أسباب انتحار المراهقين

اقرأ في هذا المقال


يموت 800 ألف شخص سنوياً بسبب ظاهرة الانتحار، في حين يجرِّب ما يزيد عن هذا العدد الانتحار ولا ينجح بذلك، أكدت منظمة الصحة العالمية أنّ الانتحار كان السّبب الرئيسي الثاني للوفاة للفئة العمرية ما بين 15إلى 29 عام. أوضحت الدّراسات العلمية المُختلفة أنّ هُناك دلائل علميّة قليلة حول الأسباب التي تدفع الإنسان للانتحار، فالبعض ينتحر نتيجةً لمجموعة مُختلطة من الأسباب، آخرين يكون سبب قيامهم بذلك إصابتهم ببعض المشاكل النّفسية.

أنواع الانتحار:

الانتحار الأناني:

يقصد به الفعل الانتحاري المُرتكز حول الذات حيث تنعدم الروابط الاجتماعيّة بين الفاعل والآخرين، تبعاً لغياب مُعادلة الحقوق والواجبات، فالفاعل يكوُن في حالة تضعُف فيها التزاماته نحو الآخرين وتقل التزامات الآخرين نحوه، فهو الشخص الذي تتمحور أفعاله حول ذاته بالدَّرجة الأُولى، يزداد انتشار الانتحار الأناني بسبب ضعف الدرجة في التّماسك الاجتماعي، يغلب على الفاعل في مثل هذه الحالة طابع العُزلة. يأتي الفعل الانتحاري بعد تفكير قد يطول تبعاً لدرجة العُزلة التي يحياها، أيضاً تبعاً لحالته النفسيّة والاجتماعيّة.

الانتحار الغيري:

يتصف الانتحار الغيري بالتضحية، حيث يتعدّى نطاق الفرد إلى المجموعة؛ ليكون شكلاً من أشكال التضحية في سبيل الجماعة الأكبر، فالتّضحية هي معيار يتخذه الفرد أساساً في انتحاره. تبلغ درجة التماسُك الاجتماعي ذُروتها بقتل الفرد نفسه؛ سعياً وراء تحقيق أهداف الجماعة. لا يمكن أن تعدُّ هذه العمليات الاستشهادية نوعاً من أنواع الانتحار، إذ تسود فيها قيم التضحية والفِداء، مثل العمليات التي قام بها لبنانيون وفلسطينيون وسوريون من الشعوب و الجماعات.

الانتحار اللامعياري:

يتصف هذا الانتحار بانعدام المعايير واضطرابها، حدوث حالة الاختلال الاجتماعي المُعبر عنها عادة بحالة الاغتراب، تؤدِّي هذه الحالة دور فاعل ومنتظم في ارتفاع نسبة الانتحار في المُجتمعات المُعاصرة؛ نتيجةً لعدم تنظيم الإنسان لأنشطته، أيضاً نتيجةً لتعقُّد الحياة وتنوع جوانبها وتعدُّد المُشكلات التي يجابهها الإنسان.

أسباب انتحار المراهقين:

أسباب ظرفية:

يمكنُ ربطها بالأحداثِ التي يعيشُها ويمرُّ بها المراهِق، انْطلاقاً مِن الأحداثِ البسيطةِ إلى الأحداثِ الأشدِّ خُطورةً، فهي تتعلقُ بنظامِ العلاقاتِ القائِمةِ بينَ المراهقِ والأهلِ مِن جهةٍ، عَلاقاتِهِ بالآخَرين مِنْ جهةٍ أُخْرَى. مِن الأمثلةِ عَلى هَذهِ الأحداثِ، مَنع المراهقِ من البقاءِ خارجَ المنزلِ لوقتٍ مُتأخرٍ، رفض الأهلِ تحقيق مُتطلباتِهِ، قُصورِ الأهلِ الماديِّ لشراءِ ما يرغبُ بهِ، المُشاحنات مَع الرِّفاقِ، الفَشَل الدِّراسيِّ.

أسباب اجتماعية :

  • أسباب عائلية مختلفة، مثل التفكك الأُسري، انعدام الأمن والعاطفة يحدث بسبب عوامل مختلفة، أهمُّها تعاطي الأب أو الأُم الكحول، المُشاحنات المُستمرة بين الزوجين، غياب أحد الوالدين، مرض الأهل الطويل.
  • الانتماء إلى جماعات الرِّفاق، فإذا عجز المراهق عن الانخراط في مجموعة ما أو بمعنى آخر تكوُّن العُزلة عند المراهق. تتخذ العزلة الاجتماعية يتخذ أشكالاً مختلفة، مثلاً يكون العزل نتيجةً لشُعور المراهق بأنّه لا يملك الحق في ترك أهله.

أسباب نفسية:

  • تقلبات المزاج التي تعد شكل من أشكال الكآبة مع عدم الرِّضى المُستمرين، استجابات الخيبة والخجل.
  • الأمراض النفسيّة التي تؤدي بصاحبها إلى الانتحار أو التفكير به؛ مثل الاكتئاب، الفصام، إدمان الكحول والمخدرات، الاضطرابات الشخصية، الاكتئاب ثنائي القطب.
  • التفكير السلبي، فمثلاً القلق، الإحباط، الشعور بالذنب، لوم الذَّات، الإقصاء، النبذ الاجتماعي والشعور بالعار، جميعها تشكِّل عوامل مُشتركة في حالات الانتحار. طبيعتنا كبشر تؤثر فينا الآثار السلبية التي نحملها عن أنفسنا أو يحملها المُجتمع عنا. تؤكّد نظرية العقل أنّ الإنسان بطبعه يعمل على وضع فرضيات وتوقعات حول الطريقة التي يفكِّر بها الآخرون عنه، التي قد تكون إيجابية فتُشعرنا بالفخر أو سلبية فتشعرنا بالعار والخِزي. لا يُعدّ الاكتئاب سبب كافي للانتحار أو التفكير فيه، الكثير من الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب لا يحاولُون الانتحار، أيضاً إنَّ جميع محاولات الانتحار لم تُسجّل لحالات الاكتئاب السريريّ. هناك ما هو أكثر من الاكتئاب.
  •  فقدان السيطرة على الذات، جميعنا نتعرّض لخيبات الأمل وعدم القدرة على تحقيق المعايير والأحلام المطلوبة، أيضاً جميعنا نلوم أنفسنا وندينها بشكل أو بآخر، كما أنّنا لا نسلَم أبداً من المشاعر السلبية التي قد نواجهها بشكلٍ يوميٍّ، لكنَّه من المهمّ أن نعلم أنَّ كل هذه الأُمور عابرة لا تستمرّ للأبد. يجب ألّا نهمل أنفسنا أو نتوانى في الحُصول على المساعدة والعلاج النفسيّ؛ خوفاً من الوصول للمرحلة الأخيرة ونفقد السيطرة على أنفسنا فلا نعُود نُبالي بالألم والخوف من الموت، حيث يصبح الانتحار سهلاً بالنسبة لنا وقد يصبح الخيار الوحيد المتبقي لدينا.

المصدر: مشكلة الانتحار، عبدلله عبد الفادىالدراما الأجنبية وانحرافات المراهقين السلوكية، مصطفى صابر النمرمحاولة انتحار، د.هند المنياوي


شارك المقالة: