قصة قصيدة وكنا جميعا فرق الدهر بيننا

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة وكنا جميعا فرق الدهر بيننا

أمّا عن مناسبة قصيدة “وكنا جميعا فرق الدهر بيننا” فيروى بأن سيبويه خرج من البصرة التي لم تعد تلبي طموحاته، وتوجه صوب بغداد التي كانت عاصمة العالم الإسلامي في ذلك الوقت، وكان ذلك في فترة حكم الخليفة هارون الرشيد، ووزارة يحيى بن خالد البرمكي، ووجد بأن الكسائي هو إمام أهل اللغة والنحو فيها، فأراد أن يناظره، الذي أدرك بدوره أن سيبويه يريد مناظرته للإيقاع به، فاتفق مع تلامذته على حيلة لكي يوقع به، وكانت الخطة أن يرهقوه بالأسئلة التي فيها خلاف، حتى تفتر همته، ويعجز عن الرد، فيقوم الكسائي وقتها بالإجابة على الأسئلة، والانتصار عليه.

وعندما بدأت المناظرة بين الاثنان، أخذ تلامذة الكسائي بإمطار الأسئلة على سيبويه، ولكنه كان يجيبهم على كل أسئلتهم من دون كلل أو ملل، وهم يخالفونه، حتى مل منهم، وعندها دخل الكسائي، ومعه جماعة من المقربين من الخليفة ووزيره، وسأله سؤالًا، ولم يتمكن من الإجابة عنه بالطريقة التي أرادها الكسائي، والتي كان قد بينها لمن كانوا معه قبل أن يدخلوا إلى المجلس، فقرر سيبويه الخروج من العراق، ويعود إلى إلى الأهواز.

وينما هو في طريق عودته، مرض بسبب قهره وحزنه، وكان ذلك المرض هو المرض الذي أودى بحياته، فجعل يجود بنفسه ويقول:

يؤمل دنيا لتبقى له
فمات المؤمل قبل الأمل

حثيثاً يرى أصول النخيل
فعاش الفسيل ومات الرجل

ومن ثم وضع رأسه على حجر أخيه، فبكى أخوه عندما رأى ما فيه من مرض وسقم، فنزلت دمعة من عينه على وجه سيبويه، فأخذ ينشد قائلًا:

وكنا جميعا فرَّق الدهر بيننا
إلى الأمد الأقصى فمن يأمن الدهرا

وهكذا انتهت حياة علامة وإمام النحو، ذلك الغلام الذي كان لحنه وأخطائه في القراءة سببا في تصميمه على تعلم العربية وأصولها، فكان ذلك المنعرج في حياته الذي فتح على علم النحو والعربية بتأليف أول كتاب منهجي مقسّم إلى أبواب منسّقة، ذلك التنسيق والترتيب، فكان كتابه الكتاب الذي يعد أساس علم النحو العربي.

نبذة عن سيبويه

هو أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثي، إمام علماء النحو، وأول من بسّط علم النحو، ولد في شيراز في بلاد فارس، وتوفي فيها.

المصدر: كتاب "الشعر والشعراء" تأليف ابن قتيبة كتاب "الأغاني" تأليف أبو فرج الأصفهاني كتاب "العقد الفريد" تأليف ابن عبد ربه الأندلسي كتاب "البداية والنهاية" تأليف ابن كثير


شارك المقالة: