قصة قصيدة - أجاب دمعي وما الداعي سوى طلل -

اقرأ في هذا المقال


التعريف بالشاعر أبو الطيب المتنبي:

أمَّا عن التعريف بشاعر هذه القصيدة: فهو أحمد بن الحسين بن الحسن الجُعفيّ بن عبد الصّمد أبو الطّيب، الذي عُرِف بلقب المتنبي، وهو أفخر وأشهر شعراء العرب، وُلِد في منطقة كندة في الكوفة ونُسِب إليها حينَ ولادتهِ في تلكَ المنطقة، وُلِد عام 303هـ، ونشأ وترعّرعَ في الشّام ثمَّ انتقل إلى البادية لِطلب العلم من الأدب، وعلوم اللّغة العربيّة، وصُنّف أنّهُ أمكن مَن تعلّم اللُّغة العربية وإلماماً لِقواعدها، ومن أعظم شعراء اللّغة العربيّة،عاش في كَنف سيف الدولة الحمداني في حلب.

شهد أبو الطيب المتنبي الفترة التي مرت فيها الدولة العباسية من تفككٍ واضطرابات سياسية، وكما عُرف عنه أنّه شاعر يصف الشيء كما هو وأنّ شعره جميل الوصف وبديع المعاني وعذب الألفاظ.

كتب أبو الطيب المتنبي أجمل وأعظم أشعاره في سيف الدولة الحمداني، حيث كتب له عن المدح والوصف وغيرها، حيث عاش أفضل حياته في بلاط سيف الدولة الحمداني وأصبح من أهم شعراء البلاط، حتى أنّه شارك سيف الدولة في العديد من المعارك وكان يصف له المعارك التي قام بها.

قصة قصيدة ” أجاب دمعي وما الداعي سوى طلل “:

مناسبة هذه القصيدة عندما دخل أبو الطيب المتنبي على سيف الدولة بعد تسع عشرة ليلة من الغياب، فاستقبله الغلمان وبعد ذلك أدخلوه إلى غرفة الكسوة لكي يتعطر ويتتطيب ومن ثم دخل إلى سيف الدولة، فسأله عن حاله فقال له أبو الطيب المتنبي: رأيت الموت عندك أحب إلي من الحياة بعدك! فرد عليه سيف الدولة الحمداني: بل يطيل الله بعمرك ودعا له، ثم غادر أبو الطيب المجلس معه حاشية ترافقه إلى منزله فقد أعطاه سيف الدولة الحمداني المال والعطور والهدايا، فقال أبو الطيب مادحًا سيف الدولة بقصيدة ذات معانٍ معبرة وجميلةٍ تصف كرمه وحسنه وموقفه، قائلاً:

أَجابَ دَمعي وَما الداعي سِوى طَلَلِ
دَعا فَلَبّاهُ قَبلَ الرَكــــبِ وَالإِبِــــلِ

ظَلِلتُ بَيــــــنَ أُصَيحــابي أُكَفكِفُـــهُ
وَظَلَّ يَسفَحُ بَينَ العُـــذرِ وَالعَــذَلِ

أَشكو النَوى وَلَهُم مِن عَبرَتي عَجَبٌ
كَذاكَ كُنتُ وَما أَشكو سِوى الكَلَلِ

وَما صَبابَــــةُ مُشتـــاقٍ عَلـــى أَمَـلٍ
مِنَ اللِقــاءِ كَمُشتـــاقٍ بِـــلا أَمَـــلِ

مَتى تَزُر قَومَ مَـن تَهوى زِيارَتَهــــا
لا يُتحِفوكَ بِغَيرِ البيضِ وَالأَسَــلِ

وَالهَجــرُ أَقتَــلُ لــي مِمّـــا أُراقِبُــــهُ
أَنا الغَريقُ فَما خَوفي مِــنَ البَلَــلِ

ما بالُ كُــلِّ فُؤادٍ فـــي عَشيرَتِـــــها
بِهِ الَّذي بي وَما بي غَيرُ مُنتَقِـــلِ

مُطاعَةُ اللَحظِ في الأَلحاظِ مالِكَــــةٌ
لِمُقلَتَيها عَظيمُ المُلكِ في المُقَـــــلِ

تَشَبَّهُ الخَفِــراتُ الآنِســــاتُ بِهـــــا
في مَشيِها فَيَنَلنَ الحُســنَ بِالحِيَــلِ

قَــد ذُقــتُ شِـــدَّةَ أَيّامــي وَلَذَّتَهــــا
فَما حَصَلتُ عَلى صابٍ وَلا عَسَلِ

وَقَد أَراني الشَبابُ الروحَ في بَدَني
وَقَد أَراني المَشيبُ الروحَ في بَدَلي

وَقَــد طَرَقـــتُ فَتــاةَ الحَـيِّ مُرتَدِياً
بِصاحِـبٍ غَيرِ عِزهاةٍ وَلا غَـــزِلٍ

فَباتَ بَيــــــنَ تَراقينـــا نُدَفِّعُــــــــهُ
وَلَيسَ يَعلَــمُ بِالشَكوى وَلا القُبَــــلِ

ثُمَّ اِغتَدى وَبِهِ مِن رَدعِهــــا أَثَــــرٌ
عَلى ذُؤابَتِهِ وَالجَفــــنِ وَالخِلَــــــلِ

لا أَكسِبُ الذِكرَ إِلّا مِن مَضارِبِـــهِ
أَو مِن سِنانٍ أَصَــمِّ الكَعبِ مُعتَدِلِ

المصدر: كتاب " في عالم المتنبي " تأليف عبد العزيز الدمسوقيكتاب " الشعر في رحاب سيف الدولة الحمداني " للمؤلف الدكتور سعود الجباركتاب " مع المتنبي " تأليف طه حسين


شارك المقالة: