علم اللغة الاجتماعي والتصنيفات اللغوية

اقرأ في هذا المقال


نبذة عن التصنيف الجيني للغات:

 يعتمد التصنيف الجيني للغات على العلاقة بين هذه اللغات – أي ذات الأصول المشتركة، كما تعتبر العلاقة بين بعض اللغات مثبتة إذا تم الكشف عن أصل مشترك لجزء كبير من الأشكال اللغوية لهذه اللغات، بالإضافة إلى جميع اللواحق النحوية (إن وجدت)، والعديد من الجذور اللغوية، كما يتم تأكيد الأصل المشترك للجذور واللواحق من خلال وجود طرق تواصل صوتية منتظمة بين اللغات.

فإذا كان من الممكن إنشاء مقارنة صوتية تاريخية تسمح لنا بإعادة بناء جذور اللغة الأم تقريبًا وتحويلها إلى جذور اللغة الوليدة المراد تتبعها (وفقًا للقواعد والأنظمة اللغوية الدقيقة)، يتم وقتها إنشاء العلاقة بين هاتان اللغتان. ومن هذا المنطلق فإن وجود العديد من العائلات اللغوية في العالم القديم أمر لا جدال فيه، فعلى سبيل المثال الهند أوروبية والأورالية (مع العائلات الفرعية Finno-Ugric و Samoyed)، والتركية، والمنغولية، والمانشو-Tungusic، والدرافيدية والكارتفيلية والسيميتو الحامية (Afro- آسيوي).

تاريخ التصنيفات اللغوية:

في الستينيات من القرن الماضي جرت عدة محاولات  لإثبات العلاقة القديمة الدقيقة بين العائلات اللغوية الثمانية المذكورة أعلاه، والتي تم دمجها في عائلة نوستراتيك اللغوية. وبعدها تم بنجاح بناء صوتيات مقارنة للغات وتتبع المراسلات والتواصلات الصوتية المنتظمة في أكثر من 600 جذر واللواحق اللغوية.

 إن موقف عائلات اللغتين الأبخازية الأديغية والناكستانية الداغستانية في القوقاز يعد موقف غير واضح. حيث يقوم العديد من علماء اللغة بدمجها مع اللغات الكارتفيلية في الأسرة اللغوية الأيبيرية القوقازية، ومع ذلك لم يتم إثبات إنشاء مراسلات صوتية منتظمة فتم العثور على عدد قليل من الجذور القوقازية شائعة الاستخدام.

ولكن لا يزال الموقع الجيني لعائلة اللغات الحورية-الأورارتية، الذي يربطه بعض اللغويين بالنوستراتيك وآخرون باللغات ناخيان داغستان ويعتبر موقف هؤلاء العلماء موضع للنقاش. فيعتقد بعض الباحثين في وجود عائلة اللغة الألتية، التي توحد اللغات التركية والمنغولية والمانشو-تونجوسية وكذلك اللغتان الكورية واليابانية من معتقد بعض علماء اللغة. ولكن لا جدال على وجود عدد كبير من الجذور المشتركة والمراسلات والاتصالات الصوتية المنتظمة في هذه اللغات. ومع ذلك من أجل تحديد قاعدة نهائية لطبيعة العلاقات بين هذه اللغات يعتقد أنه من الضروري التأكد من حجم عدد الجذور الألتية المشتركة واللواحق اللغوية التي لا يمكن أن يتواجد فيها تفسير للمصادفات اللغوية عن طريق الاقتراض والاستعارة اللغوية.

 كما تعد أهم العائلات اللغوية في جنوب وجنوب شرق آسيا هي العائلات النمساوية والتاي-كاداي ومياو-ياو وأوسترون-سيان (الملايو البولينيزية). حيث تعد من بين اللغات الأوروبية الآسيوية التي لا تندرج ضمن هذه المجموعات الافتراضية هي عائلة اللغة الصينية التبتية وعائلات الينيسي والأندامانية واللغات المعزولة، مثل الباسك، والبوروشاسكي، والأينو، واللغات القديمة، مثل السومرية والكاسيتية. كما تشكل اللغات الأسترالية عائلة خاصة بهم، فيعد الوضع الجيني للغات تسمانيا المنقرضة غير المدروسة تقريبًا وضعًا غير معروف. فتم دمج كل المجموعات اللغوية الأفريقية العديدة باستثناء لغات Semito-Hamitic بواسطة اللغوي الأمريكي جرينبيرج في ثلاث عائلات افتراضية وهم – النيجر -ومثال عليها كردفان في ذلك البانتو، و صحراء نيلو وخويسان. ومع ذلك فإن عملية التوحيد في هذه العائلات الذي يتم الجدل عليها باستمرار وبكثرة في المتوازيات المعجمية واللغوية.

التصنيف الرمزي اللغوي:

يعتمد التصنيف الرمزي اللغوي في اللغات على البيانات المورفولوجية التي تم جمعها بشكل مستقل عن القرب الجيني أو المكاني للغات، ويكون ذلك بالاعتماد بشكل حصري ومستقل على خصائص البنية اللغوية للغة. كما يسعى هذا التصنيف إلى تضمين مواد وعناصر لغوية من جميع اللغات في شتى أقطار العالم؛ وذلك لكي تعكس أوجه التشابه والاختلاف هذه الأنماط اللغوية المتعددة، بالإضافة إلى إيجاد أنواع وخصائص اللغة الممكنة لكل لغة أو مجموعة من اللغات التي يتواجد فيها بعض التشابهات بشكل نسبي. ولكن لا يستخدم التصنيف اللغوي الحديث البيانات المورفولوجية المتوافرة فحسب، بل يستخدم أيضًا البيانات الصوتية والنحوية والدلالية في اللغات.

وفيما يتعلق بنوع اللغة – أي الخصائص والصفات الأساسية لبنيتها – فيعد الأساس لتضمين لغة في التصنيف النمطي. ومع ذلك فإن النوع اللغوي لا يتم تفعيله والاعتماد عليه بشكل أساسي في اللغة، ولكن يتم تمثيل عدة أنواع لغوية في كل لغة – أي أن كل لغة متعددة الأنماط. لذلك من المناسب أن نقول أنه يوجد نوع محدد ومميز في بنية وتركيبة كل لغة بشكل معين، وعلى هذا الأساس يتم إجراء محاولات لإعطاء تفسير علمي ولغوي للخصائص النمطية الموجودة في اللغة.

التحديات في تصنيف اللغات:

تتمثل المشكلة الرئيسية في تصنيف اللغة الرمزية في صياغة الأوصاف اللغوية المتسقة في المصطلحات،  وتستند إلى مفهوم مشترك للبنية اللغوية ونظام المعايير غير المتضاربة والكافية للوصف التصنيفي. كما يعد تصنيف اللغة الرمزي التالي هو الأكثر قبولًا على نطاق واسع حيث يشتمل على، نوع اللغة غير المتبلور – كلمات ثابتة ذات دلالة نحوية لترتيب الكلمات المعارضة وضعيفة للجذور المهمة والنحوية، على سبيل المثال  اللغة الصينية القديمة والفيتنامية واليوروبا.

وفيما يتعلق بنوع اللغة المتراصة (التراصية) فإنها تعد نظام متطور من اللواحق الأحادية ويتميز بغياب التناوب النحوي في الجذر، ونفس النوع والنمط من التصريف لجميع الكلمات التي تنتمي إلى نمط وعنصر واحد من الكلام، كما أنه يوجد رابط ضعيف (وجود حدود مميزة) بين الأشكال (مثل العديد من اللغات الفنلندية الأوغرية واللغات التركية والبانتو)؛، نوع التصريف – بما في ذلك اللغات ذات التصريف الداخلي ، أي تلك التي لها تناوب مهم نحويًا في الجذر مثل اللغات السامية، واللغات ذات النهايات التصريفية المتراصة، أي النهايات التي تحتوي على تعبير متزامن لعدة معاني نحوية بعلامة واحدة، بالإضافة إلى الرابطة القوية (عدم وجود حدود مميزة) بين الأشكال، وأنواع مختلفة من الانحرافات والاقترانات مثل الصومالية والإستونية وNakhian (الشيشان – باتسبي). وفي اللغات الهندية الأوروبية القديمة وبعض اللغات الحديثة يتم الجمع بين التصريفات والمتراصات اللغوية.

كما يمتاز عدد من خبراء التصنيف اللغوي وعلماء خلط ومزج اللغات أي اللغات التركيبية المتعددة، والتي تحتوي على الجمل والكلمات والتراكيب اللغوية – أي أن الشكل اللفظي يتضمن في بعض الأحيان في الأشكال اللغوي المقصوصة والجذور الاسمية والتي تتوافق مع ظروف الفاعل والمفعول به، بالإضافة إلى بعض العلامات النحوية (مثل بعض اللغات الهندية الأمريكي، وبعض اللغات القديمة والآسيوية، واللغات القوقازية).

فلا ينبغي اعتبار هذا التصنيف النمطي للغات والذي يعد في الأساس تصنيفًا مورفولوجيًا بشكل حتمي؛ وذلك لأنه لا يمكن أن يعكس جميع خصائص لغة معينة من خلال النظر في هيكلها وتركيبتها. ولكن  تحتوي اللغات وبشكل غير واضح على إمكانية جعل التصنيف على نحو أكثر دقة من خلال تحليل مجالات اللغة الأخرى. على سبيل المثال في اللغات غير المتبلورة مثل الصينية الكلاسيكية والفيتنامية ولغات غينيا لاحظ علماء اللغة أنهم يستخدمون كلمة أحادية المقطع monosyllabism  للدلالة على مورفيم Morpheme، ومجموعة من الخصائص الأخرى ذات العلاقة.

المصدر: Bernard Pelletier The Tree of Language: a Global Guide to Linguistic ClassificationJohn R. Taylor Linguistic Categorization (Oxford Textbooks in Linguistics) 3rd EditionLanguage Classification: History and Method by Lyle CampbellJohn Edwards Language and Identity: An introduction (Key Topics in Sociolinguistics


شارك المقالة: