيراً رفع رأسه وقال بجدية: الذكاء يحتاج إلى أكثر من قوة الشباب. كان يجب أن أنسى القول المشهور: بتاج الثلج تأتي الحكمة! وفي تلك الساعة بالذات تم إلغاء القانون القاسي، وانجرفت هذه العادة إلى ماضٍ لم يبقَ منها سوى الأساطير.


شارك المقالة: