قصة قصيدة استودع الله في بغداد لي قمرا

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة استودع الله في بغداد لي قمرا

أمّا عن مناسبة قصيدة “استودع الله في بغداد لي قمرا” فيروى بأن أبو الحسن بن زريق البغدادي، كان يعيش في بغداد، وكان متزوجًا من امرأة، وكان يحب زوجته كثيرًا، وفي يوم من الأيام وبعد أن ضاقت عليه الدنيا وهو في العراق، قرر أن يسافر إلى الأندلس، لعله يجد هنالك رزقًا يعيل به عائلته، ولكنه لم يستطع أخذ زوجته معه إلى هنالك، فتركها في بغداد، وسافر لوحده، وقضى في الأندلس فترة طويلة، وهو بعيد عن زوجته، وكان يشتاق إليها كثيرًا، ولم تغب عن باله لحظة، وفي يوم مرض ابن زريق مرضًا شديدًا، فكتب لزوجته قصيدة، يعبر فيها عن لوعة فراقها، قائلًا:

اِستَودِعُ اللَهَ فِي بَغدادَ لِي قَمَراً
بِالكَرخِ مِن فَلَكِ الأَزرارَ مَطلَعُهُ

وَدَّعتُهُ وَبوُدّي لَو يُوَدِّعُنِي
صَفوَ الحَياةِ وَأَنّي لا أَودعُهُ

وَكَم تَشبَّثَ بي يَومَ الرَحيلِ ضُحَىً
وَأَدمُعِي مُستَهِلّاتٍ وَأَدمُعُهُ

لا أَكُذب اللَهَ ثوبُ الصَبرِ مُنخَرقٌ
عَنّي بِفُرقَتِهِ لَكِن أَرَقِّعُهُ

إِنّي أَوَسِّعُ عُذري فِي جَنايَتِهِ
بِالبينِ عِنهُ وَقلبي لا يُوَسِّعُهُ

رُزِقتُ مُلكاً فَلَم أَحسِن سِياسَتَهُ
وَكُلُّ مَن لا يُسُوسُ المُلكَ يَخلَعُهُ

وَمَن غَدا لابِساً ثَوبَ النَعِيم بِلا
شَكرٍ عَلَيهِ فَإِنَّ اللَهَ يَنزَعُهُ

اِعتَضتُ مِن وَجهِ خِلّي بَعدَ فُرقَتِهِ
كَأساً أَجَرَّعُ مِنها ما أَجَرَّعُهُ

كَم قائِلٍ لِي ذُقتُ البَينَ قُلتُ لَهُ
الذَنبُ وَاللَهِ ذَنبي لَستُ أَدفَعُهُ

أَلا أَقمتَ فَكانَ الرُشدُ أَجمَعُهُ
لَو أَنَّنِي يَومَ بانَ الرُشدُ اتبَعُهُ

نبذة عن ابن زريق البغدادي

هو أبو الحسن علي بن زريق البغدادي، وهو شاعر عراقي، ولد في أحد أحياء مدينة بغداد، يقال له محلة الكرخ، ويعد الشاعر ابن زريق أحد أعجب الشعراء وأغربهم، حيث كان غريبًا عن أهل الأدب والعارفين به، فلم يعلم عنه احد شيء سوى اسمه، وأما ما عرفوه عن فقره، وعن المكان الذي عاش فيه فترة شبابه، وعن زوجته، واضطراره لمغادرتها، لم يعرفوه سوى من القصيدة الوحيدة التي أنشدها، والتي لم يعرف له قصيدة ولا حتى بيتًا آخرًا سواها.

والأغرب من هذا كله، أنه كيف قال قصيدة كهذه، والتي تعتبر واحدة من عيون الشعر العربي على مر العصور، ولم يكن مشهورًا ولم يؤثر عنه قوله غيرها.

تعتبر هذه القصيدة من أجمل قصائد الغزل في اللغة العربية، ويُعبّر فيها الشاعر عن حبه الشديد لزوجته، وعن حزنه على فراقها، ويستخدم الشاعر في هذه القصيدة العديد من الصور البيانية الجميلة، مثل التشبيه والاستعارة والكناية، وتُعدّ هذه القصيدة نموذجًا رائعًا للشعر العربي.


شارك المقالة: