رواية بطل من هذا الزمان - Hero of Hour Times

اقرأ في هذا المقال


تُعتبر رواية بطل من هذا الزمان من الروايات التي اشتهرت بشكل كبير وواسع على مستوى العالم، فهي من تأليف الكاتب والمؤلف الروسي (ميخائيل ليرمنتوف) والملقب بشاعر القوقاز، فقد كان في ذلك العصر من أبرز الكتاب والروائيين بعد بوشكن، إذ تمت ترجمت روايته إلى العديد من اللغات في العالم، فقدم من خلالها صورة حية وواقعية عن جيله في عصر القيصر نيقولاي الأول في دولة روسيا.

نبذة عن الرواية

إنّ رواية بطل من هذا الزمان قدمت صورة واقعية وحقيقية عن الجيل الذي عاصره في الزمن القديم، والذي كان تجتمع فيها كافة الرذائل التي كانت تسيطر على هذا الجيل في ذلك الوقت، لكن هذه الصورة لم تكن عبارة عن بطل حقيقي، وإنما صورة يظهر من خلالها كمية الرذائل التي تقترف، كما كانت أول رواية غنائية نفسية كتبت في النثر الروسي، وقد قضى ليرمنتوف عاميين متتالين في كتابتها، منذ عام م 1838إلى 1840.

أول مرة تم العمل فيها على نشر الرواية في مدينة سانت بطسبرغ الروسية، في إحدى المطابع والتي تعرف ب (مطبعة إيليا جلازونوف وكاي)، وقد كان ذلك سنة 1840م،تضمنت كتابين، كما تم تقسيم الرواية مقسمة على الشكل فصول عديدة، وقد جاءت على النحو التالي 1. بيلا، 2. مكسيم مكسيمتش، 3. تامان، 4. الأميرة ماري 5. الجبري، حيث كانت الغاية من التقسيم حسب رأي الكاتب، أن يقوم بإبراز الشخصية التي يتمتع بها البطل (بيتشورين) حسب وجه نظر كل فرد من أفرادها، مضيفاً إلى ذلك المذكرات التي كتبها  بيتشورين ذاته.

أحداث الرواية

في بداية الرواية كانت تدور الوقائع حول البطل بتشورين، فهو أحد الضابط الذين يعملون لصالح دولة روسيا، وعلى الأخص كان مكان عمله ضمن جيوش القوقاز في ذلك الوقت، فقد كان يوصف من قِبل الأشخاص من حوله، على أنه شخص على مستوى عالي من الثقافة، كما أنه كان يمتلك ذكاء حاد، لكن على الرغم من كل ذلك، إلّا أنه لم يعرف في يوم من الأيام المعنى الحقيقي للسعادة، ولا ينبض قلبه بالحب، وحتى الصداقة لم تكن في يومياته.

فهو على الدوام يعيش في حالة من الضجر والعنف والشك، فمبدأ الثقة لديه معدوم، ولم يكن هو بمفرده يعيش مثل تلك الحالة، وإنما كانت تلك الحالة ظاهرة متفشية بين الكثير من الشباب في تلك الفترة، ولم يكن ذلك غريباً، فذلك الجيل كان قد عاصر العديد من المآسي والألم والاضطهاد، حيث كان ذلك بعد قيام النظام القيصري في ذلك الوقت على قمع واضطهاد كل شخص تسول له نفسه القيام بالثورة أو انتفاضة،، وكل هذا كان يحدث في سنة 1825م.

كل ذلك قام الكاتب بالحديث عنه، من وجهة نظر شخصين، كانا قد قابلا بيتشورين في يوم من الأيام وتكلما عنه، كما استند الكاتب أيضاً على المذكرات التي قام بيتشورين بتدوينها، فقد أوضح العديد من الجوانب التي كانت لا يظهرها بيتشورين على الإطلاق، إذ عمل على كشف البعد الفلسفي والعميق في شخصيته، حيث أنّ تلك الطريقة لم يسبق وأن أحد من الأدباء ولا حتى القراء في ذلك العصر قام بطرحها ، ولم يتم التطرق إليها في أي مجال من مجالات الكتابة.

إذ أنه استخدم البطل ذاته في الأجزاء الخمس من الرواية، لكن في تنويع بين الحالات التي يكون البطل عليها، إذ أنه في مرة يكونه هو ذاته الراوي، وفي القصة الثانية يكون إنسان متوفي، وفي القصة التالية نرى أن هناك شخص آخر يقوم بسرد الأحداث عنه،  أو أنه هو من يسرد في مذكراته، وهذا الشيء جعل للرواية سحر وعمق عمل على جذب القارئ للرواية، والتشوق في معرفة الأحداث المتتالية.

ففي أول القصة نرى أنّ الكاتب هو من يقوم بسرد أحداث القصة، إذ تحدث عن علاقة عاطفية بين بتشورين وفتاة تدعى بيلا، وهي ابنة أمير التتار آنذاك، وبعد إقامة علاقة حب وعشق طويلة بينهم يقوم بالتخلي عنها، ويكون ذلك بعد أن لا يترك أمر رذيل إلا ويقوم بفعله معها، ثم  بعد ذلك، يأتي أيضاً شخص آخر يتمتع بنفس صفات بتشورين، لكن الفرق بينه وبين بتشورين هو أنه من التتار، إذ يقوم بنفس بعمل أقذر الرذائل معها كذلك وبعد ذلك يقوم بقتلها.

بعد ذلك تبدأ القصة الثاني من الرواية، حيث يظهر شخص يدعى مكسيم مكسيموفتش، وهو أحد الضباط الروسيين، لكنه في عمر الشيخوخة، وكان قد عاش فترة لا بأس بها في منطقة القوقاز، ومن هناك تعرف على البطل بتشورين وما فعله مع بيلا، وحينما علم مكسيم بما فعله ذلك النذل، بدأ على الفور بالمناداة حول التخلص من قيم النذالة، والتجوه بالفكر نحو الأفعال الجيدة، ومن هنا تمت معرفة القيم التي يتصف بها مكسيم.

الجزء الثالث من القصص كانت تتحدث عن تامان، وهي إحدى الفتيات اللواتي يتمتعن بجمال فائق، كانت تعمل قاطعة طريق، ولكن  دون علم أحد، وفي ذات يوم يتمكن بتشورين من اكتشاف ذلك، هنا تضطر الفتاة إلى خداعة بشتى الطرق، حتى تمكنه منه، فقامت على الفور بقتله ورمي كافة أشلاء جسده في البحر، لكن مما أوقع القراء في حيرة، أنهم لم يعلموا أو يسمعوا بتلك القصة، إلا من خلال المذكرات التي كان قد كتبها بتشورين. ومن خلال التنقيب والتفتيش في تلك المذكرات أيضاً،  ظهرت الجزء الرابع من الرواية، إذ كانت حكاية عن الأميرة ماري، فقد كان بتشورين يعيش حالة من الحب المزدوج لها.

بينما في القصة الخامسة والأخيرة، فقد كانت الأحداث على شكل مواعظ وحكم، إذ أراد ليرمنتوف أن يقول للجميع، أنّ الإنسان في النهاية لا يمكنه أن يكون متحكمًا في مصيره، بل إنه يكون مصيره على حسب الأفعال التي يقوم بتقديمها في حياته، فالأقدار هي من تقوم بتسييره على هواها، فقد ظن البعض من القراء أنه أراد من خلال ذلك، أن يقوم بإيجاد مبرر لأفعال البطل في الرواية.

حيث كان البطل في الماضي يتألم كثيراً، والسبب في ذلك، أنه كان على الدوام يلازمه خوف شديد، من أن يعيش بالعبودية التي يعيشها الكثير من الناس في ذلك عصره، لكن مع مرور العديد من السنوات تمكن من قتل الفضائل والمشاعر الرحيمة؛ وذلك حتى يتعلم كيف يواجه الألم دون مبالاة، بغض النظر عما قد يشعر به الآخرين، وهنا وجد نفسه ضحية للمجتمعات والقدر أولاً، قبل أن يقوم بإيقاع نفسه بسبب ضحاياه، ومن هنا جاءت القوة التي تمتع بها بطل الرواية.

المصدر: Hero of Hour Times


شارك المقالة: