صهاريج عدن

اقرأ في هذا المقال


ما لا تعرفه عن صهاريج عدن:

تقع صهاريج عدن بمدينة كريتر مديرية صيرة، وذلك بوادٍ يعرف بوادي الطويلة، وذلك على أرضية منتزه حديقة عدن العامة، حيث توجد آثار مخلفات صهاريج مدينة عدن التاريخية الشهيرة التي احتلت مكانا بارزا في تاريخ بناء خزانات مياه الشرب على المدن الساحلية في العالم.

الحديث عن صهاريج عدن، أو بالأحرى عن خزانات مياه الشرب العذبة، داخل مدن السواحل الحارة شبه الاستوائية يعني فتح ملف تاريخ هندسة بناء صهاريج المياه العذبة في جنوب شبه الجزيرة العربية، وبالذات في مدينة عدن الساحلية الاستراتيجية هذه التي شهدت أول تجربة من هذا النوع وأقامت على أراضيها صرح الصهاريج الأولى داخل منطقة الجزيرة العربية وأراضي الخليج العربي؛ وذلك بهدف استغلال مياه الأمطار التي يعز وجودها على الدوام في منطقة عدن هذه الشحيحة، كذلك في مخزون مياهها الجوفية على الرغم من وقوعها على ساحل المحيط الهندي الحامل لمياه الأمطار الموسمية التي تغمر أراضي جنوب الجزيرة العربية في الشتاء والصيف، وتذروها الرياح على كل شبر فيها، ماعدا منطقة عدن.

نبذة عن صهاريج عدن:

لقد أدرك الإنسان اليمني الأول منذ القدم مغبة عواقب هذه الفاجعة التي حدثت في قلب مدينة عدن، وسارع في مجابهة قوى الطبيعة العمياء غير العادلة وبذل جهودا جبارة في إصلاح ذراعها وتسخيرها من ثم لصالح مدينة عدن المنكوبة وإنقاذها من العطش، والحفاظ عليها مدينة حية مزدهرة، تتلألأ صواري السفن الشراعية على موانئها مزودة مياه الشرب العذبة، قبل أن تبحر من هناك وتشق طريقها الطويل صوب جزر الهند الشرقية، والتي قد تستغرق شهورا داخل حوض المحيط الهندي، قبل أن ترسو كذلك على بعض موانئه للتزود مجددا بالمياه العذبة.

لم يكن غير صهاريج عدن هذه من تكفل بازدهار حياة المدينة، ومن وفر حاجة السفن الشراعية من مياه الشرب العذبة الضرورية لمواصلة رحلة الشهور الصعبة تلك، والعودة إليها بسلام في ظل أجواء الجفاف التي تسود جزر وموانئ المحيط الهندي لذا ليس غريبا تسابق شعراء اليمن الأول على التغني بصهـاريج عـدن هذه، وامتداح فوائدها بالنسبة للمدينة وانتعاش حياة سكانها الذي كان يبلغ عددهم ستة عشر ألف شخص، عند إنشاء صرح هذه الصهاريج قبل ألفي عام من اليوم.

لقد جاء ذكر هذه الصهاريج على الصعيد التاريخي في مدونات كتب التراث القديمة، كما كانت أول إشارة من هذا القبيل على يد صاحب كتاب الطراف اليوناني “حول البحر الأحمر في القرن الأول للميلاد الذي تحدث فـيه عن وجود صهاريج في مدينة عدن تتزود المدينة منها عياه الشرب العذبة.

كما زار هذه الصهاريج كل من الرحالة العرب الكبار ابن بطوطة وابن المجاور؛ وذلك في القرن السادس عشر الميلادي قبل أن يصيبها الصدع ويلحق بها الخراب، وهو ما حدث بالفعل في القرن السادس عشر بعد مائتي عام من آخر زيارة قام بها هؤلاء الرحالة العرب المشهورون، ابن بطوطة وابن المجـاور اللذان شاهدا هذه الصهاريج بأعينهما وهي عامرة وتعمل بانتظام لصالح مدينة عدن هذه.

وقد جاء ذكر أول تصدع في بنيان هذه الصهاريج في بعض وثائق دولة آل زريع، التي تقول بإن عددا منها على وشك الاختفاء ، ولم يبق منها شيء واضح على وجه الأرض سوى السور، وبحلول القرن التاسع عشر كان قد اختفى تحت الأرض كل ما ليس له علاقة بمباني صهاريج عدن القديمة.

هذا وقد جاء هذا الوصف على لسان أحد الرحالة الأجانب الذي زار مدينة عـدن في منتصف القرن الثامن عشر، وكان آخر من شهد على بداية مأساة المدينة وفاجعتها الموحشة؛ وذلك بافتقاد أهم مصدر لحياة السعادة والاستقرار داخل هذه المدينة التاريخية الاستراتيجية الهامة لكل اليمن، كما اكتشف مؤخرا عدد من الصهاريج القديمة الموجودة داخل أحياء مدينة عدن، حيث كان ذلك خلال عملية التنقيب التي تمت في ظل وجود الاحتلال الإنجليزي للمدينة عام “1930”.

واعتقد بعض المؤرخين المحليين بأن الفرس هم الذين قاموا بتأسيس هذه الصهاريج المكتشفة، جهلا منهم بما ورد عنها في المدونات التاريخية القديمة في العهد اليونان، ولعدم اطلاعهم أيضا على مصادر الرحالة العرب والأجانب السابقين التي أشارت جميعها إلي قدم عهد بناء هذه الصهاريج، والذي يعود في أصلة إلى العهد الحميري الأول قبل مجيء الفرس إلى عدن ب 500 عام.

المصدر: عبد الفتاح مصطفى غنيمة-كتاب المتاحف والمعارض والقصوركتاب"علم الآثار بين النظرية والتطبيق" للمؤلف عاصم محمد رزقكتاب "الموجز فى علم الأثار" للمؤلف الدكتور علي حسنبشير زهدي-كتاب المتاحف


شارك المقالة: