قصة قصيدة - حننت إلى ريا ونفسك باعدت

اقرأ في هذا المقال


ما لا تعرف عن قصة قصيدة “حننت إلى ريا ونفسك باعدت”:

فهذه القصيدة للشاعر “الصمة بن عبد الله القشيري”، يعد شاعرًا من شعراء العصر الأموي لم يحالفه الحظ من الشهرة بالرغم أن هذه القصيدة رائعة في الوصف والنظم ذات معانٍ صلبة وفيها أروع المعانٍ في الغزل والحنين وذكر فيها نسيم الريح ولوحات الغروب البهيج تحت ضوء القمر. حيث أنها حظت من الشهرة، بالرغم من أنها من بديع ما قيل من أشعار في الغزل والنسيب.

قال أبو الفراج الأصفهاني عن هذه القصيدة “أنها أحسن وأفضل الأبيات في الغزل التي قيلت في عصر الجاهلية وحتى ما بعد الإسلام، هي القصيدة التي قالها صمة القشيري ما حنت إلى ريا ونفسك باعدت”.

أمَّا عن قصة هذه القصيدة “حنت إلى ريا ونفسك باعدت” أن الشاعر صمة القشيري أحب فتاة من قبيلة تسمى “العامرية بنت عطيف” فذهب إلى خطبتها من أبيها ولكنه رفض من الزواج منها، ولكن أبيها زوجها من شخص أخر يدعى “عامر بن بشر”.

وهنا ساءت به الحال بسبب زواج محبوبته من رجل غيره، وعندما رأو أهله بهذه الحالة زوجه من امرأة أخرى تسمى “جبرة” لعله ينسى حبه الأول ولكنه مع ذلك لم ينساها فترك قبيلة ورحل إلى العراق هاربًا من عشقه وحبه.

مات بمدينة “طبرستان” طبرستان بعيدًا عن أهله ووطنه في نهاية القرن الأول هجري، فكان يصيح باسم محبوبة (ريا) وقال هذه الأبيات:
حننت إلى ريا ونفسك باعدت
مزارك من ريا وسعياً كما معا

إلى قوله:

ولمْ أَرَ مِثلَ العامِرِيَّةِ قَبْلَها
ولا بعدَها يومَ ارْتَحَلْنا مُوَدِّعا

تُريكَ غَداةَ البَيْنِ مُقْلَةَ شادِنٍ
وجيدَ غَزالٍ في القَلائِدِ أَتْلَعا

القصة الأخرى لقصيدة “حننت إلى ريا ونفسك باعدت”:

الصمة القشيري التغلبي يكنى أبا مالك، فكان شاعرًا وأديبًا وفارسًا شجاعًا عرف أيام العرب وأوائل الإسلام. ريا التي أحبها الصمة كانت فارسة معروفة فقد نشئا مع بعض منذ الصغر وكانا يدرسان الأدب ويكتبا الأشعار، وهنا أعجب بها وأحبا بعضهم البعض كثيرًا، وعندما أصبح شابًا ذهب وخطبها من أبيها فقال له والدها مهرها مائة من الأبل، فذهب إلى والده فأعطاه تسع وتسعين من الأبل ولكن أبا ريا رفض ذلك، وبعد رفض والد ريا رحل إلى العراق حاملاً معه ذكريات ريا.

فلما يأس من هذا الأمر وطال الفراق فتنازع الشوق عنه طلب من ربه المرض حتى مَرض ، فأتى عليه كاهناً وهو في العراق فسأله: ما الذي اضعفك؟ فأخبره أن والد محبوبتي لم يرضى أن أتزوج من ابنته بها أبداً فحب ريا أضعفني وأمرضني. فأنشد قائلاً:

أمن ذكر دار بالرقاشين أعصفت
به بارحات الصيف بدأ ورجعا

حننت إلى ريا ونفسك باعدت
مزارك من ريا وسعياً كما معا

ويقول أيضاً في “كتاب الأغاني لأبي الأصفهاني” أنه كان رجلاً من طبرستان كبير السن فكان ضائعًا فوقع على الأرض وهو يردد:

تعزَّ بصبرٍ لا وجدك لا ترى
بشام الحمى اخرى الليالي الغوابر

كأن فؤادي، من تذكرة الحمى
واهل الحمى يصفونه ريش طائر

كما جاء في نص القصيدة ما يلي:

أَمِنْ أَجْلِ دارٍ بالرَّقاشَيْنِ أَعْصَفَتْ
عليها رياحُ الصَّيفِ بَدْءً ومَرْجِعا

حننت إلى ريا ونفسك باعدت
مزارك من ريا وسعياً كما معا

أَرَبَّتْ بها الأَرْواحُ حتى تَنَسَّفَتْ
مَعارِفُها إلاّ الصَّفيحَ المُوَضَّعا

وغيرَ ثَلاثٍ في الدِّيارِ كأنّها
ثَلاثُ حَماماتٍ تَقابَلْنَ وُقَّعا

بَكَتْ عَينُكَ اليُسْرى فلمّا زَجَرْتَها
عَنِ الجَهلِ بعدَ الحِلْمِ أَسْبَلَتا مَعا

ولمْ أَرَ مِثلَ العامِرِيَّةِ قَبْلَها
ولا بعدَها يومَ ارْتَحَلْنا مُوَدِّعا

تُريكَ غَداةَ البَيْنِ مُقْلَةَ شادِنٍ
وجيدَ غَزالٍ في القَلائِدِ أَتْلَعا

وقال أيضاً:

لقد خِفْتُ أَن لا تَقنَعَ النَّفْسُ بعدهُ
بشْيءٍ مِنَ الدُّنْيا وإنْ كانَ مُقْنِعا

وأَعْذِلُ فيهِ النَّفْسَ إذ حِيلَ دُونَهُ
وتَأْبى إليهِ النَّفْسُ إلاّ تَطَلُّعا

سَلامٌ على الدّنيا فما هِيَ راحَةٌ
إذا لم يَكُنْ شَمْلي وشَمْلُكُمُ معا

ولا مَرْحَباً بالرَّبْعِ لستُمْ حُلولَهُ
ولو كانَ مُخْضَلَّ الجَوانِبِ مُمْرِعا

فماءٌ بلا مَرْعىً ومَرْعىً بِغَيْرِ ما
وحيثُ أَرى ماءً ومَرْعىً فَمَسْبَعا

لعَمْري لقد نادى مُنادي فِراقِنا
بِتَشْتيتِنا في كُلِّ وادٍ فأَسْمَعا

كأَنّا خُلِقْنا للنَّوى وكأنّما
حَرامٌ على الأَيّامِ أن نَتَجَمَّعا

المصدر: كتاب " الأغاني " تأليف أبو الفراج الصفهانيكتاب " الرسالة القشيرية " تأليف القشيريكتاب " روائع أقوال العرب " جمع و إعداد وائل المرعشلى كتاب " الإصابة في تمييز الصحابة " تأليف أحمد بن علي بن حجر العسقلاني


شارك المقالة: