الفلسفة الأخلاقية لسيدجويك

اقرأ في هذا المقال


الفيلسوف شنيفيند وأخلاقية سيدجويك:

تم تسليط الضوء على إحدى الطرق التي يتضح من خلالها ذلك في عمل جيروم شنيفيند (J. B. Schneewind) حيث كان كتاب هنري سيدجويك (الأخلاق والفلسفة الأخلاقية الفيكتورية) عام 1977 التعليق الأكثر شمولاً وتطوراً على أخلاقيات سيدجويك الذي تم إنتاجه في القرن العشرين.

وكجزء من سرد شامل للسياق التاريخي للطرق مع التأكيد على كيفية تشكيل عمل سيدجويك من خلال كل من التقاليد النفعية والمعارضة الحدسية والدينية، والتي يمثلها جزئيًا أخلاقيو كامبريدج من مثل ويليام ويويل وجوليوس هير فريدريك دينيسون موريس وجون غروت، حيث أوضح شنيفيند ذلك بأنّ سيدجويك قد قام بدعم النفعية من خلال كتاباته الفلسفية، وأنّه وضعها بالتفصيل في الأساليب، والتي أكّد فيها سيدجويك بوضوح تام بأنّ النفعية هي أفضل نظرية أخلاقية متاحه.

كما أوضح شنيفيند أيضًا أنّ سيدجويك في أماكن أخرى من كتاباته الفلسفية كان يعتقد في نفسه أنّه ملتزم بالنفعية، وأنّه يفترضها في تحليل قضايا أخلاقية وسياسية محددة، وبالتالي بإعتقاد شنيفيند أنّ كتابات سيدجويك لا تشكل دفاعًا عن النفعية بقدر ما يدعمها.

هذا الحساب كما أكد كل من شنيفيند وراولز اللذان يؤكدان مرارًا وتكرارًا أنّ الهدف من الكتاب هو ممارسة أقل من المعرفة: “أن أشرح بوضوح وبكامل حدودي سيسمح للطرق المختلفة للأخلاق التي أجدها ضمنية في التفكير الأخلاقي للإشارة إلى العلاقات المتبادلة، وحيث يبدو أنّها تتعارض لتحديد المشكلة قدر الإمكان”، أي مرددًا آراءه حول البحث اللاهوتي ليعترف بما يلي:

“لقد اعتقدت أنّ هيمنة الرغبة في البناء في أذهان الأخلاقيين قد أعاقت التقدم الحقيقي للعلم الأخلاقي، وأنّ هذا سيستفيد من تطبيق له نفس الفضول اللامبالي الذي ندين له بشكل أساسي بالاكتشافات العظيمة للفيزياء، وبهذه الروح سعيت إلى تأليف العمل الحالي”.

أضاف أيضًا ما يلي:

“بهذه النظرة كنت أرغب في تركيز انتباه القارئ من البداية إلى النهاية، وليس على النتائج العملية التي تقود إليها أساليبنا، ولكن على الأساليب نفسها، وكنت أرغب في التنحية مؤقتًا للحاجة الملحة التي نشعر بها جميعًا لإيجاد وتبني الطريقة الصحيحة لتحديد ما يجب علينا القيام به والنظر ببساطة في الاستنتاجات التي سيتم التوصل إليها بشكل عقلاني إذا بدأنا بمقدمة أخلاقية معينة وبأي درجة من اليقين والدقة”.

النهج الأرسطي وأخلاقية سيدجويك:

النموذج لمثل هذا النهج ليس جيرمي بنثام أو حتى جون ستيوارت ميل ولكن نهج أرسطو الذي أعطت أخلاقه الحس الأخلاقي السائد لليونان والذي تم تقليصه إلى الاتساق من خلال المقارنة الدقيقة ولا يُعطى كشيء خارجي بالنسبة له، ولكن على أنّه نحن -هو وآخرون- يفكرون ويتأكدون من خلال التفكير، فكان هذا حقًا في الواقع هو الاستقراء السقراطي الناتج عن الاستجواب.

كما لاحظ ماركوس سينجر وآخرون (Singer 1974) إنّ فكرة سيدجويك عن طريقة الأخلاق ليست مماثلة لمبدأ أخلاقي أو نظرية أخلاقية أو إجراء قرار أخلاقي، أمّا (الطريقة) هي أسلوب للحصول على قناعات منطقية حول ما يجب القيام به، وبالتالي قد تعكس التزامًا بمبدأ أو أكثر من المبادئ الأخلاقية كأساس نهائي لتحديد ما لديه أكثر من سبب للقيام به هنا والآن.

التأثير الكانطي على فلسفة سيدجويك:

وبينما يسمح المرء بذلك قد يكون عادةً منطقًا من هذه المبادئ إما بشكل مباشر أو غير مباشر، وهكذا يمكن للمرء على أسس لاهوتية أن يرى أنّ النظام الأخلاقي للكون هو نظام نفعي، وبإذن الله يحقق أكبر قدر من السعادة لأكبر عدد مع الإصرار أيضًا على أنّ الدليل المناسب للعقل العملي هو المصلحة الذاتية المستنيرة، لأنّ الحسابات النفعية أمر الله والله أمر الكون لضمان أنّ المصلحة الذاتية المستنيرة تؤدي إلى أعظم السعادة.

في هذه الحالة ستكون (طريقة الأخلاق) للفرد هي الأنانية العقلانية، لكن التبرير الفلسفي النهائي لهذه الطريقة من شأنه أن يناشد المبادئ النفعية، ومع ذلك على الرغم من هذا التركيز على عملية التفكير بين المبادئ والاستنتاجات العملية، وهو انعكاس آخر لصراعاته مع الاشتراك أو الإكتتاب، فمن الواضح أنّ سيدجويك كان لديه الكثير ليقوله في الطرق حول الدفاع عن المبادئ النهائية للعقل العملي.

لقد شعر الكثيرون أنّه عند إجراء المقارنة المنهجية بين الأساليب الأخلاقية الرئيسية لم يكن سيدجويك محايدًا وحياديًا كما كان يُعتقد، وبطرق مختلفة قام بتحويل المناقشة ضد مجموعة واسعة من البدائل بما في ذلك أرسطو وأشكال أخرى من الكمالية والعقلانية ويويليان والمثالية وغيرها .

حيث إنّه ببساطة يرفض الاهتمام الفلسفي التقليدي بـالقوة الأخلاقية موضحًا أنّه سيترك هذه المسألة لعلماء النفس، وبالنسبة إلى سيدجويك ​​في أي موقف معين هناك شيء ما هو صواب أو ما يجب على المرء القيام به وهذا هو المجال المناسب للأخلاق، والمفهوم الأساسي للأخلاق هو هذا المفهوم الفريد العام للغاية لـ (يجب) أو (الحق) الذي لا يمكن اختزاله للمصطلحات الطبيعية والفريدة من نوعها، على الرغم من أنّ الاستحسان الأخلاقي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالاقتناع الضمني أو الصريح، وبأنّ السلوك الموافق عليه حقًا صحيح، أي أنّه لا يمكن أن يخلو من الخطأ وأن يرفضه أي عقل آخر.

في هذا الصدد على الأقل كان تلميذه جورج إدوارد مور على استعداد لإعلان أنّ الأساليب غير ملوثة بـالمغالطة الطبيعية، أي الخلط بين (هو) الإسناد و(هو) الهوية الذي من المفترض أنّه أصاب الكثير من الأخلاقيات السابقة النظرية، بما في ذلك نظرية جيرمي بنثام وميل، وبالفعل من الواضح أنّ سيدجويك انفصل عن النفعية الكلاسيكية بعدة طرق رافضًا التجريبية والأنانية النفسية والترابطية (المفترض) التي تميز التقليد السابق.

اشتكى فرانك هربرت هايوارد الذي كتب أحد الكتب الأولى عن أخلاقيات سيدجويك من أن إميلي إليزابيث كونستانس جونز قد فاته تمامًا كيف كان سيدجويك مبدعًا: “حيث حدد سيدجويك لـالحق مع المعقول والهدف، وكذلك نظرته إلى الصواب باعتباره فكرة نهائية وغير قابلة للتحليل (على الرغم من ارتباطها لاحقًا بمذهب المتعة)، واعترافه بأنّ العقل بمعنى ما دافع للإرادة ويرجع إلى التأثير اللاواعي إلى حد ما لكانط”.

يبدو أنّ الآنسة جونز تعتقد أنّ هذه هي الأماكن المشتركة لكل نظام أخلاقي، وأنّ الاختلافات الحقيقية تظهر فقط عندما نتخذ الخطوة التالية مقدمًا، ويجب أن أعتبر هذه المصطلحات العقلانية غريبة إلى حد ما عن مذهب المتعة، ولا يُعتقد أنّ الآنسة جونز ستجد في أسلاف سيدجويك المتعصبين أي تأكيد من هذا القبيل على العقل (مهما تم تفسيره)، حيث سمح سيدجويك بنفسه بأنّ كانط كان أحد أسياده، كما أنّه كان على دراية تامة بأعمال هيجل.

أكدت قراءة شيفيند عام 1977 على هذا التأثير إلى جانب تأثير جوزيف بتلر الذي أقنعت أعماله سيدجويك بزيف الأنانية النفسية وواقع الأعمال الأخرى غير المصلحة الذاتية، في الواقع أثبتت المقارنة بين سيدجويك وكانط أنّها مصدر خصب ومستمر للعمل الأكاديمي على سيدجويك ​​وواحدة ذات أهمية متزايدة.

المصدر: Henry SidgwickSedgwickThe Methods of Ethics Henry SidgwickHenry SidgwickTHE METHODS OF ETHICS, BY HENRY SIDGWICK, KNIGHTBRIDGE ROFESSOR OF MORAL PHILOSOPHY IN THE UNIVERSITY OF CAMBRIDGE, SEVENTH EDITION, London, MACMILLAN AND CO., LIMITED, NEW YORK: THE MACMILLAN COMPANY, 1907.The Complete Works and Select Correspondence of Henry Sidgwick, Bart Schultz et al. (eds.), Charlottesville, VA: InteLex Corp, 1996, 1999.The Principles of Political Economy, London: Macmillan; reprinted in the years 1887, 1901.


شارك المقالة: