قصة قصيدة أفي كل عام غربة ونزوح

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة أفي كل عام غربة ونزوح:

أمّا عن مناسبة قصيدة “أفي كل عام غربة ونزوح” فيروى بأن عوف بن محلم الخزاعي، كان من المقربين عند الأمير عبد الله بن طاهر، وكان ممن يترددون على مجالسه، وعندما رأى عبد الله بن طاهر ما عند عوف من أدب وفضل تمسك به، وأخذ يفضل عليه حتى زاد ماله، وتحسنت أحواله، ولكن ومع هذا كله كان عوف يحن لأهله، ويطلب من الخليفة أن يبعثه إليهم، ولكنّ الخليفة لم يقبل بذلك.

وفي يوم من الأيام خرج عبد الله بن طاهر إلى خراسان، وكان معه عوف بن محلم، وبينما هم في طريقهم يتسمرون، ويتحادثون، سمع عبد الله صوت عصفور يغرد بأجمل الأصوات، فأعجب بصوته، ونظر إلى عوف وقال له: هل سمعت في حياتك قط أجمل من صوت هذا العصفور؟، فقال له عوف: لا والله يا أمير المؤمنين، وإن صوته لجميل، شجي، يطربك إذا سمعته، فقال عبد الله: قاتل الله أبا كبير، حينما قال:

ألا يا حمام الأيك إلفك حاضر
وغصنك مياد ففيم تنوح؟

أفق لا تنح من غير شيء فإنني
بكيت زماناً والفؤاد صحيح

ولوعاً فشطت غربة دار زينب
فها أنا أبكي والفؤاد قريح

فقال له عوف: والله إنّه قد أحسن وأجاد، ثم قال: أيها الخليفة، لقد كان في الهذليين ما يزيد على المائة شاعر، لا يوجد فيهم أحد مفلق، ولا يوجد شيء أبلغ في الشعر من الإبداع به، فقال له الخليفة: حلفتك بالله أن تجيز شعر أبا كبير، فقال له عوف: أصلح الله الخليفة، لقد كبرت فلي السن، وكاد أن يفنى عقلي، ونسيت معظم ما كنت أعرفه، فقال له الخليفة: سألتك بحق ابي أن تفعل، وعندما سمع عوف ذلك، أنشد قائلًا:

أفي كل عام غربة ونزوح
أما للنوى من ونية فتريح؟

لقد طلح البين المشت ركائبي
فهل أرين البين وهو طليح؟

وأرقني بالري نوح حمامة
فنحت وذو البث الغريب ينوح

على أنها ناحت ولم تذر دمعة
ونحت وأسراب الدموع سفوح

وناحت وفرخاها بحيث تراهما
ومن دون أفراخي مهامه فيح

ألا يا حمام الأيك إلفك حاضر
وغصنك مياد ففيم تنوح؟

عسى جود عبد الله أن يعكس النوى
فيلقي عصا التطواف وهي طريح

إن الغنى يدني الفتى من صديقه
وعدم الغنى بالمقترين طروح

فرق الخليفة لمّا سمع من شعر، ونزلت دموعه، وقال له: والله إن فراقك صعب علي، ولكن أريدك أن تعود إلى أهلك، وأمر له بثلاثين ألف درهم، فأنشد عوف يمدحه هو وأباه، قائلًا:

يا بن الذي دان له المشرقان
وألبس الأمن به المغربان

إن الثمانين، وبلغتها
قد أحوجت سمعي إلى ترجمان

وأبدلتني بالشطاط الحنا
وكنت كالصعدة تحت السنان

وعوضتني من زماع الفتى
وهمتي هم الجبان الهدان

وقاربت مني خطىً لم تكن
مقاربات وثنت من عنان

وأنشأت بيني وبين الورى
عنانة من غير نسج العنان

نبذة عن الشاعر عوف بن محلم:

هو أبو المنهال عوف بن محلم الخزاعي، ولد في عام مائة وستة وثلاثون للهجرة في الشام، من أدباء وشعراء العصر العباسي الأول، مئتان وعشرون للهجرة.

المصدر: كتاب " شعراء العباسيين " تأليف الدكتور رشدي علي حسنكتاب " معجم الأدباء " تأليف الدكتور عبد الحسين زينيكتاب " الشعر والشعراء " تأليف أبي قتيبة كتاب " الأغاني " تأليف ابو فرج الاصفهاني


شارك المقالة: