قصة قصيدة أقفر من أوتاره العود

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة أقفر من أوتاره العود

أمّا عن مناسبة قصيدة “أقفر من أوتاره العود” فيروى بأنه كان هنالك صديق لإبراهيم الموصلي اسمه منصور وكان يقال له زلزل، وكان زلزل مغنيًا من مغني بغداد، وكان صاحب مزمار وعود، وكان عنده جارية، وكانت هذه الجارية شديدة الجمال، فقام زلزل بتعليمها العزف على العود والمزمار، وفي يوم من الأيام حضر إبراهيم الموصلي بزيارة صديقه زلزل، وبينما هما جالسان، دخلت هذه الجارية، وأخذت تغني لهما، فأغرم إبراهيم الموصلي بصوت هذه الجارية وبجمالها، وكان يشتهي أن يسمع هذه الجارية وهي تغني، ولكنه كان كلما زار صديقه يستحي أن يطلب منه ذلك.

وفي يوم توفي زلزل، ووصل خبر موته إلى إبراهيم الموصلي، فتوجه إلى منزله لكي يعزي عائلته، وبينما هو في بيته، سمع بأنهم يريدون أن يبيعوا هذه الجارية، فطلب منهم أن يخرجوها، فأخرجوها، فقال لها: أنشدي شيئًا من الشعر، فطلبت الجارية أن يحضروا لها عودًا، وعندما أتوها بالعود، أمسكت به، وأخذت تنشد وهي تبكي قائلة:

أقفَرَ من أوْتارِه العُودُ
فالعُودُ للإقفارِ معمودُ

وَأوْحشَ المِزْمارُ من صَوْته
فمَا لَه بعدَكَ تَغريدُ

مَن للمزاميرِ وَسُمّاعِهَا
وعامِرُ اللّذاتِ مَفقُودُ

والخَمرُ تبكي في أبارِيقِهَا
والقَينةُ الخَمصانَةُ الرُّودُ

وعندما انتهت تنفست نفسًا، حتى ظن إبراهيم الموصلي أنها قد ماتت من أثره، فخرج من بيت صديقه، وتوجه إلى قصر أمير المؤمنين هارون الرشيد، ودخل إلى مجلسه، ورد عليه السلام، ومن ثم أخبره بخبر تلك الجارية، وما سمع منها من شعر، فأمره أن يعود إليها، وإحضارها إلى مجلسه، فتوجه إبراهيم إلى بيت صديقه، وأحضر الجارية، وتوجه عائدًا إلى مجلس الخليفة، ودخل بها إليه، فقال لها الخليفة: غني لي الصوت الذي غنيت به لإبراهيم، وكادت أن تبكي من شدة حزنها، ولكن الخليفة طلب منها أن لا تبكي، وكان قد أعجب بها وبصوتها، فقال لها: هل أشتريك؟، فقالت له: يا مولاي، أما أنك قد خيرتني، فإني لن أكذب عليك، فوالله إني لن أكون لك ذات فائدة.

فنظر الرشيد إلى إبراهيم، وقال له: هل تعرف بجارية في العراق عندها من الصفات ما عند هذه الجارية؟، فإن وجدتها فاشترها لي، فقال له إبراهيم: لا والله يا مولاي، ولا يوجد مثلها على وجه الأرض، فاشتراها الخليفة من مولاها، وأعتقها، وأجرى لها رزقًا.

نبذة عن جارية زلزل

هي جارية من الجواري في العصر العباسي، كانت لرجل يقال له زلزل، وبعد أن توفي، وقفت بين يدي هارون الرشيد، فأعجب بها، واشتراها، وأعتقها.

المصدر: كتاب "العقد الفريد" تأليف ابن عبد ربه الأندلسي كتاب "الأغاني" تأليف أبو فرج الأصفهاني كتاب "شرح نهج البلاغة" تأليف ابن أبي الحديدكتاب "الشعر والشعراء" تأليف ابن قتيبة


شارك المقالة: