قصيدة - أتاني أبيت اللعن أنك لمتني

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة “أتاني أبيت اللعن أنك لمتني”:

أمّا عن مناسبة قصيدة “أتاني أبيت اللعن أنك لمتني” فيروى بأنّ حسان بن ثابت رضي الله عنه في يوم من أيام الجاهلية خرج يريد النعمان بن المنذر، وعندما وصل إلى دياره، لقيه رجل، وسأله قائلًا: من أنت، ومن أين أتيت؟، فقال له: أنا حسان بن ثابت، وأتيت من الحجاز، فقال له: ومن تريد من هنا؟، فقال له: النعمان بن منذر، فقال له الرجل: إنك إذا أردت الدخول عليه، فيجب عليك أن تنتظر شهرًا، ثم تجلس شهرًا آخرًا، ومن ثم عسى أن يأذن لك بالدخول عليه، فإذا دخلت عليه، وأعجبه ماتقول له، فسوف ينولك خير كثير، ولكن إذا وجدت عنده النابغة الذبياني، فلا تقل شيئًا، لأنّك لن تطول منه شيئًا، ومن ثم أعطاه الرجل العطايا والهدايا وغادر.

وعندما سأل حسان بن ثابت على النعمان بن منذر، وجده كما قال له الرجل، فقد كان النعمان يعطي الشعراء الأموال والهدايا، حتى يأتيه النابغة الذبياني، وعندما يأتيه لا ينل أحد من الشعراء شيئًا.

وفي ليلة دخل حسان بن ثابت إلى مجلس النعمان بن منذر، فدعاه الملك إلى العشاء، فأحضر الخدم الطعام، وبدأ الرجال بتناول الطعام، وبينما هم يأكلون، سمع صوت من خلف قبته، وكان ذلك اليوم هو يوم ترد فيه الإبل السود، ولم يكن في العرب أحد يملك إبلًا سوداء إلّا النعمان بن المنذر، فدخل النابغة الذبياني إلى المجلس وهو ينشد قول لبيد:

أَنامَ أَم يَسمَعُ رَبُّ القُبَّه
يا أَوهَبَ الناسِ لِعَنسٍ صُلبَه

ذاتِ هِبابٍ في يَدَيها جَذبَه
ضَرّابَةٍ بِالمِشفَرِ الأَذِبَّه

وعندما جلس النابغة الذبياني، استأذن النعمان بأن ينشد عليه شيئًا من شعره، وعندما أذن له النعمان، أنشد قائلًا:

أَتاني أَبَيتَ اللَعنَ أَنَّكَ لِمتَني
وَتِلكَ الَّتي أُهتَمُّ مِنها وَأَنصَبُ

فَبِتُّ كَأَنَّ العائِداتِ فَرَشنَني
هَراساً بِهِ يُعلى فِراشي وَيُقشَبُ

حَلَفتُ فَلَم أَترُك لِنَفسِكَ رَيبَةً
وَلَيسَ وَراءَ اللَهِ لِلمَرءِ مَذهَبُ

لَئِن كُنتَ قَد بُلِّغتَ عَنّي خِيانَةً
لَمُبلِغُكَ الواشي أَغَشُّ وَأَكذَبُ

وَلَكِنَّني كُنتُ اِمرَأً لِيَ جانِبٌ
مِنَ الأَرضِ فيهِ مُستَرادٌ وَمَذهَبُ

مُلوكٌ وَإِخوانٌ إِذا ما أَتَيتُهُم
أُحَكَّمُ في أَموالِهِم وَأُقَرَّبُ

كَفِعلِكَ في قَومٍ أَراكَ اِصطَنَعتَهُم
فَلَم تَرَهُم في شُكرِ ذَلِكَ أَذنَبوا

فَلا تَترُكَنّي بِالوَعيدِ كَأَنَّني
إِلى الناسِ مَطلِيٌّ بِهِ القارُ أَجرَبُ

أَلَم تَرَ أَنَّ اللَهَ أَعطاكَ سورَةً
تَرى كُلَّ مَلكٍ دونَها يَتَذَبذَبُ

فَإِنَّكَ شَمسٌ وَالمُلوكُ كَواكِبٌ
إِذا طَلَعَت لَم يَبدُ مِنهُنَّ كَوكَبُ

وَلَستَ بِمُستَبقٍ أَخاً لا تَلُمَّهُ
عَلى شَعَثٍ أَيُّ الرِجالِ المُهَذَّبُ

فَإِن أَكُ مَظلوماً فَعَبدٌ ظَلَمتَهُ
وَإِن تَكُ ذا عُتبى فَمِثلُكَ يُعتِبُ

فأمر النعمان للنابغة بمائة ناقة، ومعها رعاتها، وأطفالها، وكلابها، وعندما خرج حسان من مجلسه، قال: لا أدري هل حسدته أكثر على شعره أم على العطايا التي أخذها من النعمان.

ومن بعدها عاد إلى الرجل الذي لقيه قبل أن يدخل إلى النعمان، وأخبره بما حصل معه عند الملك، فقال له الرجل: انصرف، فلا يوجد لك عندي شيء غير الذي أخذته من قبل.

المصدر: كتاب "حسان بن ثابت في معايير النقد قديماً وحديثاً" تأليف بان حميد الراويكتاب "حسان بن ثابت شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم" تأليف محمد حسن شرابكتاب "حسان بن ثابت الانصاري حياته وشعر" اعداد يوسف عيسىكتاب "الشعر والشعراء" تأليف ابن قتيبة


شارك المقالة: