قصة ماركوس والحاسوب

اقرأ في هذا المقال


يعاني بعض الأهل من هوايات غير مفيدة يمارسها أبناؤهم، ولكن من واجب الأهل توجيه أبناؤهم إلى ما هو مفيد دائماً، سنحكي في قصة اليوم عن ولد كان مهووس بالجلوس أمام شاشة حاسوبه لساعات طويلة، ولكنّه عندما بدأ يجرّب الاعتناء بالحيوانات الأليفة والاستمتاع بالطبيعة من حوله، وجد أن متعته في العالم الحقيقية هي أكبر من متعته بجهاز الحاسوب.

قصة ماركوس والحاسوب

كان هنالك ولد اسمه ماركوس يبلغ من العمر خمسة عشر عاماً، يحب كثيراً الجلوس أمام شاشة الحاسوب، كان يقضي أمام شاشة الحاسوب ساعات طويلة جدّاً، وعلى الرغم من تحذير والديه له من عدم قضاء أوقات طويلة؛ إلّا أنّه كان يجد متعته وتسليته في الجلوس مع الحاسوب، وكان دائماً يقول للناس: هذا الجهاز هو مدخلي إلى هذا العالم.

كان والدي ماركوس يجدون صعوبة في تصديق كلامه، وكيف لشاشة الحاسوب أن تكون مدخله إلى العالم، وكيف يجد بالجلوس كل هذا الوقت التسلية والإفادة، ولكن لشدّة حب ماركوس للجلوس أمام هذا الجهاز، كانوا يتركونه يفعل ما يرغب فعله، وكان هنالك لعبة معيّنة يحب ماركوس أن يلعبها كثيراً، وهي لعبة السلاحف، وهي من أكثر الألعاب التي كان يلعبها من ضمن ألعاب الحاسوب المتنوّعة.

كان والد ماركوس في بعض الأحيان يدخل غرفة ابنه ويقول له: يا بني تعال وشارك معنا الحياة الطبيعية، ولكن لا يردّد سوى كلمة: هذا هو الجهاز الذي يجعلني أدخل العالم، يقوم ماركوس بجميع الكثير من السلاحف من خلال تلك اللعبة التي تتكوّن من مستويات مختلفة، وكان يستمتع بجمع السلاحف، ولم يكن هنالك أي أحد يستطيع جمع عدد كبير من السلاحف كما يفعل هو.

وفي يوم من الأيام عندما دخل ماركوس المنزل وكان عائد من المدرسة، اتجه مباشرةً إلى غرفته ليجلس أمام جهاز الحاسوب كما يفعل دائماً، ولكن حدث معه شيء غريب قبل أن يدخل غرفته؛ حيث كان  يستمع إلى أصوات تكسير قويّة في غرفته، وكأن هنالك مجموعة من الأشخاص يقومون بتحطيم جهاز حاسوبه.

دخل ماركوس غرفته وحدثت المفاجأة، قام بتشغيل جهازه وإذ بالسلاحف التي قام بجمعها خرجت من جهاز الحاسوب وملأت كل مكان صغير في غرفته، لم يصدّق ماركوس ما رأى وذهب مسرعاً لوالديه ليخبرهما بما حدث، وعندما دخلوا غرفته تفاجئوا بالسلاحف الكثيرة في غرفته، طلب ماركوس من والده أن يقوم بقرصه؛ حتّى يتأكّد بأنّه لا يحلم بذلك، وأنّ هذا الأمر هو واقع حقيقي.

نظر والد ماركوس لابنه وقال له: ما هذه السلاحف التي تملأ المكان؟ أعتقد أنّ هذا الأمر هو مسؤوليتك الآن وعليك أن تجد له الحل، لم يكن يعلم ماذا سيفعل، وكيف سيمكنه الاعتناء بهذا العدد الكبير من السلاحف، لم يجد حلّاً إلا الاستسلام لهذا الأمر، وبدأ بعد ذلك بدراسة كل ما يختص بالسلاحف ونظامهم الغذائي.

وصار يعتني بهم ويلاعبهم في غرفته، وبدأ يوماً بعد يوم يعتاد على هذا الأمر، وكان أحياناً يقوم ببعض الحيل لمحاولة دفعهم لمغادرة غرفته، ولكن كان هذه الحيل لا تنفع لذلك، فاستمرّ يعتني بهم ويطعمهم ويلاعبهم كل يوم، بالإضافة إلى أنّه أعطى لكل سلحفاة اسماً مخصّصاً لها، وصار ينادي كل واحدة باسمها.

كان ماركوس يحكي مغامراته اليومية مع السلاحف لكل من حوله أصدقائه ومعلمّوه وجيرانه، وكان يخبرهم باستمتاعه بالحياة الطبيعية معهم، وتعلّمه أيضاً المزيد عن خصائص الطبيعة المتنامية، بدأ  ينسى الجلوس أمام جهاز الحاسوب يوماً بعد يوم، حتى أنّه لم يكن يحد الوقت الكافي للاعتناء بالسلاحف، وصارت السلاحف هي جزء كبير من عالمه؛ حيث قرّر أن يخرج مع سلاحه إلى الريف ليتعلّم أكثر عن حياة السلاحف.

وعندما عاد ماركوس من الريف دخل يوم من الأيام غرفته ولم يجد هذه السلاحف، تفاجأ ماركوس باختفائها، وغضب والده وظنّ أن ماركوس سيعود للجلوس أمام جهاز الحاسوب، ولكنّه تفاجأ بأن ماركوس أخذ كل ما كان يدخره من أموال وذهب إلى متجر الحيوانات وقام بشراء سلحفاة صغيرة، ولم يعد يجلس أمام جهاز الحاسوب كما كان في السابق، بل إنّه أصبح لا يستخدم هذا الجهاز إلّا من أجل قراءة المعلومات التي تختصّ بالحيوانات الأليفة، وأبدل ماركوس جملته الشهيرة (الحاسوب مدخلي إلى العالم) بجملة (الحيوانات الأليفة هي مدخلي إلى العالم)، وعندما كان يسأله أحد عن سبب قوله: لقد وجدت من حولهم ما لم أكن أدركه من قبل.

المصدر: قصص الاطفال/مقهى الكتب/2019قصص أطفال عالمية مترجمة/توفيق عبدالله/2010قصص الاطفال ما قبل النوم/ياسر سلامة/2018قصص وحكاايات/مجموعة مؤلفين/2021


شارك المقالة: