فلسفة المبادئ الجمالية والحكم الجمالي

اقرأ في هذا المقال


كان الجدل في القرن الثامن عشر بين العقلانيين ومنظري الذوق (أو العاطفيون) في الأساس نقاشًا حول الأطروحة الفورية، أي حول ما إذا كنا نحكم على الأشياء على أنّها جميلة من خلال تطبيق مبادئ الجمال عليها، ولم يكن النقاش في المقام الأول حول وجود مبادئ الجمال، وهي مسألة قد يختلف عليها منظرو الذوق.

حيث نفى كانط وجود أي من هذه المبادئ، لكن كلًا من هتشسون وديفيد هيوم أكدا وجودهما، فلقد أكدوا أنّه على الرغم من أنّ أحكام الجمال هي أحكام على الذوق وليس العقل، فإنّ الذوق مع ذلك يعمل وفقًا للمبادئ العامة، والتي قد يمكن اكتشافها من خلال التحقيق التجريبي.

فلسفة المبادئ الجمالية والحكم الجمالي:

من المغري التفكير في الجدل الأخير في الجماليات بين المتخصصين والعاملين على أنّه إحياء لنقاش القرن الثامن عشر بين العقلانيين ومنظري الذوق، ولكن من الصعب قياس دقة هذا الفكر، وأحد الأسباب هو أنّه غالبًا ما يكون من غير الواضح ما إذا كان المتخصصون والمتميزون يعتبرون أنفسهم مجرد مناقشة حول وجود المبادئ الجمالية أو مناقشة توظيفهم في الحكم الجمالي.

والشيء الآخر هو أنّه إلى الدرجة التي يعتبرها المتخصصون والعموميون أنفسهم يناقشون توظيف المبادئ الجمالية في الحكم الجمالي، فمن الصعب معرفة ما يمكن أن تعنيه من خلال الحكم الجمالي، إذا كانت الجمالية لا تزال تحمل مضمونها الفوري في القرن الثامن عشر، فإنّ السؤال المطروح للنقاش هو ما إذا كان الحكم الفوري فوريًا.

إذا لم يعد الجمالي يحمل هذا المعنى فمن الصعب معرفة السؤال المطروح للنقاش لأنّه من الصعب معرفة ما يمكن أن يكون الحكم الجمالي، وقد يكون من المغري التفكير في أنّه يمكننا ببساطة إعادة تعريف الحكم الجمالي بحيث يشير إلى أي حكم تكون فيه الخاصية الجمالية تنبأ عن شيء ما، ولكن هذا يتطلب القدرة على تحديد ماهية الخاصية الجمالية دون الرجوع إلى إمكانية فهمها على الفور، وهو أمر لم يفعله أحد على ما يبدو.

وقد يبدو أنّه يمكننا ببساطة إعادة تعريف الحكم الجمالي بحيث يشير إلى أي حكم تكون فيه أي خاصية للطبقة المتمثلة في الجمال مبنية على موضوع ما، لكن أي طبقة وفئة هذه؟ لا بد من أنّ الإجابة تكمن من أنّ المفترض أنّ الطبقات التي يمثلها الجمال لا نهاية لها، وتكمن الصعوبة في تحديد الفئة ذات الصلة دون الإشارة إلى إمكانية استيعاب أعضائها الفوري، وهذا ما لم يفعله أحد على ما يبدو  أيضًا.

فلسفة فرانك سيبلي في الحكم الجمالي:

إنّ قيام سيبلي بتطوير مجموعة متنوعة من الخصوصية في ورقة واحدة، ومجموعة متنوعة من التعميم في ورقة أخرى ستعطي مظهر التناقض حيث لا يوجد شيء، بحيث إنّ سيبلي متخصص من نوع ما فيما يتعلق بتمييز واحد، وعمومي من نوع آخر فيما يتعلق بتمييز آخر.

بينما كما ملاحظ بأنّ الفيلسوفه أرنولد إيزنبرغ متخصصة فيما يتعلق بالتمييز بين الأوصاف والأحكام، أي أنّها تؤكد أنّه لا توجد مبادئ يمكننا من خلالها الاستدلال من الأوصاف المحايدة القيمة للأعمال إلى الأحكام المتعلقة بقيمتها الإجمالية.

وعلى النقيض من ذلك فإنّ خصوصية سيبلي وعموميته لهما علاقة بالأحكام التي تقع بين الأوصاف والأحكام، وفيما يتعلق بالتمييز بين الأوصاف ومجموعة من الأحكام الوسيطة بين الأوصاف والأحكام، فإنّ سيبلي خصوصي بشكل مباشر، بينما فيما يتعلق بالتمييز بين مجموعة من الأحكام الوسيطة بين الأوصاف والأحكام والآراء، فإنّ سيبلي هو نوع من الاختصاصيين ويصف نفسه على هذا النحو.

تبدأ عمومية سيبلي على النحو المنصوص عليه في (الأسباب والمعايير العامة في الجماليات)، بملاحظة أنّ الخصائص التي نلجأ إليها في تبرير الأحكام الإيجابية ليست كلها وصفية أو قيمة محايدة، فنحن نناشد أيضًا الخصائص الإيجابية بطبيعتها مثل النعمة أو التوازن أو الكثافة الدرامية أو الكوميديا.

إنّ القول بأنّ الملكية إيجابية بطبيعتها لا يعني أنّ أي عمل به كان أفضل بكثير، بل يعني أنّ إسنادها إلى المحكمة ينطوي على قيمة، لذلك على الرغم من أنّ العمل قد يصبح أسوأ بسبب عناصره الكوميدية، فإنّ الادعاء البسيط بأنّ العمل جيد لأنّ الكوميديا مفهومة بطريقة أنّ الادعاءات البسيطة، وبأنّ العمل جيد بسبب اللون الأصفر أو لأنّه يستمر اثني عشر دقيقة أو لأنّه يحتوي على العديد من التورية حيث إنّها ليست كذلك.

ولكن إذا كان الادعاء البسيط بأنّ العمل جيد لأنّ الكوميديا ​​بالتالي مفهومة، فإنّ الكوميديا ​​هي معيار عام للقيمة الجمالي، والمبدأ الذي يوضح أنّ العمومية صحيحة، ولكن لا شيء من هذا يلقي بظلال من الشك على الأطروحة الفورية، فكما لاحظ سيبلي نفسه:

“لقد جادلت في مكان آخر بأنّه لا توجد قواعد مؤكدة للنار يمكن من خلالها بالإشارة إلى الصفات المحايدة وغير الجمالية للأشياء، وأن يستنتج المرء أنّ شيئًا ما متوازن ومأساوي ومضحك ومبهج وما إلى ذلك، وعلى المرء أن ينظر ويرى”.

وكما يرى سيبلي هنا على قدم المساواة ولكن على مستوى مختلف، بإنّه لا توجد قواعد أو إجراءات ميكانيكية مؤكدة لتحديد الصفات التي هي عيوب فعلية في العمل، وعلى المرء أن يحكم على نفسه وبنفسه.

في مكان آخر المشار إليه في الجملة الأولى هو مقال سيبلي السابق عن المفاهيم الجمالية، والذي يجادل به بأنّ تطبيق مفاهيم مثل متوازن أو مأساوي أو كوميدي أو مبهج وغيرها من الحالات، فإنّه ليس مسألة تحديد ما إذا كانت الشروط الوصفية (أي غير الجمالية) لتطبيقها مستوفاة، ولكنها بالأحرى مسألة ذوق، ومن ثم فإنّ الأحكام الجمالية فورية في شيء مثل الطريقة التي تكون بها أحكام اللون أو النكهة.

لكن سيبلي يدرك كما فعل أسلافه في القرن الثامن عشر ولم يفعله معاصروه الرسميون، أنّ الاختلافات المهمة لا تزال قائمة بين ممارسة الذوق واستخدام الحواس الخمس، ومن بين هذه الأسباب أننا نقدم أسبابًا أو ما شابهها لدعم أحكامنا الجمالية من خلال التحدث على وجه الخصوص، ومن خلال المناشدة بالخصائص الوصفية التي تعتمد عليها الخصائص الجمالية، نبرر الأحكام الجمالية بجلب الآخرين ليروا ماذا لقد رأى المرء نفسه.

من غير الواضح إلى أي درجة يسعى سيبلي، فإنّه إلى جانب السعي لإثبات أنّ تطبيق المفاهيم الجمالية ليس خاضعًا للشرط، وإلى تعريف مصطلح الجمالية من حيث عدم وجودها، وربما يكون من الواضح أنّه لم ينجح في تعريف المصطلح بهذه الطريقة مهما كانت نواياه، فالمفاهيم الجمالية ليست وحدها في كونها غير خاضعة للظروف، كما يدرك سيبلي نفسه في مقارنتها بمفاهيم الألوان.

ولكن لا يوجد أيضًا سبب للاعتقاد بهم وحدهم في كونهم غير خاضعين للشروط مع كونهم أيضًا قابلين لدعم العقل والعمل المنطقي، نظرًا لأنّ المفاهيم الأخلاقية لإعطاء مثال واحد يمكن القول على الأقل أنّ لها هاتين الميزتين، حيث يتطلب عزل الجمالية شيئًا أكثر من الفورية كما رأى كانط، فإنّه يتطلب شيئًا مثل المفهوم الكانطي عن عدم الاهتمام، أو على الأقل شيئًا ما للعب الدور الذي تلعبه هذه الفكرة في نظرية كانط.

المصدر: الريضي، إنصاف (١٩٥) علم الجمال بالفلسفة والإبداع، عمان: دار الفكر للطباعة والنشر والتـوزيع 7. حنورة، مصري عبدالحميد (١٩٨٥(، سيكولوجية التذوق الفني، القاهرة: دار المعارف.جونسون، ر.ف (١٩٨٢)، الجمالية، موسوعة الصطلح النـقـدي (تـرجـمـة عـبـدالـواحـد لـؤلـؤة)، بغداد: دار الرشيد للنشر.التفضيل الجمالي، دراسة في سيكولوجية التذوق الفني ، تأليف د. شاكر عبد الحميد، عالم المعرفة، مارس 2001.The Concept of the Aesthetic


شارك المقالة: