قصة قصيدة - أنت كالكلب في حفاظـك للـود

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة “أنت كالكلب في حفاظـك للـود”:

وأما عن مناسبة قصيدة “أنت كالكلب في حفاظـك للـود” فقد استدعى الخليفة العباسي المتوكل في يوم علي بن الجهم إلى مجلسه، وعندما دخل على مجلسه أراد أن يمدح الخليفة وقد كان علي بدويًا جافياً، فلم يسعفه لسانه على أن يقول له أفضل من هذا المدح، وقال له:

أنت كالكلب في حفاظـك للـود
و كالتيس في قراع الخطوب

أنت كالدلو لا عدمنـاك دلـواً
من كبار الدلا كثيـر الذنـوب

فاندهش الحاضرون من هذا المدح فهو قد وصفه بالكلب والتيس، وليس ذلك مدحًا، ولكن أمير المؤمنين المتوكل عرف بأن هذا الكلام صدر من رجل قوي من أهل الصحراء ولكن وعلى الرغم من خشونة الكلام إلا أن مقصده كان رقيقًا، وإنما خرج منه خشنًا هكذا لعدم مخالطته الناس والتزامه الصحراء، ثم أمر له ببيت جميل في المدينة على الشاطئ قريب من الجسر، وفي هذا البيت بستان جميل أخضر نسمته لطيفة، فأقام في هذا البيت لستة أشهر، وبعد ذلك قام أمير المؤمنين إلى مجلسه، وعندما دخل عليه، طلب منه أن ينشد، فأنشد قائلًا:

عيون المها بين الرصافـة والجسـر
جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري

خليلـي مـا أحلـى الهـوى وأمـره
أعرفنـي بالحلـو منـه وبالـمـرَّ !

كفى بالهوى شغلاً وبالشيـب زاجـراً
لو أن الهوى ممـا ينهنـه بالزجـر

بما بيننا مـن حرمـة هـل علمتمـا
أرق من الشكوى وأقسى من الهجر ؟

و أفضح من عيـن المحـب لسّـره
ولا سيما إن طلقـت دمعـة تجـري

وإن أنست للأشياء لا أنسـى قولهـا
جارتها : مـا أولـع الحـب بالحـر

فقالت لها الأخـرى: فمـا لصديقنـا
معنى وهل في قتله لك مـن عـذر ؟

صليه لعل الوصـل يحييـه وأعلمـي
بأن أسير الحب فـي أعظـم الأسـر

فقالـت أذود النـاس عنـه وقلـمـا
يطيـب الهـوى إلا لمنهتـك الستـر

وايقنتـا أن قـد سمعـت فقالـتـا
من الطارق المصغي إلينا وما نـدري

فقلت فتـى إن شئتمـا كتـم الهـوى
وإلا فـخـلاع الأعـنـة والـغـدر

وعندما سمع المتوكل ما قال علي بن جهم قال: أوقفوه، فإني والله أخاف عليه أن يذوب من الرقة واللطافة.

تحليل قصيدة قصيدة أنت كالكلب في حفاظـك للـود

على الرغم من خشونة ألفاظ القصيدة، إلا أنّها تُعبّر عن مشاعر الودّ والاحترام التي يكنّها علي بن الجهم للخليفة. كما تُظهر ذكاء علي بن الجهم وقدرته على التعبير عن مشاعره بطريقته الخاصة.


شارك المقالة: