قصة قصيدة - يا دار عبلة بالجواء تكلمي

اقرأ في هذا المقال


التعريف بالشاعر عنترة بن شداد

أمَّا عن التعريف بشاعر هذة القصيدة: فهو عنترة بن شداد بن عمر بن معاوية بن مخزوم بن ربيعه وقيل عنترة بن شداد العبسي على اختلاف بين الرواة. وقد لقِّب ب”عنترة الفلحــــاء” لتشقُّق شفتيه، وأُمُّهُ أَمَةٌ حبشية تدعى “زبيبة” وقد ذكر ابن الكلبي أَن سبَّب ادعاء أبي عنترة إياه أَنَّ بعض أَحياء العرب أَغاروا على بني عبس وكان من بينهم عنترة فقال له أَبوه : كُرَّ يا عنترة فقال عنترة : “العبد لا يحسن الكرّ وإِنَّما يحسن الحلاب والصّر” فقال أَبوه: “كرّ يا عنترة وأَنت حرٌّ. وهكذا استحق عنترة حريَّته بفروسيتة وشجاعته وقوته.

قصة قصيدة ” يا دار عبلة بالجواء تكلمي “

شهد التاريخ كثير من قصص العشق ومنها إنتهت بسعادة ومنها إنتهت بتعاسة مثل موت الحبيب، وكما سمعنا بقصص مثل (قيس وليلى، عنترة وعبلة وجميل وبثينة ).

وأمّا عن مناسبة قصيدة ” يا دار عبلة بالجواء تكلمي *** وعمي صباحاً دار عبلة وأسلمي “ يحكى أنّ هذه القصيدة من القصص التي أشتهرت على مر التاريخ وكان بطلها عنترة بن شداد من قبيله بني عبس أحب فتاةً تدعى عبلة من نفس قبيلته وهي ابنة عمه، وكان القوم يعيروه ويقولون له أبن الجارية فأثبت قدرته في حرب داحس والغبراء فكان فيها فارساً شجاعاً وعندما رأى القوم شجاعته نسبوه إلى بني عبس.

أحب عنترة عبلة بنت مالك ولكن أباها رفض وكان الوصول إليها مستحيل إلى أن خاض معركة أسطورية حسب ما طلب والد عبلة منه أن يجلب له لبن العصفور من ملك يدعى (النعمان)، فكان هذا المهر الذي طلبه والد عبلة منه، فكتب عنترة اشعار كثيرةً لها وأشهرها المعلقة التي ذكر فيها ما يلي:

هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ منْ مُتَـرَدَّمِ
أم هَلْ عَرَفْتَ الدَّارَ بعدَ تَوَهُّـمِ

يَا دَارَ عَبْلـةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمِـي
وَعِمِّي صَبَاحاً دَارَ عبْلةَ واسلَمِي

فَوَقَّفْـتُ فيها نَاقَتي وكَأنَّهَـا
فَـدَنٌ لأَقْضي حَاجَةَ المُتَلَـوِّمِ

وتَحُـلُّ عَبلَةُ بِالجَوَاءِ وأَهْلُنَـا
بالحَـزنِ فَالصَّمَـانِ فَالمُتَثَلَّـمِ

حُيِّيْتَ مِنْ طَلَلٍ تَقادَمَ عَهْـدُهُ
أَقْـوى وأَقْفَـرَ بَعدَ أُمِّ الهَيْثَـمِ

حَلَّتْ بِأَرْضِ الزَّائِرِينَ فَأَصْبَحَـتْ
عَسْرًا عَلَى طُلَّابِكِ ابْنَةُ مُحَرِّمِ

عَلَّقْتُهَا عَرْضًا وَأَقْتُلُ قَوْمَهَ
ا زَعْمًا لِعُمْرِ أَبِيكَ لَيْسَ بِمُزْعَمِ

وَلَقَدْ نَزَلْتِ فَلا تَظُنِّي غَيْرَهُ
مِنِّي بِمَنْزِلَةِ الْمُحِبِّ الْمُكْرَمِ

كَيْفَ الْمِزَارُ وَقَدْ تَرَبَّعَ أَهْلُهَا
بِعَنْزَتَيْنِ وَأَهْلُنَا بِالْغَيْلِمِ


إِنْ كُنْتُ أَزْمَعْتُ الْفِرَاقَ فَإِنَّمَا
زَمَتْ رِكَابَكُمْ بِلَيْلٍ مُظْلِمِ

مَا رَاعَنِي إِلَّا حَمُولَةُ أَهْلِهَا
وَسْطَ الدِّيَارِ تَسْفُ حَبَّ الْخُمْخَمِ

فِيهَا اثْنَتَانِ وَأَرْبَعُونَ حَلُوبَةٌ
سُودًا كَخَافِيَةِ الْغُرَابِ الْأَسْحَمِ

إِذْ تَسْتَبِيكِ بِذِي غُرُوبٍ وَاضِحٍ
عَذْبٍ مُقَبِّلٍ لَذِيذِ الْمَطْعَمِ

وَكَأَنَّ فَارَةَ تَاجِرٍ بِقِسْمَةٍ
سَبَقَتْ عَوَارِضُهَا إِلَيْكَ مِنْ الْفَمِ


أَوْ رَوْضَةً أَنْفًا تَضْمَنَ نَبْتَهَا
ا غَيْثٌ قَلِيلُ الدِّمْنِ لَيْسَ بِمُعْلَمِ

والخَيـلُ تَقْتَحِمُ الخَبَارَ عَوَابِسـاً
مِن بَيْنَ شَيْظَمَـةٍ وَآخَرَ شَيْظَـمِ

ذُللٌ رِكَابِي حَيْثُ شِئْتُ مُشَايعِي
لُـبِّي وأَحْفِـزُهُ بِأَمْـرٍ مُبْـرَمِ

ولقَدْ خَشَيْتُ بِأَنْ أَمُوتَ ولَم تَـدُرْ
للحَرْبِ دَائِرَةٌ على ابْنَي ضَمْضَـمِ

الشَّـاتِمِيْ عِرْضِي ولَم أَشْتِمْهُمَـا
والنَّـاذِرَيْـنِ إِذْ لَم أَلقَهُمَا دَمِـي

إِنْ يَفْعَـلا فَلَقَدْ تَرَكتُ أَباهُمَـا
جَـزَرَ السِّباعِ وكُلِّ نِسْرٍ قَشْعَـمِ

شرح أبيات قصيدة “هل غادر الشعراء” لعنترة بن شداد

البيت الأول: هل غادر الشعراء من متردم؟… أم هل عرفت الدار بعد توهم؟

  • “هل غادر الشعراء”: استفهام إنكاري، يُعبّر عن شعور عنترة بالفخر والإعجاب بنفسه كشاعر.
  • “من متردم”: “متردم” اسم مكان، يُقال أنه موطن قبيلة عبس التي ينتمي إليها عنترة.
  • “أم هل عرفت الدار بعد توهم”: استفهام إنكاري آخر، يُعبّر عن شعور عنترة بالدهشة من تغيّر الدار بعد غيابه عنها.

البيت الثاني: يا دار عبلة بالجواء تكلمي…. وعمي صباحا دار بلة و اسلمي

  • “يا دار عبلة”: مخاطبة للدار التي سكنتها عبلة حبيبة عنترة.
  • “بالجواء تكلمي”: طلب من الدار أن تتكلم وتُخبر عن أخبار عبلة.
  • “وعمي صباحا دار بلة و اسلمي”: تحية للدار وأهلها.

البيت الثالث: فوقفت فيها ناقتي و كأنها…. فدن لأقضي حاجة المتلوم

  • “فوقفت فيها ناقتي”: وصف لموقف عنترة أمام دار عبلة.
  • “و كأنها فدن لأقضي حاجة المتلوم”: تشبيه الناقة بالفدن، وهو نوع من الطيور، يُعبّر عن رغبة عنترة في قضاء حاجته، وهي رؤية عبلة.

البيت الرابع: وتحل عبلة بالجواء و أهلنا…. بالحزن فالصمان فالمتثلم

  • “وتحل عبلة بالجواء”: وصف لوصول عبلة إلى الدار.
  • “و أهلنا بالحزن فالصمان فالمتثلم”: وصف لحالة أهل عنترة من الحزن والبكاء.

البيت الخامس: حييت من طلل تقادم عهده….. أقوى و أقفر بعد أم الهيثم

  • “حييت من طلل”: تحية لآثار الدار القديمة.
  • “تقادم عهده”: وصف لقدم الدار.
  • “أقوى و أقفر بعد أم الهيثم”: وصف لحالة الدار بعد موت أم الهيثم، وهي امرأة كانت تسكن الدار.

البيت السادس: حلت بأرض الزائرن فأصبحت… عسرا علي طلابك ابنة مخرم

  • “حلت بأرض الزائرن”: وصف لوصول عبلة إلى أرض الزائرين.
  • “فأصبحت عسرا علي طلابك”: وصف لصعوبة الوصول إلى عبلة.
  • “ابنة مخرم”: كنية عبلة.

البيت السابع: علقتها عرضا و أقتل قومها…… زعما لعمر أبيك ليس بمزعم

  • “علقتها عرضا”: تعليق عنترة لحب عبلة على المشجب.
  • “و أقتل قومها”: وصف لشجاعة عنترة وقتله لأعدائه.
  • “زعما لعمر أبيك ليس بمزعم”: تأكيد عنترة على صدق ما قاله.

البيت الثامن: ولقد نزلتي فلا تظني غيره…. مني بمنزلة المحب المكرم

  • “ولقد نزلتي”: وصف لوصول عبلة إلى منزلة عالية في قلب عنترة.
  • “فلا تظني غيره”: تأكيد عنترة على حبّه لعبلة.
  • “مني بمنزلة المحب المكرم”: وصف لمكانة عبلة في قلب عنترة.

البيت التاسع: كيف المزار وقد تربع أهلها….. بعنزتين و أهلنا بالغيلم

  • “كيف المزار”: تساؤل عن كيفية زيارة عبلة.
  • “وقد تربع أهلها بعنزتين”: وصف لحالة أهل عبلة من الفقر.
  • “و أهلنا بالغيلم”: وصف لحالة أهل عنترة من الغنى.

البيت العاشر: إن كنت أزمعت الفراق فإنما…. زمت ركابكم بليل مظلم

  • “إن كنت أزمعت الفراق”: تعبير عن رغبة عنترة في الفراق.
  • “فإنما زمت ركابكم بليل مظلم”: وصف لطريقة عنترة في الفراق، حيث يرحل ليلاً دون أن يراه أحد.

البيت الحادي عشر: ما راعني إللا حمولة أهلها… وسط الديار تسف حب الخمخم

  • “ما راعني إللا حمولة أهلها”: وصف لمفاجأة عنترة برؤية حمولة أهل عبلة.
  • “وسط الديار تسف حب الخمخم”: وصف لحالة أهل عبلة من الفقر حيث يجمعون حب الخمخم.

البيت الثاني عشر: فيها اثنتان و أربعون حلوبة…. سودا كخافية الغراب الأسحم

  • “فيها اثنتان و أربعون حلوبة”: وصف لعدد الأبقار التي يملكها أهل عبلة.
  • “سودا كخافية الغراب الأسحم”: تشبيه الأبقار بخافية الغراب في سوادها.

البيت الثالث عشر: يا عبل إن حبك قد أرداني…. فأغيثيني و لا تطيلي هجركم

  • “يا عبل إن حبك قد أرداني”: تعبير عن شدة حب عنترة لعبلة.
  • “فأغيثيني و لا تطيلي هجركم”: طلب من عبلة بالنجدة والتخفيف من هجره.

البيت الرابع عشر: وإنما هي ساعة فاقضوا حاجتي…. و لا تجشموني طول التكلم

  • “وإنما هي ساعة”: وصف لقصر مدة طلب عنترة.
  • “فاقضوا حاجتي”: طلب من عبلة بقضاء حاجته، وهي رؤيتها.
  • “و لا تجشموني طول التكلم”: طلب من عبلة عدم إطالة الحديث.

البيت الخامس عشر: ألا يا عبل قد قلت ما عندي ……. فهل لك في جواب قاله فم

  • “ألا يا عبل قد قلت ما عندي”: تأكيد عنترة على قوله كل ما في نفسه.
  • “فهل لك في جواب قاله فم”: طلب من عبلة بالرد على كلامه.

هل تزوج عنترة بن شداد من عبلة؟

لا يوجد إجابة قاطعة على هذا السؤال. تختلف الروايات حول زواج عنترة من عبلة،

  • فبعض الروايات تقول أنه تزوج منها بعد أن حرّره عمه من العبودية،
  • بينما تقول روايات أخرى أنه لم يتزوجها.

وذلك لأسباب منها:

  • رفض والد عبلة زواجهما بسبب كونه عبدًا.
  • وفاة عنترة قبل أن يتمكن من الزواج من عبلة.

ولكن،

  • تشير بعض الأدلة إلى أنهما تزوجا بالفعل،
  • مثل وجود أشعار لعنترة يتحدث فيها عن زواجه من عبلة.

في النهاية، لا يمكن الجزم بحدوث زواج عنترة من عبلة بشكل قاطع، وذلك لعدم وجود أدلة قاطعة تثبت ذلك. ولكن، تبقى قصة حبهما من أشهر قصص الحب في التاريخ العربي.


شارك المقالة: