ساحة سكانديربيرج الأثرية في ألبانيا

اقرأ في هذا المقال


“Skanderbeg Square” وهو مركز العاصمة تيرانا، وتحيط به بعض أهم المباني في البلاد، وتعتبر مركز الأعصاب في المدينة والموقع الرمزي للبد بأكمله، حيث تعكس الساحة تاريخ ألبانيا المعقد.

تاريخ ساحة سكانديربيرج

تم تصميم الساحة في البداية بشكلٍ دائري من قبل ثلاثة مهندسين معماريين من إيطاليا لموسوليني: فلورنتانو دي فاوستو، غيراردو بوسيو وأرماندو براسيني، واسم “سكاندربج” هو اللقب الذي يطلق على جرجج كاستريوتي (جورج كاستريوت، 1405-1468)، وهو نبيل ألباني أصبح بطلاً قومياً بعد أن قاد تمرداً طويلاً ضد الإمبراطورية العثمانية، حتى أن السلطات الشيوعية غير المعروفة بأنها معجبة بالنبلاء أو المسيحية، قد أشادت به.

وفي عام 1968، من أجل الاحتفال بالذكرى السنوية الخمسمائة لوفاته، تم نصب تمثال للفروسية ارتفاعه أحد عشر متراً على الجانب الجنوبي من الساحة، ليحل محل نصب تذكاري لستالين، وحتى اليوم، تمثل شخصية سكاندربج بالنسبة للعديد من الألبان الهوية والنزاهة والاستقلال الوطني في مواجهة العديد من الاعتداءات التي عانت منها بلادهم على مر القرون، ومع ذلك، فإن الألبان المسلمين يرونه رمزاً مسيحياً يعزز الروابط بين أوروبا والغرب.

ميدان سكانديربيرج

ميدان سكانديربيرج هو نتيجة خطة تجديد حضري على غرار النهضة الجديدة نُفِّذت في عام 1939، عندما احتلت إيطاليا الفاشية ألبانيا، حيث تم تصميمه على أنه بناء محور حضري كبير يتكون من “Boulevard Zog I” (شارع Stalin سابقاً) إلى الشمال، وشارع “Dëshmorët e Kombit” (شهداء الأمة) في الجنوب، ويربط بين القصر الرئاسي والعديد من السفارات، أصبحت الساحة تدريجياً منطقة فارغة استثنائية في المدينة المكتظة بالسكان وسوء التخطيط والتي تنمو حولها منذ عقود، والعدد الكبير من المباني الرمزية في المنطقة، هو خليط انتقائي وفوضوي بسبب التنوع الكبير للأنظمة التي حكمت البلاد، وهو سمة إضافية لتميز الساحة.

بدء تنفيذ خطة التجديد الحضري

بعد عام 2004، دعت خطة التجديد الحضري التي وضعها استوديو أجنبي، إلى تكثيف وسط المدينة من خلال بناء العديد من الأبراج الشاهقة القائمة بذاتها، وكانت الفكرة هي “تحديث” مشهد المدينة، ولكن بعض الناس رأوا فيه محاولة لا يمكن إنكارها لمحو الآثار المعقدة للتاريخ، وبين عامي 2008 و 2011، كلف رئيس البلدية إيدي راما، بترميم طموح لساحة سكانديربيرج، دون التخلي عن قيمها الرمزية أو إمكانية جعلها أكثر ترحيباً، تهدف إلى تنظيمها وإضفاء طابع أوروبي عليها.

كانت الخطة هي أخذ مساحة من السيارات دون خوف من أن تكون الساحة كبيرة جداً لجذب المواطنين، لم تكن الرغبة في التنازل عن الفضاء حصرياً للمشاة ووسائل النقل العام والنباتات مستثناة من الجدل، وفي الواقع، كان الأمر مثيراً للجدل لدرجة أن رئيس البلدية لولزيم باشا، عكس المشروع بعد عام 2011، وخلال فترة ولايته، استولت المركبات الآلية مرة أخرى على الساحة، حتى أنها دمرت المنطقة الخضراء المحيطة بتمثال الفروسية في سكاندربج.

ومع ذلك، في عام 2016، أعاد العمدة الجديد إريون فيليج إحياء اقتراح إيدي راما بمشروع جديد، تم تمويله بالكامل من خلال تمويل حكومي من الكويت، وكان له ثلاثة أهداف رئيسية؛ أولاً، سعت إلى إنشاء مساحة كبيرة مخصصة لاستخدام المشاة بشكلٍ حصري، والقضاء على حركة المرور وإخفاء المركبات المتوقفة في موقف للسيارات تحت الأرض، الهدف الثاني هو إبراز قيمة جميع المباني التراثية المحيطة بالميدان، ومنحها نوعاً من النظام الموحد.

وأخيراً، كان من المقرر زيادة وجود الغطاء النباتي في الساحة بشكلٍ كبير على أمل بدء عملية جديدة لإعادة الطبيعة إلى وسط المدينة، وفي عام 2015، قبل بدء العمل مباشرة، عُقدت عملية طموحة للتشاور العام، إلى جانب التحقق من صحة الاقتراح، كانت الفكرة هي إثراء المشروع بمساهمات المواطنين والأفكار من الوكلاء الموجودين بالقرب من الساحة، حيث تم دمج العديد من المطالب التي تم جمعها في المشروع.

وصف ساحة سكانديربيرج

تم الانتهاء من الإصلاحات التي تم إجراؤها في عام 2017، وحولت ساحة سكانديربيرج إلى مساحة عامة تزيد عن عشرة هكتارات، مخصصةً لاستخدام المشاة فقط، ويوجد في وسط الساحة ساحة واضحة تبلغ مساحتها حوالي 40 ألف متراً مربعاً، وبدلاً من أن يكون المتنزه مسطحاً، فإن شكله يشبه هرماً رومانياً رباعي الجوانب مع ميل 2.5٪ وارتفاعه مترين عند طرفه، كما تسمح النافورة الموجودة في الأعلى بتدفق المياه إلى أسفل الجوانب، وبالتالي تبرز ألوان رصف الفسيفساء المصنوع من الحجارة من جميع أنحاء ألبانيا.

تم الآن تعويض عدم وجود واجهة مستمرة لتحديد محيط المتنزه، بإدخال شريط أخضر يحيط بالمربع على شكل اثنتي عشرة حديقة بها أشجار مورقة، حيث تم تحديد طبيعة واستخدامات هذه الحدائق في سلسلة من ورش العمل التي عقدت مع المستخدمين والأشخاص المسؤولين عن المباني المجاورة، ونتيجةً لذلك، يتم استخدام الطوابق الأرضية للمباني مرة أخرى، وتتميز الآن بمساحات خارجية شبه عامة في انتقال تدريجي من المساحة الداخلية إلى المساحة العامة المفتوحة للجميع.

الإضافات الصغيرة مثل البيوت المظللة، والهياكل الشبكية وقطع أثاث الشوارع المتحركة التي يستخدمها الناس كما يرونها مناسبة، تضفي لمسات مميزة على الحدائق المختلفة، وتضفي الألفة والهوية الخاصة بهم، كما تحتوي الساحة على العديد من أهم المواقع الثقافية في ألبانيا؛ كالمتحف الوطني وبرج الساعة والمكتبة الوطنية ومسرح الأوبرا والباليه وبنك ألبانيا.

المصدر: كتاب الموجز في علم الآثار للمؤلف الدكتور علي حسنكتاب موجز تاريخ علم الآثار للمؤلف الدكتور عباس سيد أحمد محمد عليكتاب عجائب الآثار في التراجم والأخبار للمؤلف عبد الرحمن الجبرتيكتاب علم الآثار بين النظرية والتطبيق للمؤلف الدكتور عاصم محمد رزق


شارك المقالة: