الماضي ليس شرطا لإثبات الحاضر

اقرأ في هذا المقال


من الأخطاء التي نقع فيها أيضاً في حياتنا اليومية، هو الاستدلال بالموروث والاستشهاد بما تمّ روايته في زمن مضى وما تم تناقله عبر الأجيال ومنذ القدم، دون تمحيص أو دقّة أو مصداقية، وفي هذا الأمر نقع في أخطاء الرجوع إلى الماضي ومحاولة إلصاقه بالحاضر على الرغم من اختلاف الزمان والمكان والظروف والشخوص، وهي أخطاء تجعلنا نعارض أنفسنا وسرعان ما يتم ظهور العقبات في طريقنا.

الماضي ليس شرطاً لإثبات الحاضر:

إنّ القدم والتاريخ الماضي ليس شرطاً أو دليلاً دامغاً بحدّ ذاته لتأكيد وجهة نظر ما حصلت في تاريخ وظروف مختلفة تماماً، فتداول الموروثات لا يمكنه تأكيد أو نفي أي موضوع حاضر، وفي الغالب لا يمكن لمن ولد ونشأ في عالم الموروث إدراك مواضع الخطأ فيه، ولكن يمكن لمن نشأ خارجه تمييزه بسهولة وإدراك مدى سذاجته وما يرتكبه من أخطاء، فنحن مثلاً ندرك بسهولة سذاجة الكثير من العادات الغريبة التي يعتبرها البعض تعاليم وعادات مقدّسة لا يمكن التخلّي.

إنّ معظم الخرافات والموروثات التي يتم تداولها في مجتمعاتنا، عريقة ومتوارثة منذ مئات السنين ولكن هذا لا يجعل منها دليلاً يثبت صحّتها، أو مصداقية من قام بوضعها في الزمن القديم، فقد كانت الظروف مختلفة آنذاك وكانت الشخوص والأدوات مختلفة، فليس شرطاً أن يتم تطبيق الموروث القديم بحذافيره بعد مرور مئات السنين.

التجديد والخروج عن المألوف ليس عاراً:

توجد مشكلة أخرى بخصوص هذا الجانب، وهي أن كل من يخرج على الموروث القديم الذي يتم اعتماده كدليل دامغ على صحّة القول، يعتبر مجرماً وخارجاً على العادات والتقاليد في المجتمعات المحافظة نوعاً ما، فعادة ما نسمع عن التطوّر وكثيراً ما نسمع عن الحفاظ على الموروث الشعبي القبلي في منطقة ما في عادات وتقاليد يقومون بها، ما زالت مستمرة منذ مئات السنين، كتقديم القرابين والهدايا إلى ما يعتقدون أنّه يشكّل معبوداً بالنسبة إليهم.

إنّ مجرد الخوض في تفاصيل هذا النوع من الاستدلالات الخاطئة، يفتح أمامنا الكثير من المغالطات التي نفعلها في حياتنا بشكل يومي دون أن ندرك خطورة ذلك، وهذا يتطلّب منّا أن نقوم على مراجعة بعض الاستدلالات؛ ﻷننا اكتسبناها دون معرفة مصدرها أو مدى مصداقيتها ولا زلنا نستشهد بها بل وندافع عنها بكل ما هو ممكن.

المصدر: نقطة التركيز، بريان تراسي 2012.نظرية الفستق، فهد عامر اﻷحمدي، 2017.غير تفكيرك غير حياتك، بريان تراسي، 2007.قوة التفكير، إبراهيم الفقي.


شارك المقالة: