وما أهديكم إلا سبيل الرشاد

اقرأ في هذا المقال



وما أهديكم إلا سبيل الرشاد :

من شرف الإصلاح أنّه يدّعيه ويتمناه كلُّ أحد، ( البَرُّ، والفاجر) والصالحُ والفاسد، حتى فرعون حارب نبي الله موسى – عليه السلام – بإسم الإصلاح ومحاربة الفساد قال تعالى: ﴿وَقَالَ فِرۡعَوۡنُ ذَرُونِیۤ أَقۡتُلۡ مُوسَىٰ وَلۡیَدۡعُ رَبَّهُۥۤۖ إِنِّیۤ أَخَافُ أَن یُبَدِّلَ دِینَكُمۡ أَوۡ أَن یُظۡهِرَ فِی ٱلۡأَرۡضِ ٱلۡفَسَادَ﴾ صدق الله العظيم[غافر ٢٦] ويقول لقومه قال تعالى: ﴿ قَالَ فِرۡعَوۡنُ مَاۤ أُرِیكُمۡ إِلَّا مَاۤ أَرَىٰ وَمَاۤ أَهۡدِیكُمۡ إِلَّا سَبِیلَ ٱلرَّشَادِ﴾ صدق الله العظيم[غافر ٢٩]، وكأنّما الفرعون صاحب الإصلاح والرشاد، ونبي الله (موسى عليه السلام ) صاحب الفساد!. نعوذ بالله من الكذب والضلال المُبين.

والمفسدون في كل زمان رغم إفسادهم إلّا أنّهم يظلُّون متشبثين بهذا الاسم الشريف
( إلاصلاح ) قال تعالى: ﴿وَإِذَا قِیلَ لَهُمۡ لَا تُفۡسِدُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ قَالُوۤا۟ إِنَّمَا نَحۡنُ مُصۡلِحُونَ﴾ صدق الله العظيم [البقرة ١١].

 ودعوى الإصلاح وحدها لا تكفي، فهناك فرقانٌ ظاهرٌ بين الإصلاح والإفساد، مهما بالغ صاحبه في الدعوى، ولذلك جاء الردُّ الرباني الحاسم، قال تعالى: ﴿أَلَاۤ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلۡمُفۡسِدُونَ وَلَـٰكِن لَّا یَشۡعُرُونَ﴾ [البقرة ١٢] قال صاحب كتاب فتح البيان عند قوله تعالى: (ولكن لا يشعرون) وذلك لأنّهم يظنون أنّ ما هم عليه من النفاق وإبطان الكفر صلاح وهو عين الفساد، وقيل لا يشعرون ما أعد الله لهم من العذاب، والأول أولى.

وهذا الفرقان بين الإفساد والإصلاح أَوْدعه الله فطرة الخلق، وأنزله وحياً يهدي به الناس، ويميز به بين الحق والباطل، ومن تولى المعصوم، الذي لا تدخله الأهواء ولا الأدواء، فما وافق أمر الله تعالى فهو إصلاح، وما خالفه فهو إفسادٌ ولا ريب، قال تعالى: ﴿فَهَلۡ عَسَیۡتُمۡ إِن تَوَلَّیۡتُمۡ أَن تُفۡسِدُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَتُقَطِّعُوۤا۟ أَرۡحَامَكُمۡ (٢٢) أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمۡ وَأَعۡمَىٰۤ أَبۡصَـٰرَهُمۡ (٢٣)﴾ [محمد ٢٢-٢٣] فجعل الفساد نتيجة حتمية للإعراض عن الوحي، قال شيخ المفسرين ابن جرير الطبري: والإفساد في الأرض، العمل فيها بما نهى الله جل جلاله وتضييعُ ما أمر الله بحفظه، فذلك جملة الإفساد.

وهؤلاء من قال عنهم: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن یُعۡجِبُكَ قَوۡلُهُۥ فِی ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا وَیُشۡهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِی قَلۡبِهِۦ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلۡخِصَامِ (٢٠٤) وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِی ٱلۡأَرۡضِ لِیُفۡسِدَ فِیهَا وَیُهۡلِكَ ٱلۡحَرۡثَ وَٱلنَّسۡلَۚ وَٱللَّهُ لَا یُحِبُّ ٱلۡفَسَادَ (٢٠٥) وَإِذَا قِیلَ لَهُ ٱتَّقِ ٱللَّهَ أَخَذَتۡهُ ٱلۡعِزَّةُ بِٱلۡإِثۡمِۚ فَحَسۡبُهُۥ جَهَنَّمُۖ وَلَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ (٢٠٦) ﴾ صدق الله العظيم [البقرة ٢٠٤-٢٠٧]

المصدر: زاد المسير — ابن الجوزيجامع البيان — ابن جرير الطبريروح المعاني — الآلوسيتفسير القرآن العظيم — ابن كثيرلعلعم يتدبرون - عبدالله القرشي


شارك المقالة: