الانطباع الشخصي الأولي في علم نفس

اقرأ في هذا المقال


عند تكوين الانطباعات الأولى يتعين على الأشخاص عادةً الاعتماد على معلومات محدودة وربما مضللة عن الآخرين، حيث يمكن أن يؤدي استخلاص استنتاجات كبيرة من مثل هذه المعلومات المحدودة إلى قرارات سيئة ذات آثار أوسع، فإن فهم أصول الانطباعات الأولى ونتائجها هو الخطوة الأولى لمعالجة التحيزات في تلك الانطباعات، تهدف هذه المقالة لمناقشة أهم النقاط التي توضح مفهوم الانطباعات الأولية والشخصية في علم النفس.

الانطباع الشخصي الأولي في علم نفس

يعتبر الانطباع الشخصي الأولي في علم نفس من المفاهيم طويلة الأمد، حيث تشير هذه العبارة المألوفة إلى أحد الأسباب العديدة التي تجعل دراسة الانطباعات الأولى للأشخاص أمرًا بالغ الأهمية لعلماء النفس الاجتماعي، فأي معلومات عن أي شخص من خصائصه الجسدية إلى سلوكياته غير اللفظية واللفظية وحتى البيئة التي يسكنها، تؤثر على انطباعاتنا وأحكامنا عنها، ولقد ثبت أن الانطباعات الأولى تدوم لأشهر وتؤثر على الأحكام الشخصية حتى في وجود أدلة متناقضة حول الفرد.

أنواع الانطباع الشخصي الأولي في علم نفس

ما هي انطباعاتنا الأولى عنها؟ يصور أدب الإدراك الاجتماعي الانطباعات عبر عدد من التركيبات، ومنها فإنَّ أكثر أشكال الانطباع المدروسة في الإدراك الاجتماعي هي السمات حيث يميل الناس إلى تكوين انطباعات سريعة فيما يتعلق بخصائص الآخرين التي يُفترض أنها مستقرة، مثل الجدارة بالثقة والكفاءة أي يفعلون ذلك من مظاهر وجه الآخرين على سبيل المثال، والسلوكيات البسيطة على سبيل المثال بعد ملاحظة شخص يستقل المصعد في رحلة واحدة، قد يستنتج الناس أنه كسول كما ثبت أن أهداف الآخرين وقيمهم ومعتقداتهم تؤثر على الانطباعات الأولى.

أظهرت الأبحاث الحديثة في البحث النفسي التجريبي تأثير خصائص السلوك الإنساني على الانطباع الشخصي الأولي في علم نفس، فعندما يُعرف أو يُعتقد أن سلوكيات الآخرين التي لوحظت في البداية متسقة بمرور الوقت، فقد لوحظ أن تكوين استنتاجات السمات يكون أكثر احتمالًا.

فبالنظر إلى مثال المصعد بعد ملاحظة نفس الشخص الذي يستقل مصعدًا في رحلة واحدة في عدة مناسبات، يصبح الناس أكثر ثقة في تقييمهم لهذا الشخص على أنه كسول، ومع ذلك عندما يستقل شخص مصعدًا في رحلة واحدة فقط في مناسبة معينة فقد يعتقد الناس أنه يريد أن يكون سريعًا في هذا الموقف المحدد.

قياس الانطباع الشخصي الأولي في علم نفس

تتجلى الانطباعات الأولى ليس فقط في ردود أفعال المدركين الصريحة ولكن أيضًا في استنتاجاتهم العفوية، حيث تهدف التدابير الضمنية إلى التقاط الانطباعات التلقائية التي تكون غير مرئية عادة للمدركين في الانطباعات التي شكلوها دون أي وعي أو نية، بينما تشمل المقاييس الصريحة للانطباعات الأولية اختبارات التقرير الذاتي مثل تقييمات التقييمات أو الاستدلالات.

تشمل المقاييس الضمنية في قياس الانطباع الشخصي الأولي في علم نفس اختبارات الذاكرة التي تقيس مدى ارتباط الشخص المستهدف بالبنية مثل السمة في الذاكرة، في حين كانت العلاقة الدقيقة بين الأشكال الضمنية والصريحة للانطباعات سؤالًا مثيرًا للجدل في مجال الإدراك الاجتماعي.

أظهرت الأبحاث النفسية التجريبية من العديد من المختبرات باستمرار أن الانطباعات الضمنية مقاومة للتغيير، عندما تحدث تغييرات في مرات الظهور يكون ذلك عادةً صريحًا، ولكنه ليس ضمنيًا، واستنتاجات السمات التي تم تغييرها، على سبيل المثال بعد معرفة أن الشخص الذي استقل المصعد في رحلة واحدة في عدة مناسبات يعمل بالفعل بشكل منتظم، يدرك أنه يقوم بتحديث حكمه الأولي الصريح لكونه كسول.

ومع ذلك لا يزالون يميلون إلى تصنيف الشخص على أنه كسول في مهمة الذاكرة الضمنية، وبالتالي يمكن أن تستمر التحيزات الضمنية وتؤثر على التفاعلات الشخصية بطرق مهمة، حتى عندما يكون الأشخاص المدركين مقتنعين بأنهم غيروا انطباعاتهم في ضوء المعلومات الجديدة.

لماذا يشكل شخص ما انطباعا عن شخص آخر

أظهرت الأبحاث النفسية أن الإجابة على سؤال لماذا يشكل شخص ما انطباعًا عن شخص آخر؟ مهمة لتحديد الطريقة التي يعالج بها الأشخاص المعلومات عن الآخرين، حيث أن تبني عقلية المراسل الذي هدفه مجرد اكتشاف الحقائق عن شخص ما قد يترك انطباعًا مختلفًا تمامًا عن تبني عقلية الشخص في موعد أعمى، ففي الحالة الأولى ينخرط الأشخاص المدركين في معالجة منهجية شاملة، بينما في الحالة الأخيرة يميلون إلى الاعتماد على الاستدلال المتسق مع هدفهم للانتماء إلى شخص معين، ويمكن أن تؤدي هذه المعالجة المحفزة إلى تحيز إيجابي في تقييم الآخرين.

تتأثر الانطباعات الأولية في علم النفس أيضًا بالإشارات البيئية على سبيل المثال يرى الناس سلوكًا غامضًا بشكل مختلف بعد أن يكونوا مهيئين لرؤية سمة على أنها جريئة مقابل متهورة، حيث تؤثر الأهداف طويلة المدى للمدركين أيضًا على تفسيراتهم لأفعال الآخرين خلال اللقاءات الأولى.

على سبيل المثال أولئك الذين لديهم حاجة أكبر لتقليل عدم اليقين في تفاعلاتهم الشخصية هم أكثر عرضة لاستنتاج سمات مستقرة من السلوكيات الدنيوية للآخرين، وأقل احتمالية لتغيير انطباعاتهم الأولى حتى بعد معرفة أن تلك الانطباعات كانت غير دقيقة.

الآثار السلوكية للانطباع الشخصي الأولي في علم النفس

على الرغم من الأدبيات الكبيرة حول تكوين الانطباعات الأولى وتغييرها في علم النفس، لا يُعرف الكثير عن عواقبها السلوكية، حيث ركزت الكثير من الأبحاث النفسية الحالية على العواقب السلوكية للانطباعات الأولى المتعلقة بوصمة العار الحالية، ففي هذه الدراسات أدت انطباعات المدركين المرتبطة بالوصمة إلى ممارسات تمييزية، مثل تجنب التفاعل وتجربة التهديد الفسيولوجي أثناء هذه التفاعلات.

ركزت أبحاث أخرى على النتائج في مجال التوظيف المهني، حيث تتنبأ الانطباعات الأولى بشكل كبير بالميول السلوكية لأصحاب العمل أثناء مقابلات العمل بالإضافة إلى قرارات التوظيف النهائية، وعلى وجه التحديد يميل أصحاب العمل إلى طرح الأسئلة التي تؤكد انطباعاتهم الأولى عن المرشحين ومعاملتهم بطرق تتفق مع هذه الانطباعات.

إذا كانت انطباعاتهم الأولية عن المرشحين إيجابية فإن أصحاب العمل يظهرون ميلًا أعلى لبيع الوظيفة من خلال توفير المعلومات للمرشحين حول الوظيفة بدلاً من جمع المعلومات منهم، بالمقابل عادةً ما تثير السلوكيات الأكثر دفئًا لأصحاب العمل سلوكيات أكثر دفئًا من المرشحين، وبالتالي يتم التحقق من صحة الانطباعات الإيجابية الأولية لأصحاب العمل عن المرشحين.

لكن الأهم من ذلك حتى في الحالات التي يؤدي فيها مرشح الوظيفة بطرق لا تثبت الانطباعات الأولى لأصحاب العمل، قد يفشل أصحاب العمل في تقييم أداء المرشح بدقة، مما يمنعهم من تغيير انطباعاتهم الأولى وفقًا لذلك، حيث أظهرت الأبحاث أن هذا قد يكون بسبب المستويات العالية من التنظيم الذاتي نيابة عن المحاورين، لذلك قد يكون تقليل الطلبات المعرفية في سياق المقابلة باستخدام أسئلة مكتوبة أو جعل مراقبين تابعين لجهة خارجية يقيّمون عملية المقابلة فعالًا في تعزيز انطباعات وأحكام دقيقة لمرشح الوظيفة.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم.علم النفس العام، هاني يحيى نصري.علم النفس، محمد حسن غانم.


شارك المقالة: