أسباب وأنواع التنافر المعرفي في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


يمثل التنافر المعرفي تلك المشكلة التي يقع بها العديد من الأفراد بدون ملاحظة ذلك، بحيث يقومون بالاستمرار والسعي خلف النجاح بدون تخطيط مسبق وبدون النظر في العواقب السلبية إدارتها.

أسباب التنافر المعرفي في علم النفس

يعبر مفهوم التنافر المعرفي عن عدم قدرة الفرد على التوافق مع العديد من المواقف والوظائف التي تتطلب المهارات والقدرات المعرفية العالية، حيث يشعر الشخص بعدم الاستقرار وعدم الراحة؛ وذلك لأنه يقوم بدرجات ومستويات عالية من التفكير المستمر، مما يجعل من أسباب التنافر المعرفي أكثر وضوح لنا والتي تتمثل في الوظائف التي تطلب من الفرد بشكل قسري ويتوجب عليه إنجازها شاء أم أبا.

ويحصل التنافر المعرفي عندما يوضع الفرد أمام العديد من الخيارات وبعدها يتوجب عليه الاختيار بينها من خلال اتخاذ القرار المناسب بشأنها مثل الخيارات التي توضع أمام الفرد عند الانتقال من مرحلة تعليمية لأخرى، وخاصة عندما تكون القرارات والخيارات أمام الفرد صعبة وتحمل مستويات متشابهة من الإيجابية والسلبية مما يجعل البال في حيرة ويجعل الفرد يستمر في التفكير وعدم التوصل لنتيجة مرضية.

يحصل التنافر المعرفي عندما يقوم الفرد ببذل الجهد العالي الذي لا يتناسب مع مهاراته وقدراته المعرفية خاصة، حيث يقوم الفرد بالسعي خلف العديد من الأهداف في الوقت نفسه ولا يجعل منها عمل ذو تخطيط وتنظيم، مما يستدعي لبذل الجهد والطاقة وعدم التفرغ لوقت من الراحة يقوم به الفرد بإعادة نشاطه والاستعداد لما هو أصعب.

أنواع التنافر المعرفي في علم النفس

هناك خمسة أنواع أساسية من التنافر المعرفي في علم النفس تتمثل في التنافر بعد اتخاذ القرار، والتنافر بسبب الرغبة في شيء لا يمكننا الحصول عليه، التنافر بسبب التناقض بين الموقف والسلوك الإنساني، التنافر بسبب التبرير غير الكافي، والتنافر بسبب التناقض بين الالتزام والمعلومات، حيث يجب على الأشخاص في منظور معين عند مواجهتهم بأدلة مخالفة بذل جهد كبير لتبرير الاحتفاظ بالمنظور المعترض عليه.

التنافر المعرفي بعد اتخاذ القرار

يحدث التنافر المعرفي اللاحق للقرار بعد اتخاذ قرار لا رجوع فيه، أو سيكون من الصعب للغاية عكسه، حيث يحصل هذا النوع من التنافر المعرفي لدى الفرد الذي يتعرض للعديد من المواقف التي يجب عليه الاختيار الصعب عندما توجد دائمًا جوانب من الكائن المرفوض الذي يروق للمختار، يثير اتخاذ القرار التنافر المعرفي النفسي الناتج عن اختيار القرار الأول بدلاً من القرار رقم اثنين، على الرغم من الاختلاف البسيط بين هذين القرارين إلا أن اختيار قرار واحد منهم يتعارض مع الإدراك بأن هناك بعض جوانب القرار الثاني التي يفضلها الشخص.

التنافر المعرفي الذي ينتج عن الرغبة في شيء لا يمكننا امتلاكه

مع التنافر المعرفي الناتج عن الرغبة في شيء لا يمكننا الحصول عليه، هناك أشياء نود الحصول عليها لا يمكننا الحصول عليها لأي عدد من الأسباب عندما يكون الشيء المطلوب مهمًا جدًا، فقد يكون لدينا إدراك متعارض يجعلنا متوترين وغير سعداء، يتمثل هذا النوع من التنافر المعرفي في العديد من الأمثلة ومنها وضع العديد من الألعاب أمام مجموعة من الأطفال ومنعهم من اللعب في ألعاب غيرهم مما يجعلهم يفضلونها ويرغبون بها أكثر.

التنافر نتيجة التناقضات في الموقف والسلوك الإنساني

يحدث التنافر المعرفي نتيجة التناقضات في المواقف والسلوك الإنساني عندما يكون هناك تناقضات بين ما نؤمن به وما نفعله، وهذا التناقض يجعلنا غير مرتاحين ومجهدين.

التنافر المعرفي لعدم كفاية التبرير

يحدث التنافر المعرفي بسبب التبرير غير الكافي عندما نستثمر قدرًا كبيرًا من الوقت أو الطاقة أو المال أو الجهد، ولكننا نتلقى القليل أو لا شيء في مقابل الاستثمار، وقد نشعر كما لو أن الجهد كان مضيعة أو أننا تعرضنا للغش من مردودنا.

التنافر المعرفي بسبب التضارب بين الالتزام والمعلومات

يحدث التنافر المعرفي بسبب التناقض بين الالتزام والمعلومات عندما نلتزم بمعتقد أو قيمة أو نموذج مثالي قبل الحصول على جميع المعلومات، أو تتعارض المعلومات الجديدة مع الالتزام الذي قطعناه على معتقد ما، حيث أن التناقض في الإيمان يخلق التوتر.

التعرض الاختياري في التنافر المعرفي في علم النفس

بدلاً من محاولة التخلص من التنافر المعرفي بعدما حصل، قد نحاول تجنب التنافر من خلال التعرض الاختياري، حيث يميل الناس إلى تعريض أنفسهم بشكل اختياري لبعض المعلومات أو الخبرات على حساب الآخرين، على وجه التحديد سيتجنبون الرسائل المتنافرة ويفضلون الرسائل الساكنة من خلال التعرض الاختياري، أي أنه عندما يختار الناس بنشاط وبشكل اختياري عرض أو سماع أو قراءة ما يناسب حالتهم الذهنية أو مزاجهم أو معتقداتهم الحالية.

استراتيجيات التقليل من التنافر المعرفي في علم النفس

يعبر التنافر المعرفي عن الانزعاج النفسي الذي يحدث عندما يواجه المرء عنصرين من عناصر الإدراك غير المتناسقين بشكل متبادل، حيث تعتبر العناصر المعرفية هي كل ما يعرفه الشخص عن نفسه وعن سلوكه ومحيطه، حيث لا تمثل هذه العناصر المعرفية المعرفة عن الذات فقط المشاعر والآلام والرغبات والمواقف وما إلى ذلك ولكنها تمثل أيضًا حالات بيئية وسببية تتعلق بالعالم الذي يعيش فيه المرء.

يمكن تحقيق تقليل التنافر المعرفي وتجنبه وفقًا للصياغة الأصلية لنظرية التنافر من خلال استراتيجيات متنوعة، يمكننا التطرق لها من خلال ما يلي:

1- تغيير العنصر المعرفي السلوكي

يمكن تقليل التنافر المعرفي عن طريق تغيير السلوك الإنساني أي من خلال الطريقة الأسهل لتقليل التنافر المعرفي، فإذا كان المرء يعاني من التنافر المعرفي عند التدخين مثلاً لأنه يعلم أن التدخين غير صحي، يمكن تقليل التنافر عن طريق الإقلاع عن عادة التدخين، أو إذا بدأ الشخص في نزهة ولاحظ أن المطر قد بدأ، فقد يستدير جيدًا ويعود إلى المنزل.

2- تغيير عنصر إدراكي بيئي

يمكن تقليل التنافر المعرفي عن طريق تعديل البيئة أو التحرك في العالم المادي أو الاجتماعي، حيث يتم وصف هذه الاستراتيجية من تعديل البيئات المادية بأنه حدث نادر نسبيًا، وهو مفهوم يعتبر سبب تطوري للتنافر المعرفي، نظرًا لأن البشرية ككل نشطة جدًا في الواقع في بناء ثقافتهم والمكانة المادية.

يعتبر تغيير البيئات الاجتماعية هو أمر أكثر شيوعًا للتقليل من التنافر المعرفي، على سبيل المثال الشخص الذي عادة ما يكون عدائيًا جدًا تجاه الآخرين قد يحيط نفسه بأشخاص يثيرون العداء، يمكننا أيضًا أن نتخيل أن المدخن المذكور أعلاه يسعى نحو بيئات على سبيل المثال غرفة تدخين، حيث سنشعر فيه بقدر أقل من التنافر.

والأهم من ذلك استحضار فكرة أنه يمكننا التحرك بنشاط في العالم لتقليل التنافر المعرفي، على سبيل المثال عن طريق اختيار المجموعات الاجتماعية التي نتفاعل معها، لذلك يمكن أيضًا تحقيق تغيير العناصر المعرفية البيئية من خلال الانتقال إلى سياق اجتماعي أو فيزيائي مختلف.

3- إضافة عناصر معرفية جديدة

إذا لم يكن من الممكن القضاء على التنافر المعرفي فيمكن تقليله عن طريق إضافة عناصر معرفية جديدة، وذلك من خلال التركيز على المعتقدات الداعمة وإضافة العناصر المعرفية التصالحية وتغيير العناصر المعرفية المتضاربة.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم.علم النفس العام، هاني يحيى نصري.علم النفس، محمد حسن غانم.


شارك المقالة: