حرية الرأي والمسؤولية في الإعلام

اقرأ في هذا المقال


إن الحرية مُتطلَّب أساسي لجميع البشر، وهو حق من حقوق الإنسان بمجرد ولادته (بالفطرة)، فقد أكَّد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 في مادته التاسعة عشرة على هذه الحرية، من خلال حق كل الإفراد في حرية الرأي والتعبير عن أرائهم دون أي تدخل.

حرية الرأي:

حرية الرأي تعني قدرة الفرد عن التعبير عن أرائه وأفكاره بحرية تامة من خلال الوسيلة المناسبة؛ كالقول والتصوير والكتابة وهو حق مكفول في الدستور الأردني ورد في المادة (15) لسنة 1952. وإن الحرية لا تكون مطلقة من خلال إبداء الرأي وعدم الاعتداء على أراء الآخرين، وكذلك احترام الحياة الخاصة للأفراد، وهنالك قيود على هذه الحريات، وقد تكون من الدستور كما في الأردن فقد كفل حرية الرأي وفق القانون، أو قد يكون هنالك قيود وشروط على هذه الحرية توضع من المجتمع نفسه كالعادات والتقاليد أو من خلال الدين.
وبالتالي إن حرية الفرد ينتج عنها حرية الصحفي الذي هو جزء من الأفراد داخل المجتمع، وحرية الصحفي تعني المساحة الحقيقة التي يتمتع بها الصحفي فكراً وكتابة، وجاء قانون المطبوعات والنشر المُعدَّل رقم 32 لسنة 2013 ليؤكد في مادته الثالثة على حرية الصحافة والطباعة وحرية الرأي لكل أردني، كما وأكد ميثاق الشرف الصحفي الأردني الصادر عن نقابة الصحفيين في مادته الأولى على مبدأ حرية الرأي والتعبير. والإعلام الحر هو الأساس في بناء الدولة الديمقراطية خصوصاً في حال انتقال الدولة من النظام الدكتاتوري والاستبدادي الى النظام الديمقراطي الشامل.

المسؤولية في الاعلام:

تعني أن الصحفيين لديهم واجب تجاه المجتمع من خلال إيصال المعلومات الصحيحة وغير المغلوطة؛ أي حق الناس بالمعرفة وبالتالي تحمّلهم المسؤولية في طرح هذه القضايا من خلال الدقة والتثبت والإحاطة. وتكون كذلك المسؤولية في الإعلام من خلال المحافظة على الأمن والسلم الاجتماعي للمجتمع وأفراده، وأن يبتعد الصحفيين عن كافة المسائل الشائكة والأمور غير المؤكدة التي يمكن أن تثير البلبلة في الشارع وبين أفراد المجتمع، وخاصة تلك التي تثير النعرات الطائفية.
ويمكن القول أن الحرية والمسؤولية وجهان لعملة واحدة في الإعلام، فهي بمقدار حرياتها يوازي ذلك مسؤولية أمام المواطنين. والحقيقة أن الإعلام هو السلطة الرابعة التي تراقب عمل جميع الدوائر الحكومية والخاصة داخل الدولة، فوظيفتها الأساسية هو إيصال الحقيقة الى المواطن فهي التي تحمل هموم المواطنين ومشاكلهم، وتبحث دائماً وأبداً عن المعلومة الصحيحة الصادقة، وبمعنى آخر أن المواطنين أناب الإعلام من أجل البحث عن المعلومات وتدقيقها وبعد ذلك نشرها.
ففي الدول المتقدمة هنالك مستوى عالٍ من الحريات الشخصية، والتي تنعكس ايجاباً على الصحفيين الذين يعتمدون على التنظيم الداخلي لصحفهم، من خلال مسؤولية رؤساء التحرير الذين يقومون بوضع سياسات وأخلاقيات وقوانين خاصة بهم. وبالتالي من أجل قيام الإعلام بمهمته؛ لا بُدّ من توفر سقف عالي للحرية وتصبح الحرية حق وواجب ومسؤولية في نفس الوقت، من خلال مراقبة الدوائر العامة والخاصة مع مراعاة عدم خروجها عن التشريعات والأخلاقيات الصحافية المتعارف عليها.
والإعلام الحر يحقق عدة أسس لا يمكن الاستغناء عنها، ومنها أن الإعلام الحر يحقق مبدأ حرية التعبير وكذلك مبدأ المساءلة والرقابة وكشف المستور، والتي تحاول بعض الدول إخفاءه عن مواطنيها أو عن غيرها من دول العالم. وإن التضييق على الإعلام والمؤسسات الصحافية في الدول الديكتاتورية؛ يؤدي الى عدم قيامها بواجباتها على أكمل وجه بحيث لا تستطيع وسائل الإعلام إيصال الحقيقة كما هي للمواطنين، أو قد تكون هذه الدول تنادي بالإعلام الحر ولكنها تسيطر سيطرة كاملة على هذا القطاع وتوجهه الى الوجهة التي ترغب بها.
ويمكن القول أن دول الثالث تحاول الى حد كبير من الحريات الإعلامية والصحافية، والذي يمكن أن يكون خلافاً لقانونها ودستورها الذي يحمي هذا الحق. وفي بعض الدول المتقدمة والاقتصادية الكبيرة، مثل الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر رائدة في حرية الصحافة، فقد ينتج عن هذه الحرية الزائدة الوقوع في عدم المسؤولية من خلال سيطرة بعض الشركات الكبرى ورجال السياسية على وسائل الإعلام؛ ممّا يؤثر بشكل كبير على توجهات هذه الوسيلة وانجرافها بعيداً عن مهمتها الأساسية، ومثال ذلك ما كتب في الكثير من الوسائل الإعلامية الأمريكية عن ملكية شركة (جنرال موترز) لمحطة “أن بي سي” وهي من أكبر محطات التلفزة في الولايات المتحدة.
ولِما تقدم نرى أنه لا بُدّ من تنظيم داخلي للمؤسسات الصحافية، حيث يقوم الصحافيون أنفسهم بوضع الأسس والمعايير الخاصة بهم؛ لتنظيم العملية الصحافية وكذلك الرقابة الداخلية داخل الجسم الصحفي نفسه، من خلال مراقبة رئيس التحرير لكل مخرجات الوسيلة الإعلامية، وتستمر هذه الرقابة من خلال الوازع الداخلي للصحفي بحيث أن حريته الصحافية سقفها السماء، ولكن مع المحافظة على حسّه الذي يُميّز الخطأ من الصواب وأخلاقياته التي تتماشى مع القوانين والأنظمة.


شارك المقالة: