أثر العامل البيئي والوراثي في بناء الشخصية

اقرأ في هذا المقال


عملية التطبيع الاجتماعي، هي العملية التي من خلالها يقوم المجتمع بتشكيل أفراده حسب المعايير والقيم السائدة فيه، فالبيئة تمثّل أساساً في عملية التطبيع الاجتماعي، والعامل الوراثي حيث يَرث الفرد جهازاً عصبياً، وبناءً جسمياً له خصائص معينة، فنحن في نهاية الأمر محصّلة التفاعل الذي يحدث بين الخصائص الموروثة والبيئة التي نشأنا فيها.

نتعلّم خلال عملية النمو أن نتصرّف وفقاً لما يتوقعه المجتمع منّا، ونقبل قيم المجتمع ومعاييره في كثير من الأحيان، دون التفكير أو الوعي المُسبق في كونها صحيحة أو خاطئة، فالمعايير والقيم تختلف من مجتمع لآخر، فإذا كان المجتمع الذي نعيش فيه يضع قيمة للعمل الجاد والعلم والنظافة، فإننا نعمل جاهدين على التحلّي بتلك الصفات، ويصبح الأفراد الذين يتحلون بتلك الصفات موضع تقديرنا واهتمامنا، وعلى العكس من ذلك نجد أماكن أخرى تنتشر فيها الخصال السلبية، كالكذب والغش تكون سمة مشتركة بين أفراد ذلك المجتمع.

التأثيرات التي تتركها الثقافة المجتمعية علينا:

هناك عدد من التأثيرات التي تتركها ثقافة المجتمع تؤثر على حياتنا ككل، كالدور الجنسي الذكوري والأنثوي الذي نلاحظه في إعطاء كل واحد منهم دوراً لا يمكن إعطاءه للآخر، ويختلف ذلك الدور من مجتمع إلى آخر باختلاف الثقافات، حيث نستغرب أحياناً ثقافة مجتمع في تعامله مع الذكور أو الإناث، في الزواج والعمل والميراث والكلام إلى غير ذلك.

ومن الأدوار الاجتماعية الأخرى أيضاً التي نختارها بإرادتنا، اختيار المهنة، فلكل مهنة من المهن دور اجتماعي خاص بها، فنجد أن هناك ملابس خاصة ولغة خاصة، لكلّ مجتمع بحدّ ذاته، تكون مستهجنة لدى المجتمع الآخر، فلا يمكن لمجتمع أن يقبل أن يلبس رجل الدين وعامل الوطن وضابط الشرطة والطبيب، نفس الرداء، ولا يقتصر الدور على الملابس فقط، بل يمتّد للقيم وأساليب الكلام والتعامل مع الآخرين والاتجاهات الاجتماعية.

هذه الأدوار الاجتماعية المتعارف عليها تجعلنا نتنبأ بسلوك الآخرين، في المواقف التي يمارس بها الدور الاجتماعي، لذلك نجد أنّ هناك أفراداً قلائل لا يشبهون عموم الناس، فالأغلبية العظمى من المجتمع، أكثر التصاقاً بالنموذج العام، وذلك يوحي بوجود طابع عام مميز للشخصيات، في كل مجتمع من المجتمعات، فنجد أنّ الطابع الغالب في مجتمع ما هو العدوانية، ونجد مجتمعاً آخر ذو طابع غالب ببرودة الأعصاب أو السلبية.

رصيدنا الوراثي يختلف من فرد ﻵخر، فاستجاباتنا للمواقف تتأثر بالخصائص الوراثية، من بيئة جسمية إلى قدرات ذهنية، إلى ذكاء، وخصائص انفعالية، ويحدث التفاعل بين الخصائص الوراثية والظروف البيئية من خلال التربية وما اكتسبناه من خلال المجتمع.

المصدر: علم النفس بين الشخصية والفكر، كامل عويضه، رقم الطبعة 1996.قوة التفكير، إبراهيم الفقي.علم الشخصية، لورنس أ. برافين.


شارك المقالة: