قصة قصيدة - ما كان ذنب بغيض أن رأى رجلا

اقرأ في هذا المقال


ما لا تعرف عن قصة قصيدة “ما كان ذنب بغيض أن رأى رجلا”:

أما عن التعريف بالشاعرالحطيئة: فهو جرول بن أوس، فلقب الحطيئة؛ لأنه كان قصيرًا قريبًا من الأرض فكان شاعرًا من شعراء المخضرمين، فكان الحطيئة ذات طبع لئيم ولكنه رقيق الإسلام، يكنى أبا مليكة.

أمَّا عن قصدة قصيدة “ما كان ذَنْبُ بَغِيضٍ أَنْ رَأَى رَجْلاً” كان الحطيئة جار الزبرقان “فكان هذا سيد من سادات قبيلة بني تميم” فكان يكرم بغيض بدلاً منه، فقال الحطيئة في هجاء الزبرقان ومدح بغيض:

ما كان ذَنْبُ بَغِيضٍ أَنْ رَأَى رَجْلاً
ذَا حاجَة عاشَ في مُسْتَوْعَرٍ شَاسِ

جاراً لِقَوْمٍ أَطـالُوا هُونَ مَنْــزِلِه
وغــادَرُوهُ مُقيماً بينَ أَرْمَاسِ

مَلّـوا قرَاهُ وهَرَّتْهُ كِــــلاَبُهُمُ
وجَرَّحُوهُ بأَنْيابٍ وأَضْــرَاسِ

دَعِ المَـــكَارمَ لا تَرْحَلْ لِبُغْيَتِهَا
واقْعُدْ فإِنَّكَ أَنْتَ الطَّاعِمُ الكَاسِى

عندما سمع الزبرقان بما قال الحطيئة ذكر إلى عمر بن الخطاب لكي يشكو له عن الحطيئة، وقال له أنه هجاني بقوله:

دع المكارم لا ترحل لبغيتها
واقعد فإنّك أنت الطاعم الكاسي

فقال عمر: لا أرى أن هذا الشعر هجاء، ولكنه أراد من ذلك رد حدود الشبهات عنه، فقال الزبرقان: هذا حسان بن ثابت، فقال: آتوني بحسان بن ثابت، فلما أتى قال للزبرقان أنشد الشعر، فأنشده، فقال حسان: نعم يا أمير المؤمنين أن هذا الشعر لهجاء، فقال عمر بن الخطاب: آتوني بالحطيئة لكي أقطع لسانه، ولكن استشفع فيه فحبسه وفي الحبس كتب لعمر بن الخطاب هذه القصيدة يقول فيها:

ماذا تقول لأفراخ بـذي مَرَخٍ
زغبِ الحواصِل لا ماء ولا شجرُ

ألقيت كاسبَهم في قعر مظلمـةٍ
فاغفرْ عليك سلامُ الله يا عمرُ

أنت الإِمامُ الذي من بعد صاحبِهِ
ألقى إليك مقاليدَ النُّهَى البشرُ

لم يؤثــروك بها إذ قدَّموك لها
لكن لأنفسِهم كانت بك الأُثَرُ

فامنُنْ على صِبيةٍ مسكنُهم
بين الأباطح تَغْشاهم بها القِرَرُ

أهلي فـدَاؤُكَ كم بيني وبينهُم
من عَرْض داوِيةً تَعْمَى بها الخُبُرُ

وعندما قرأها أمير المؤمنين بكى وقال أحضروا إلي الحطيئة، فقال له: والله أني هجوت أمي وأبي وامرأتي ولكن لم استطيع أن أهجوك، فقال له عمر: كيف ذلك؟، فقال قلت لأبي:

لحَــاكَ اللهُ ثم لحَاكَ حقّاً
أَباً ولحَــاكَ من عَمٍّ وخالِ

فنعِمْ الشَّيْخُ لَدَى المَخَازِى
وبِئسَ الشَّيْخُ أَنْتَ لَدَى المَعَالِى

جَمَعْتَ اللُّؤْمَ لا حَيَّاكَ رَبِّى
وأَبْـوابَ السَّفَاهةِ والضَّلاَلِ

وأيضاً قلت لأمي:

تَنَحَّىْ فاقْعُـدِى مِنِّـى بَعِيداً
أَراحَ اللهُ مِنْكِ العالَمِينَا

أَلَمْ أُوِضح لَـكِ البَغْضاءَ مَنى
ولكِنْ لا إِخالُكِ تَعْقِلينَا

أَغِرْبالاً إِذَا اسْتُودِعْــتِ سِراً
وكانُوناً على المُتَحَدَّثِينَا

جَزاكِ اللهُ شَراً مِنْ عَجْــوزٍ
ولَقَّاكِ العُقُوقِ مِنَ البَنينَا

حَيَاتُكِ ما عَلِمْتُ حَيَاةُ سَوْءٍ
ومَوْتُكِ قد يَسُرُّ الصَّالِحينَا

وأيضاً قلت لامرأتي:

أطوّف ما أُطــوّف ثم آوي
إلى بيت قعيــدته لكاع

وقد وصل الهجاء إلي عندما اطلعت في بئر فرأيت وجهي قبيحاً فقلت:

أبت شفتـاي اليوم إلاّ تكلّما
بسوءٍ فلا أدري لمن أنا قائله

أرى لي وجهـاً قبّح اللّه خلقه
فقبّح من وجهٍ وقبّح حامله

وعندما سمع ما قاله الحطيئة أبتسم عمر بن الخطاب وقال: أن عفوت عنك الآن، فهل تهجو أحداً بعد اليوم؟، فرد عليه: لا يا أمير المؤمنين وهذا وعدًا مني!، ويقال أنه رجع للهجاء بعد مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

المصدر: كتاب " في تاريخ الأدب العربي " إعداد شوقي ضيفكتاب " تطور الشعر العربي في العصر الحديث " تأليف حلمي القاعودكتاب "حسان بن ثابت في معايير النقد قديماً وحديثاً" تأليف بان حميد الراويكتاب " معالم المسجد النبوي الشريف " تأليف الدكتور خالد محمد حامد


شارك المقالة: