ما هي مشاكل الترجمة إلى اللغة العربية؟

اقرأ في هذا المقال


الخلاف دائم حول مصطلح الترجمة الأدبية هل هو فن أم علم؟ والسبب في ذلك هو أوّلاً مدى أهميّة هذا المصطلح ومدى دقّته، بالإضافة إلى الفروقات الشاسعة بين المترجمين بمختلف تخصّصاتهم ومجالاتهم؛ فكل مترجم منهم أسلوبه الخاصّ في ترجمة النص الأصلي إلى لغة بلده، ومن المعروف أن النص يختلف تماماً عن ترجمته، خاصّةً إن لم يكن هذا النص هو نص إخباري، سنتحدّث عزيزي القارئ في هذا المقال عن أهم المشاكل التي يواجهها المترجمون عند ترجمة النص إلى اللغة العربية.

مشاكل الترجمة إلى اللغة العربية

تبدأ الصعوبات التي تواجه المترجم عندما يكون النص المراد ترجمته ليس نصّاً إخباريّاً، على سبيل المثال عندما يكون النص يقدّم معلومة فقط مثل جملة: (الماء يغلي عندما تصل درجة الحرارة 100 سيليسيوس، الماء يتجمّد عندما تنخفض حرارة الماء إلى -0 سيليسيوس، خالد وصل إلى المطار)، وغيرها من الجمل التي تعبّر عن مجرّد جمل إخبارية.

هذه الجمل لا تعتبر صعوبة لدى المترجم؛ على الرغم من أنّه أحياناً يكون مضطرّاً إلى تغيير المصطلحات الصعبة فيها والبحث عن مرادفات لها في لغته عن طريق الاستعارة أو التكييف اللغوي، لكنّها لا توازي صعوبة النص الأدبي الإبداعي الذي يحتوي على الكثير من الرموز والدلالات، وحتّى في النص الإخباري فيواجه المترجم الكثير من الكلمات مثل (سليسيوس)، هذه الكلمة لا تعتبر عربية الأصل؛ لهذا السبب لوقتنا هذا يستخدم مترجمو اللغة العربية كلمة (مئوية) بدلاً من هذه الكلمة.

ومن بعض الكلمات التي تم الحفاظ عليها في اللغة العربية هي كلمة (قرن)، وهذه الكلمة تشير إلى المعنى العربي المتعارف عليه وهو المئة سنة، أما في اللغات الأخرى فيتم استخدام مصطلح (Century)، وهي بمعنى القرن، وربمّا تعني كلمة قرن ستّون سنة أو سبعون أو تسعون؛ لذلك اختلفت الآراء بشأن هذه الكلمة ولكن لا زال العرب يستخدمون كلمة (قرن)، وهنالك بعض الكلمات التي من المسموح للمترجم أن يقوم بإجراء بعض التعديلات عليها مثل قيامه بتعديل النظام الصوتي أو بنية الكلمة أو أي تغيير بسيط، فعلى سبيل المثال كلمة (بلغم)، هي عبارة عن كلمة معرّبة وهي تعني الاحتراق أو الاشتعال.

وربما يصعب على البعض أن يقتنع بأن هذه الكلمة هي من أصل يوناني وهي تعني بالعربية (المزاج الدموي)، ولكن هذه الكلمة عند القيام بتعريبها طرأ عليها بعض التغييرات بنظامها وبطريقة نطقها الصوتي؛ بحيث تتناسب مع طريقة النطق بالعربية، وتم ذلك عن طريق مرحلتين من التغيير في النطق.

أمّا عن النصوص الغير إخبارية مثل: النصوص التي تعبّر عن مواضيع اجتماعية أو اقتصادية أو فلسفية أو سياسية أو حتى دينية، بمعنى أي نص يقدّم موروث ثقافي بعيد عن مجرّد تقديم المعلومات في هذه الحالة قد يتعرّض المترجم للوقوع بالكثير من الأخطاء، وعليه الابتعاد قدر الإمكان عن ما يسمّى بالخيانة.

ومن ضمن أهم الأمثلة على النصوص التي ترجمت إلى اللغة العربية قصائد شكسبير الشهيرة، والتي تم ترجمتها إلى سبع لغات، كان من أهم الاختلافات التي طرأت على القصائد هي مضمونها الداخلي، بالإضافة إلى التعبير عنه باللغة العربية، ومن ضمن أهم الصعوبات التي واجهت المترجمين في ترجمة قصائد شكسبير المكتوبة باللغة الإنجليزية هي أن الإنجليزية لا تفرّق في الخطاب بين المذكّر والمؤنّث لهذا السبب اضطرّ منهم إضافة بعض الكلمات التي تعبّر عن أنّ هذا الخطاب موجّه من الشاعر لحبيبته.

اختلفت الآراء بما فعله بعض المترجمون هل هو خيانة لغوية أم مهارة؛ ولكن بقي الرأي الثابت هو أن الأمر يعتمد على الهدف الذي يسعى إليه المترجم هل هو يقصد بذلك إثبات مهاراته الترجمية، أم أنّه قام فقط بفعل بعض الإضافات لتوضيح المعنى فقط، وتم الاتفاق أن العيوب الترجمة التي تعتبر خيانة للنص، لا يلتفت إليها إلّا الأشخاص الذين يسعون للتنقيب عن القصائد بشكل دقيق جدّاً.

ومن ضمن الأمثلة الأخرى ترجمات الكاتب (ديفيد)، والذي قام بعض المترجمين بتحويله إلى اسم (داوود) عند القيام بترجمة أعماله مثل كتابه الشهير: تاريخ البحر الأبيض المتوسط، والذي تم ترجمته إلى العربية بعنوان (البحر الكبير).

وفي هذا الكتاب الكثير من العبارات التي تصف البحر وتقول (مبارك أيّها الرب الذي خلقت هذا البحر الكبير)، هنا لا يستطيع أي أحد أن يتهم المترجم بالخيانة اللغوية؛ لأنّ هذا اللفظ يتنافى مع قواعد اللغة العربية، ولكن المترجم يقوم بمهمّته فقط.

المصدر: فن الترجمة الأدبية/محمد عبد اللطيف/1989الترجمة الأدبية حلول ومشاكل/أنعام،بيوض/2002دليل المترجم الأدبي/ماجد سليمان/2003الترجمة الأدبية بين النظرية والتطبيق/محمد محمد/1997


شارك المقالة: