كهف أزوخ الأثري في أذربيجان

اقرأ في هذا المقال


“Azykh Cave”، يقع كهف أزوخ في الجزء الجنوبي الشرقي من جمهورية أرتساخ، بالقرب من قرية أزوخ في منطقة حدروت، على ارتفاع حوالي 200 متر فوق القرية التي تحمل الاسم نفسه، حيث يقع جغرافياً في ممرٍ طبيعي هاجر من خلاله القدماء والحيوانات من إفريقيا إلى أوروبا وآسيا.

تاريخ كهف أزوخ

وفقاً للأسطورة، تم الاحتفاظ بكنوز دير أماراس في هذا الكهف، ويشير المطران ماكار بارخوتاريانتس، الذي ذكر الكهف في أواخر القرن التاسع عشر، إلى أنه رأى هنا تمثالاً لامرأة منحوتة من الحجر، ويعتبر كهف أزوخ من أهم المعالم الأثرية للاستيطان البشري المبكر، وهو عبارةً عن كهفٍ طبيعي واسع يتألف من عدة قاعات متصلة ببعضها البعض من خلال ممرات ومداخل ضيقة.

في المرحلة الأولى من الحفريات، بدأت أعمال التنقيب عن المدخل الرئيسي والأكبر في عام 1960 من قبل عالم الآثار الأذربيجاني م. حسينوف، الذي قاد أعمال التنقيب في الموقع حتى عام 1980، وفي المرحلة الأولى من الحفريات، تم اكتشاف جزء من الفك السفلي لرجلٍ عجوز من الموقع الأثري، وهو يتوافق مع الفترة الانتقالية بين الرجل المستقيم ورجل الإنسان البدائي، والتي تعتبر الآن عصر رجل هايدلبرغ، تم فقدان الكثير من المعلومات في هذه المرحلة من الحفريات، حيث لم تكن الأخيرة ذات طابع منهجي ومتعدد التخصصات.

كما تضرر الكهف من خلال الطريقة والأدوات التي اختارتها البعثة للدراسة، وذكر المختصون خلال المرحلة الثانية من أعمال التنقيب أن انفجارات تمت سابقاً في بعض أجزاء الكهف، ويتضح هذا ليس فقط من خلال معلومات شهود العيان، ولكن أيضاً من خلال بعض الجروح في الصخر عند مدخل الكهف، وبحسب شهود عيان، فقد تم استخدام مثقاب الصخور في بعض الأحيان في أعمال التنقيب، وترك هذا علامةً لا رجوع فيها على النصب التذكاري، وليس من المستبعد أن استخدام مثل هذه الأداة قد أضر أيضاً بجزءٍ من الفك السفلي للإنسان المكتشفة هنا.

في المرحلة الثانية من الحفريات، منذ عام 2002، أجرت بعثة أزوخ الدولية أبحاثاً في الموقع بمبادرة من وزارة الثقافة في جمهورية أرتساخ، وفي الفترة (2002-2009)، شارك 35 متخصصاً من 8 دول في البحث، بما في ذلك أرمينيا وبريطانيا العظمى وإسبانيا وإيرلندا وفرنسا وألمانيا وأستراليا وجنوب إفريقيا.

تم تطبيق طرق التنقيب الحديثة والمنهجية في أنشطة البعثة؛ تسجيل ثلاثي الأبعاد للاكتشافات لتوفير معلومات عن توزيعها المكاني والزماني، وفحص الرواسب للكشف عن الثدييات الصغيرة، والعمل الجيولوجي التفصيلي لدراسة طبقات الكهوف، وكذلك التأريخ الإشعاعي للتسلسل، وكشفت المرحلة الجديدة من الحفريات عن تسلسلٍ طويل وشبه مستمر لطبقات الأرض من العصر البليستوسيني إلى الهولوسين، بالإضافة إلى ذلك، هناك أدلة على أن ثلاثة أنواع من البشر القدامى سكنوا الكهف خلال فتراتٍ قديمة مختلفة.

وصف كهف أزوخ

يقع الكهف على حافة المنحدر الجنوبي الشرقي من مرتفعات كاراباخ داخل أراضي أذربيجان وعلى الحدود مع جنوب أذربيجان، حيث يقطع نهر أراكس منحدرات القوقاز الصغرى وسهول ميل موغان، يقع الكهف على الضفة اليسرى لنهر كوروشاي على ارتفاع 900 متر فوق مستوى سطح البحر، ويواجه مدخل الكهف وادي نهر كوروشاي، وهو مشهد خلاب مع تربة غنية جداً، أما الأجزاء الجنوبية الغربية والشمالية الغربية من الوادي محميةً بكل من كتل صخرية عالية تغطيها مروج جبال الألب، وفي الشمال والجنوب الكهف محاط بمنطقة غابة سفوح، حيث تمتد تراسات متدرجة بارتفاع مختلف، وتبدأ المصاطب من الكهف وتنخفض تدريجياً حتى تندمج مع ميل السهوب.

مرتبطاً بسهوب ميل من جانب ومناطق المرتفعات والمرتفعات من ناحية أخرى، كان وادي كوروشاي دائماً يتمتع بظروف مناخية مواتية جداً للحياة، وفي العصور القديمة، كما في أواخر العصر البليوسيني وأوائل العصر الجليدي، دخلت الحيوانات ذات المناظر الطبيعية المختلفة إلى منطقة الكهف من وادي كوروشاي وتبعها أناس بدائيون مشابهون للإنسان الماهر، الذي عاش في شرق إفريقيا حوالي إثنين منذ مليون سنة.

منطقة وادي كوروشاي، حيث يقع كهف أزوخ، غنيةً جداً بالمواد الخام لإنتاج أدوات العمل، من بينها؛ الكوارتز والكوارتزيت والصوان والبازلت والعقيق الأبيض، والفلسيت واليشب، ويعتبر الكهف من أصل كارستي، وقد تشكل بشكلٍ أساسي خلال فترة أكشاجيل المتأخرة (أبشيرون)، ويقع سقف الكهف تحت مستوى هبوط “Akchagyl” المبكر الأوسط، بينما الطابق الآخر مستوي مع التراس الحادي عشر (180-200 م) لنهر كوروشاي الذي تشكل خلال فترة أبشيرون، وبعد أن تم تشكيل هذه الشرفة وكان مجرى نهر كوروشاي أقل من مدخل الكهف، وبالتالي القضاء على خطر الغمر، كان من الممكن للإنسان أن يملأ الكهف.

ويعتبر الكهف أكبر الأنواع بين التكوينات الكارستية المعروفة في القوقاز، إلى جانب المداخل الصغيرة الأخرى، يبلغ طولها أكثر من 600 متراً وتبلغ مساحتها الإجمالية 8000 متراً مربعاً على الأقل، واحتوى الكهف على 8 كهوف مهيبة بقبابٍ عالية (20-25 م) والعديد من الممرات المكدسة في المتاهة، أما خصائص الكهف فهي أعمدة الهوابط والصواعد الفريدة، حيث ينجذب الانتباه في جميع الكهوف إلى التكوينات الملبدة والأرفف الطبيعية الكبيرة التي تعطي انطباعا بأنها مثبتة على الجدران، حيث تشكل كل هذه العناصر إحدى السمات الزخرفية الهامة للكهف.

المصدر: كتاب الموجز في علم الآثار للمؤلف الدكتور علي حسنكتاب موجز تاريخ علم الآثار للمؤلف الدكتور عباس سيد أحمد محمد عليكتاب عجائب الآثار في التراجم والأخبار للمؤلف عبد الرحمن الجبرتيكتاب علم الآثار بين النظرية والتطبيق للمؤلف الدكتور عاصم محمد رزق


شارك المقالة: