قصة وجه الحجر الكبير - The Great Stone Face Story

اقرأ في هذا المقال


يُعتبر المؤلف والأديب ناثانيال هوثورن وهو من مواليد الولايات المتحدة الأمريكية من أشهر الكُتاب في مجال كتابة القصص القصيرة، تم نشر القصة في كتاب سنة 1850م، كما تم نشرها مرة أخرى ضمن مجموعة قصصية تحت عنوان صورة الجليد، ومعظم أعماله الأدبية كانت تسيطر عليها الحركة التطهيرية الأمريكية التابعة للحزب الذي ينتمي إليه.

 قصة وجه الحجر الكبير

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث الرواية حول إحدى الولايات الموجودة في أمريكا، ولكن دون التطرق لذكر اسمها، ولكنه أطلق اسم وادي بروسبيرس على المكان الذي تدور فيه القصة، وقد كانت في تلك الولاية تقطن إحدى السيدات مع طفلها الصغير الذي يعرف باسم أرنست، وما يميز تلك الولاية أنها كانت على شكل وجه رجل، إذ كانت تشبه وادي يحيط به الجبال من كل جانب والأزهار والنباتات مليئة في كل جانب، إضافة إلى الصخور التي يتزين بها المنظر من كل جهة.

وكان منظر ذلك الجبل تدور حوله العديد من الأساطير والخرافات، ففي أحد الأيام تخبر الأم ابنها عن الأسطورة التي كانت تترد كثير على مسامع أهل الولاية والتي تقول أنّ الوجه الذي كان محفور في الصخور، هو في الحقيقة يعود لأحد الأشخاص، وأنه في يوم من الأيام سوف يرجع إلى هذا الوادي حتى يكون أعظم وأنبل الأشخاص الذين عاشوا في عصره، يعجب الولد أرنست بقصة والدته، وفي تلك اللحظة كان يتمنى لو أن هذا الحكيم يرجع وهو على قيد الحياة.

ومع مرور السنوات أصبح الطفل أرنست شاب في مقتبل العمر وكان يتميز بأنه شاب هادئ وقوي وحكيم ولديه حدة في الذكاء، وقد كانت كل تلك الميزات دون أن يلتحق بأي مدرسة من المدارس وحتى أنه لم يتلقى التعليم على يد أي شخص، كان الشاب لا يوجد لديه أي عمل خاص يقوم به، إذ أنه في بداية يومه يتجول في الحديقة المتواجدة في مكان قريب من المنزل ويقضي باقي اليوم في التأمل والتفكر في الحياة من حوله.

وأكثر ما كان يتأمل به ويحدق به إلى درجة كبيرة هو تلك الصخور التي تمثل وجه رجل كبير، وفي فترة من الوقت انتشرت العديد من الأخبار حول وجه الحجر في الولاية، وهذا ما يجعل بعض الرجال التجار ترجع إلى تلك المنطقة للمكوث فيها، ومن ضمن هؤلاء الرجال الأربعة جاء رجل تاجر إلى مدينة وقد كان يزعم أنه هو أحد التجار المشهورين في معظم المناطق المجاورة وهو ما يعرف باسم السيد جاثر جولد، والذي رجع إلى تلك المنطقة من أجل أن يعيد ذكرياته الطفولية التي عاشها في تلك المنطقة فيقوم بهدم البيت الذي عاش به أيام الطفولة ويبني مكانه قصر رائع وكبير من الرخام الباهض الثمن.

حينها بدأ سكان المنطقة يعتقدون أنه هو الرجل صاحب الوجه المنحوت على الصخور وأنه يريد من خلال ذلك تحقيق النبوءة، ولكن أرنست كان يتمتع بدرجة عالية من الذكاء، فسرعان ما أدرك أنه لا يمكن أن يكون هذا الرجل هو صاحب الوجه المنحوت، إذ أخبرته والدته في السابق أن صاحب الوجه المنحوت رجل نبيل وعظيم ورؤوف ولا يمكن أن يكون تلك الصفات تنطبق على الرجل الذي قد جديد للمنطقة، إذ كان السيد جولد صاحب وجه مليء بالقسوة والكراهية والحقد والمكر.

ومع مرور الأيام يرجع شخص آخر كان من المحتمل أن يكون هو ذاته صاحب الوجه المحفور، فقد كانوا يلاحظون أن هناك بعض الملامح المتشابهة بينهم، وقد كان يعمل قديماً كقائد عسكري عظيم لإحدى القوات الكبيرة، وعلى أثر السيرة الطيبة له التي كانت تسبقه تعلق به أهل المنطقة لدرجة كبيرة، كما بنوا عليه آمال كبيرة في أن يكون هو من سوف يحقق النبوءة في ذلك الوادي، ولكن كل تلك الأمور لم تروق لأرنست، فقد كان دقيق الملاحظة ويدرك ما لا يدركه الناس من حوله، فقد كان يرى أن ذلك القائد العسكري ملامح وجهه شديدة وتثير الحرب في أي منطقة يقع بها، وهذا الأمر لا يتطابق مع النظرة التي كانت في وجه الحجر، فقد كانت نظرة الحجر تبث بالخير وتدعوا إلى السلام وهذا الأمر ليس موجود على الاطلاق في وجه الرجل القائد.

وتمر السنوات حتى وصل العمر بأرنست إلى أن أصبح رجل حكيم ومدرك بدرجة أكبر مما كان عليه في السابق، وفي ذلك الوقت رجع رجل ثالث جديد إلى تلك المنطقة، حيث كان ذلك الرجل من الرجال الذين ولدوا في الأصل في تلك المنطقة وهو يعمل في منصب كبير في الدولة ويلقى شهرة واسعة بين أبناء المنطقة، وعلى الرغم من أنه كان هناك درجة كبيرة من الشبة في ملامح الوجه والمظهر العام للجسد لدرجة أنّ سكان المنطقة كانوا يعتقدون أنه هو ذاته، إلا أن أرنست كان يدرك أنه من الداخل ما هو إلا مجرد شخص فارغ وكل تصرفاته تافهة ليست لها أي قيمة، وأنه لا يتمتع بالفضائل ولا يؤمن بها ولا حتى الأخلاق الحميدة التي تشير إليها ملامح الوجه المنحوت في الصخر.

وفي نهاية الأحداث يرجع آخر رجل إلى تلك المنطقة، وقد كان يعمل في مهنة تأليف الكتب وكان يمتاز بالبراعة والذكاء، وفي تلك الفترة من الوقت كان أرنست قد أصبح في مرحلة متقدمة من العمر، ولكن بقي محافظ على حيويته ونشاطه، حينما عزم على الابتعاد عن العمل في حديقة منزله والتوجه إلى العمل كرجل حكيم وواعظ لأهل المنطقة، ويعطي رأيه في المؤلف أنه لا يمكن أن تتحقق النبوءة به وهو كمن سبقه من الرجال، ومن هنا قرر الرجل أن يقوم بمغادرة المنطقة ولكن بعد أن يحضر أحد حلقات الوعظ لأرنست، والتي كان يلقيها على سكان المنطقة عند وقت غروب الشمس.

وفي تلك الأثناء طلب السكان المحليون من أرنست أن يقوم بإلقاء درس الوعظ عند قاعدة الجبل؛ وذلك حتى يتمكن الأشخاص من الصلاة ومشاهدة الوجه المنحوت، وحينما أخذ أرنست في الكلام تظهر عليه ذات الملامح في وجهه، فقد كانت علامات العظمة والشموخ مع تعبير مليء بالإحسان، وفي تلك اللحظة كان يريد أن يقول شيء، لكن المؤلف توجه نحوه ورفع يديه إلى أعلى وصرخ بأعلى صوته قائلًا: ها هو، ها هو هو ذاته صاحب الوجه المنحوت على الصخور، وحينها يدرك جميع السكان في المنطقة الشبه الكبير بين أرنست ووجه الحجر في تلك اللحظة، بينما أرنست بعد أن انتهى من تقديم درسه مسك بيد المؤلف أثناء عودته لمكانه، فلم يدرك ذلك وبقي على يقين أن يظهر رجل أكثر حكمه وموعظة منه يشبه ذلك الوجه المنحوت على الصخر.

المصدر: The Great Stone Face Story


شارك المقالة: