فلسفة كافنديش في حرية الإرادة والسلوك المنظم للأجساد

اقرأ في هذا المقال


مثل العديد من معاصريها في القرن السابع عشر تؤيد الفيلسوفة مارجريت لوكاس كافنديش الرأي القائل بأنّ الكون عبارة عن مجموعة كاملة من الأجسام المتجاورة وأنّه لا يوجد مساحة فارغة، وقد نتساءل كيف سيكون للأجساد الفردية أي حرية أو مساحة للمناورة للتصرف كما يحلو لها إذا كانت محاطة ومكتظة بإحكام، فلا تدافع كافنديش عن وجهة النظر القائلة بأنّ أجسام الطبيعة تتكلم بشكل عام بحرية بل الرأي ركن من أركان نظامها.

فلسفة كافنديش وحرية الأجساد:

توضح فلسفة كافنديش على سبيل المثال بأن الطبيعة مليئة بمجموعة متنوعة من الحركات أو الأفعال، وكذلك أجزائها أو لا يمكن القول إنّها تتحرك ذاتيًا، وإذا كانت مرتبطة بأفعال معينة ولم يكن لديها الحرية في التحرك كما تشاء، فالطبيعة التي لديها قوة حرة للتحرك فقد تتحرك كما تشاء.

كما تفترض كافنديش أنّ الأجساد حرة ولكنها لم تتخذ موقفًا بعد بشأن ما إذا كانت حرية الأجساد من النوع الليبرتاري أو التوافقي، وإنّها لا تستخدم هذه المصطلحات المعاصرة بنفسها بالطبع، وبالتالي فإنّ السؤال المطروح هو ما إذا كانت تستفيد من الحرية أم لا من حيث القوة السببية التي تمتلك بها الأجسام القدرة على فعل غير ذلك (مرة أخرى حتى لو كانت هي لا تستخدم تلك اللغة).

كذلك فيما إذا اعتبرت أنّ الحرية مسألة تتعلق بالأمور التي يجب على الجسم أن يتصرف بها من خلال الحركات الداخلية له، ولمنع هذه الحركات من أن تُسحق أو يُعاد توجيهها بواسطة عقبة أو عائق، ولم تتحدث في أي مكان بهذه المصطلحات الدقيقة أيضًا ولكنها تقدم بعض التعليقات التي تكشف الكثير، فعلى سبيل المثال تُعرِّف الحركة الإرادية بأنّها حركة ذاتية، وتصف الأجسام الأكثر حرية عند أولئك القادرين على شق طريقهم خلال الجلسة الكاملة بخفة الحركة وبدون قيود.

تقدم كافنديش ادعاءًا يشير إلى طبيعة ونشاط الوجود الذي تعتقد أنّه ليس لدينا أي فكرة عن ذلك، ولكن الادعاء لا يزال موحيًا، وهي تقول من خلال اقتراب المعجزة لا يمكن أن يحدث شيء في الطبيعة بخلاف ما يحدث في الواقع، ولكنها تفترض أيضًا أنّ الأجساد لا تزال تتحدث بشكل عام مجانًا، وإنّها أحرار كما تشير في المقطعين الآخرين عندما لا يتم إعاقة نشاطهم وسلوكهم أو تقييده.

هناك العديد من المقاطع من أعمال كافنديش التي تصف فيها الأجساد على أنّها حرة، ولكن هناك القليل منها فقط توضح ما هي حرية الجسد فيه، وفي هذه وجهة نظرها متوافقة تمامًا، وهناك أيضًا مقاطع تتناول قضية الإرادة الحرة من منظور لاهوتي، ولكنها في هذه الملاحظات حريصة على تعليق الحكم، ويبدو أنّ وجهة نظرها هي أنّ الأجسام حرة بمعنى أنّ معظم الأجسام المحيطة بها متعاونة، ولا تمنعها من الحركة كما يحلو لها، وأنّ الأجسام ليست حرة عندما تهيمن عليها أجساد أخرى أو تفرض عليها بطريقة أخرى إعادة توجيه حركاتهم.

في جلسة مكتملة من الأجسام المتجاورة يقوم الجسم أحيانًا بإعادة توجيه حركات الجسم الثاني بالطريقة التي يقاومها ذلك الجسم، وفي مثل هذه الحالات يكون سلوك الجسم الثاني غير حر، وفي حالات أخرى يكون سلوك الجسد الثاني قابلاً لإعادة توجيه الحركة، وفي حالات أخرى لا يزال الجسم يتحرك عن طريق الحركات التي (بالطبع) داخلية له دون أي تدخل أو إعاقة خارجية.

في هذه الحالات تتعاون الأجسام مع بعضها البعض ويكون سلوك الجسد الثاني حرًا، على الرغم من أنّه لا يبدو أنّ لديه قدرة سببية على القيام بخلاف ذلك، وكذلك لديها الحركات التي تمتلكها، ولن يكون المصدر التلقائي لأي حركة جديدة، ولن يكتسب أي حركة جديدة من الأجسام الأخرى، كما أنّه لديها الحركات التي تمتلكها وهي تعمل وفقًا لذلك.

فلسفة كافنديش وسلوك الأجساد:

أحد الاعتراضات المحتملة على القراءة التوافقية لكافنديش حول الحرية هو أنّ هناك العديد من المقاطع في كتابها تقول أنّ الأجساد تتصرف بطريقة غير منتظمة، وإذا أظهرت الأجسام عدم انتظام واضطراب فإنّها تبدو وكأنها تمتلك ملكة العفوية، ويبدو أنّ كافنديش تعتقد أنّها تمارس حرية التنوع الليبرتاري في بعض الحالات على الأقل.

ففي بعض المقاطع التي تتحدث فيها كافنديش عن المخالفات التي تحدث في الطبيعة توضح بأنّه بعض الأمراض لها مثل هذه التغييرات المفاجئة، ومن خلال التغييرات المفاجئة في الحركات بحيث لا يمكن للطبيب الحكيم، ولا يمكنه المجازفة بتطبيق العديد من الأدوية بشكل مفاجئ كما يتطلب التغيير، ولذلك هل سيدين الأطباء؟ ولم يُدان على وجه التحديد بسبب ما لا يمكن مساعدته بسبب تنوع الحركات الشاذة، ولكن ما الذي لا يمكن مساعدته في الطبيعة؟

وتضيف أيضًا أنّه بما أنّ الطبيعة تتلاعب بأفعالها من خلال الأضداد، فإنّه يجب أن تكون هناك مخالفات وكذلك انتظام، وهو السبب في أنّ أي مخلوق نادرًا ما يكون دقيقًا جدًا ولكن هناك بعض الاستثناء، كما تتحدث كافنديش بالتأكيد عن المخالفات والاضطرابات، ولكن هناك أيضًا مقاطع تتراجع فيها وتقول إنّ ما يدور في ذهنها عندما تتحدث عن مخالفة هو مجرد كيان أو حدث يبدو غير منتظم بالنسبة لنا على خلفية توقعاتنا والمفاهيم.

ومع ذلك فإنّ كل هذه الحركات سواء كانت منتظمة أو غير منتظمة فهي طبيعية، كما أنّ الانتظام وعدم الانتظام ليس لها سوى احترام التفاصيل ومفاهيمنا، ولأنّ تلك الحركات التي تتحرك ليس بالطريقة أو الطريقة العادية أو الشائعة أو المعتادة فنسميها غير منتظمة.

طرق قراءة فلسفة كافنديش في حرية الأجساد وسلوكها:

وهناك طريقتان مختلفتان لقراءة المقاطع التي تتحدث فيها كافنديش عن مخالفات في الطبيعة وهما:

1- أحدهما هو عدهم والجدال في ذلك لأنّهم يفوقون عدد المقاطع المتنافسة -وهم يفعلون- حيث تعتقد كافنديش أنّ المخالفات حقيقية.

2- آخر هو القول بأنّها تعتقد أنّه لا توجد مخالفات على الإطلاق.

في هذا النهج نؤكد على المقاطع التي تقول فيها إننا نحدد شيئًا ما على أنّه مخالفة عندما يتعارض مع توقعاتنا، وسيتم التعامل مع أي مقطع من هذا القبيل كنوع من النص الفوقي الذي يرشدنا إلى كيفية قراءة المقاطع التي يتم فيها تقديم المخالفات، وفي هذه الحالة يمكن أن تتحدث كافنديش عن مخالفات في مليون مقطع أو أكثر، ولكن إذا أخبرتنا أيضًا أنّ كل ما تعنيه بمصطلح (عدم انتظام) هو شيء يتعارض مع توقعاتنا فلا داعي للعد، وحتى الممرات المؤيدة والمعارضة، وكلهم يتفقون مع الرأي القائل بأنّ الطبيعة تقدم نظامًا غير استثنائي.

المصدر: Margaret Cavendish (1623—1673)Margaret Lucas CavendishMargaret Cavendish, Duchess of Newcastle-upon-TyneAugustine, On Free Choice of the Will, Thomas Williams (ed. and trans.), Indianapolis and Cambridge: Hackett Publishing Company, 1993.Cavendish, Margaret, Philosophical Fancies, London: printed by Thomas Roycroft for J. Martin and J. Allestrye, 1653.Cavendish, Margaret, The World’s Olio, London: printed for J. Martin and J. Allestrye, 1655.Cavendish, Margaret, The Description Of A New World, Called The Blazing World And Other Writings, ed, Kate Lilley. London: William Pickering, 1992.Battigelli, Anna, 1998, Margaret Cavendish and The Exiles of the Mind, Lexington: The University Press of Kentucky.


شارك المقالة: