أهمية الأخلاق في العمل الصحفي

اقرأ في هذا المقال


تُعتبر نزاهة الإعلامي عامل رئيس في تحديد هدفية المهنة؛ وذلك لأنها خدمة عامة لصالح المجتمع ولخلق رأي عام واعٍ.

أسباب الاهتمام بالأخلاق الصحفية:

  1. تحظى وسائل الإعلام بجمهور واسع وسلطة حقيقية.
  2. تبيّن أن تطبيق القيم الأخلاقية عنصر أساسي في نجاح وسائل الإعلام.
  3. غياب المهنية يُفضي للفساد وضعف ثقة الناس بالإعلام.
  4. الحرية على أهميتها لا تكفي، بل قد تقود لفوضى إن لم يتم تنظيم الأمر ضمن أُطر أخلاقية تحمي الفرد من أهواءه ومن الإغراءات.
  5. لا يتحقق مستقبل الإعلام من دون حفاظ الوسائل الإعلامية على رسالتها واستقلاليتها، من خلال التمسك بالأخلاقيات.
  6. برزت مؤخراً ممارسات غير مهنية من بعض الصحافيين، من قبيل تقديم المصلحة الشخصية على العامة.
  7. هيمنة الإعلان على الإعلام وما أفضى إليه هذا من فوضى واستسهال.
  8. ثورة الإنترنت والفضائيات.
  9. يكثر الحديث عن هذه الأخلاقيات، لكن في الغالب لا يجري العمل بها بعد تبنيها.

أهمية الأخلاق في العمل الصحافي:

1. نزاهة الإعلامي عامل رئيس في تحديد هدفية المهنة؛ وذلك لأنها خدمة عامة لصالح المجتمع، ولخلق رأي عام واعٍ.

2. في كل مرة يرهن فيها الصحافي قلمه لجهة ما أو أجندة معينة أو يختلق وقائع وغير ذلك من فبركات، فإنه يهوي بالأخلاقيات الصحافية.

3. تحافظ الأخلاق الإعلامية على مهنية المؤسسات الإعلامية والقائمين عليها والعاملين فيها.

4. تُبعِد هذه الأخلاقيات الصحافي عن الأفعال المضرّة به شخصياً وبالمجتمع والآخرين.

الأسس الرئيسة لأخلاقيات الصحافة:

القانون:

مجموعة القوانين والتشريعات المنظمة للمهنة، والتي من شأنها حماية الصحافيين وحفظ حقوقهم وحماية المواطنين من تجاوزات الإعلام حيالهم، كما تضمن لهم خدمة إعلامية راقية، فلكل دولة فلسفتها ولكل نظام قوانينه، بحسب البلاد.

الحرية:

الحرية هي المساحة الحقيقية التي يتمتع بها الصحافي فكراً وكتابة، وهي غير مدوّنة في النصوص القانونية. وغياب الحرية كما ينبغي يعيق أداء الإعلام لدوره، وتحديداً ما يتعلق بفضح جرائم النظام، وينصّ القانون العالمي لحقوق الإنسان في العام 1948 في المادة 19 : “لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء من دون أي تدخل، واستقاء الأفكار وتلقينها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيّد بالحدود الجغرافية”. ولا تنفصل الحرية عن المسؤولية، فالمسؤولية عند الصحافي توازي الحرية وتنص على أنه لا يمكن قول أي شيء لأي كان في أي مكان؛ لئلا يترتب على هذا انعكاسات.

الأخلاق الإعلامية:

تُعتبر الأخلاق الإعلامية مجموعة مبادئ وقيم أخلاقية وسلوكية يلتزم بها الصحافي أثناء ممارسة عمله، كما تلتزم بها المؤسسة الإعلامية، وتتمثل بالقيم والتقاليد العامة والمشتركة مثل الصدق والنزاهة والتوازن، كما تتمثل في مواثيق الشرف التي أقرّتها جهات إعلامية.

ولا بُدّ من التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات، فالأخلاق تتناول التصرفات، بينما الأخلاقيات تتعلّق بالالتزامات والواجبات الخاصة بمهنة ما، وهي في مصطلح آخر (الدينتولوجيا)، وهذه الأخلاقيات ليست بأهمية بعضها، لكن غياب أحدها يهدّد المهنية ورسالة الصحافة.

ومن دون حرية تصبح الصحافة بيانات رسمية، ومن دون قوانين تصبح الصحافة عرضة لكل التجاذبات، ومن دون أخلاق تصبح الصحافة فاسدة وتفقد دورها المراقِب والضابِط، فالمدرسة الأنجلوسكسونية والليبرالية تعطي الأولوية للحرية، أما المدرسة الأوروبية تعطي الأولوية للقانون، والمدرسة الأوروبية تعطي أهمية للأخلاقيات أكثر من الأميركية.

إطار عمل الأخلاق الإعلامية:

من بعض الممارسات الخاطئة التي يمارسها إعلاميون:

  1. الإعلام الترويجي يهيمن على الرسالة الإعلامية الحقيقية.
  2. الإعلام الرسمي يهيمن على الحقيقة وحرية الفكر.
  3. توجيه الخبر لخدمة أهداف معينة.
  4. عدم التحقق من الأخبار، خصوصاً تحت ضغط الإتيان بسبق صحافي.
  5. عرض جزء من الحقيقة وإخفاء أخرى.
  6. التعرّض للحياة الخاصة.
  7. التلاعب بالمعلومات وبث الإشاعات والصور من دون التحقق.
  8. الخلط بين الرأي والوقائع.
  9. تضخيم الحدث عبر تغطيته بطريقة تعتمد على التهويل.
  10. اجتزاء المقابلات وانتزاع الاقتباسات من سياقها.
  11. الصحافي في مرات يتحوّل من ناقل للخبر إلى جزء منه، عبر إقحام ذاته وردّة فعله بالأمر.

كيفية تعزيز الأخلاق الإعلامية:

  • تأهيل الصحافيين من خلال دورات تدريبية.
  • تعليم الأخلاق الإعلامية لطلاب الصحافة.
  • وضع مواثيق الشرف للمؤسسات الإعلامية.
  • تحذير الصحافيين ورؤساء التحرير من الانزلاق في فخ المغريات.
  • تفعيل دور المجتمع المدني في المراقبة. على سبيل المثال، توعية الأمهات بمراقبة البرامج المقدّمة لأطفالهن.

وسائل تطبيق مبادئ الأخلاقيات إعلامياً:

  • التأهيل: لكلا الطرفين الجمهور والصحافيين.
  • التقييم: نقد وسائل الإعلام وتقييم أدائها.
  • التفاعل: من خلال تبادل الآراء مع الجمهور.

مخاطر غياب الأخلاق الإعلامية:

1- تبعية الصحفي والمؤسسات الإعلامية:

  • التبعية لرأس المال والشركات الاقتصادية الكبرى والسياسيين.
  • يرى المنتقدون أن الصحفيين يتحاشون إثارة المواضيع التي تثير استياء الجهات الآنفة.
  • يرى المنتقدون أن الصحفيين غير قادرين على الوقوف في وجه الجهات الآنفة.
  • أفضت هذه الرؤى لعدم ثقة المتلقي بالصحافيين، والتشكيك بصحة الأنباء الواردة.
  • باتت هذه الجهات تطالب الصحافي بتحقيق الأرباح على حساب المهنية.
  • الأخطر هو انزلاق بعض الوسائل الإعلامية لترويج الحروب والمشاريع السياسية المشبوهة.
  • في هذا التداخل خطر على الديموقراطية والمصداقية.

2- وقوع الصحافة في أخطاء مهنية وأخلاقية:

أخبار الإثارة من جنس وفضائح باتت تناطح الأخبار الرصينة؛ لِما تحققه من أرباح لوسائل الإعلام، فكثرت القضايا المرفوعة على البابارتزي الذين لا يتردّدون في تصيّد اللقطات؛ لرفع مبيعات الوسيلة الإعلامية، وباتت كثير من الصحف لا تتحرّى حتى الحد الأدنى من الحقيقة المطلوبة.

3- تفشّي الفساد الإعلامي:

قبول الهدايا والامتيازات من قِبل المتنفذين مالياً وسياسياً، والإكرميات للصحافيين و”أسلوب المغلف”، حيث يفضي هذا لتحوير الأخبار واعتماد أولويات محكومة باعتبارات مالية.

4- غياب النزاهة المهنية:

تقتضي النزاهة عدم اتباع وسائل رخيصة ومشبوهة للخروج بمواد إعلامية، من قبيل الابتزاز أو التهديد، اأو اختراق خصوصية الآخرين أو انتحال الشخصيات أو نشر أرقام هواتف شخصيات حساسة؛ لتحقيق سبق إعلامي لا يبرر هذا، لكن إن كان في الأمر مصلحة عامة فقد يصبح هناك استثناء، على الرغم من عامل المصلحة العامة آنف الذكر، فإن البعض يرى في الأساليب الملتوية خطراً على المهنية.

5- عدم احترام القيم الإنسانية:

لا يتذكّر الصحافي في مرات أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته. ولذا، يسارع بعض الصحافيين في سوق الاتهامات أو استصدار أحكام لم يبتّ فيها القانون، ونشر مواد صحافية فيها عنف ودماء وأشلاء وأخرى تتعلّق بحيثيات الجرائم.

6- غياب الموضوعية والتوازن:

لا بُدّ للصحافي من التوازن في عرض وجهات النظر والوقائع، وألا يكتفي بزاوية واحدة فحسب، حيث تنحاز وسائل إعلامية لطرف ما بعينه أو لرواية واحدة أو مرشّح محدّد، وفي بعض الصحف التي تتحرّى الموضوعية لأقصى درجة ممكنة، يُمنع الصحافي من ممارسة نشاط سياسي قد يشكّك في موضوعيته وتوازنه، وقد يكون الانحياز في مرات على شكل تهكّم أو إيحاء أو تعبير جسدي ما.

7- تسخير الإعلام في خدمة قوى الأمر الواقع:

في دول متقدمة، باتت الشكوى من تقديم الصحافي في مرات للهدف الدعائي على حساب الاعتبارات المهنية، وكثيراً ما يكون هناك ارتهان لطرف ما أو ترويج لعقيدة معينة أو سلعة محددة؛ من أجل غايات خاصة، وكثيراً ما تظهر هذه الممارسات في الحروب أيضاً.
ومن أحد الأمثلة البارزة عليها هي حرب الخليج، التي ظن الجمهور أنه يتابعها بث حي ومباشر عبر وسائل الإعلام، لكن تبيّن أن التصوير كان محدداً  بأجندات معينة وكانت هناك انتقائية في نقل الوقائع، لا سيما “سي إن إن”، التي احتكرت التغطية من داخل العراق. واعترفت “واشنطن بوست” أنها كانت تحظر نشر مقالات تعارض الحرب الأميركية الأخيرة على العراق؛ لأنها كانت تدحض ذريعة امتلاك العراق أسلحة دمار شامل.

أزمة الثقة بوسائل الإعلام:

أظهرت استطلاعات الرأي عدم ثقة الجمهور بمصداقية الوسائل الإعلامية، بل إن بعض الاستطلاعات أظهرت عدم ثقة الإعلاميين أنفسهم بمصداقية التغطية من خلال:

مبدأ المسؤولية الاجتماعية:

نشأ المبدأ في أميركا في أعقاب الحرب العالمية الثانية، بالتزامن مع الأصوات المنتقدة لأداء وسائل الإعلام منذ الثلاثينيات؛ إذ بات الإعلام في حينها أداة دعاية سياسية. وتكرّس هذا المبدأ حين هيمن الإعلان والمعيار المادي على الإعلام.

ونشرت لجنة “هتكنز” عام 1947 تقريراً حذّرت فيه من المخالفات الأخلاقية في الصحافة، لتأتي بعدها بادرة “الوسيط الصحفي” في أميركا في العام 1967، والتي سعت للتوفيق بين الوسيلة الإعلامية وجمهورها، حيث انتشرت في أميركا ودول أخرى، لكنها بقيت محدودة نسبياً.

مستلزمات الإعلام الجديد:

استجدّت الحاجة لاستخدام وسائل التكنولوجيا التي تضمن نشراً سريعاً للخبر، مثل الإنترنت، لكن يجب ألّا تطغى نزعة السبق الصحافي وسرعة البث على حساب المصداقية والمهنية. والإيجاز أيضاً يجب ألا يجعل الصحافي ينقل الخبر باجتزاء، فبرامج تلفزيون الواقع أنموذج لمخالفة القواعد المهنية.

هيمنة رؤوس المال على المؤسسات الإعلامية:

قد يفضي هذا لغياب المهنية. ولذا، تصاعدت مطالب الحصول على إعلام غير ملوث. ومن هنا جاءت المطالبة أيضاً باستحداث شرعات أخلاقية للعمل الإعلامي؛ لتكريس حضوره كـ “سلطة رابعة”، من خلال “سلطة خامسة” تراقب أداء السلطة الرابعة.


شارك المقالة: