التوافق النفسي لدى المراهقين

اقرأ في هذا المقال


مرحلة المراهقة هي مرحلة طبيعيّة يمر بها الإنسان في نموّه الجسدي، النفسي، الاجتماعي والانفعالي. يُعد عدم التّوافق النفسي والذاتي من أهم المشاكل التي يتعرَّض لها المراهق، الذي يُؤثر مُباشرة على الأنواع الأُخرى من التوافق، مثل التوافق الاجتماعيّ، التوافق العضوي، التوافق التربوي، يترتّب عن ذلك الأحاسيس والمشاعر السلبيّة للمُراهق، مثل القلق، الضيق، الارتباك، الحزن، شدَّة الانفعال، عدم الأمان، غياب الاستقرار، اضطراب علاقات المراهق مع الأفراد، كثرة المخاوف الذاتية والموضوعيّة، لا شكّ بأنّ هذا الاضطراب يولِّد العزلة الوجدانية والفقر العاطفيّة، يقوِّي الإِحساس بفراغ الحياة وفقدان التوازن النفسي.

التوافق النفسي والتكيف:

التوافق النفسي والتكيف، مُصطلحان يستعملان في الكثير من الأحيان وكأنّهما شيء واحد، في الغالب يحصل الخلط بينهما، إلَّا أنّه في حقيقة الأمر يُوجد اختلاف كبير فيما بينهم.
مصطلح التكيف يشير الى حالة التّوافق والانسجام ما بين الكائن الحي وبيئته، مثل تكيُّف حدقة العين للضُّوء الشديد الساقط عليها ، كتكيف الحرباء للون البيئة التي تعيش فيها مثلاً، كذا فالمصطلح مأخوذ من العلم البيولوجي، يمثِّل حجر الزّاوية في نظريّة دارون التطوريّة، الذي يُعتبر فيها أنّ الكائنات الحيّة الأكثر قُدرة على البقاء هي تلك التي تمتلك من الصِّفات ما يؤهلها للتوائم مع ظروف البيئة التي تلائمها، هذا ما عبَّر عنه دارون بالبقاء للإصلح. وظَّف علماء النفس هذا المفهوم تحت اسم التوافق الذي يقصد به هو حالة تكيف الكائن البشري مع بيئته الماديّة والطبيعيّة والاجتماعيّة.
إنّ الفرق الأساسي بين المصطلحين يتمثل في أنّ مصطلح التوافق يستخدم عند الحديث عن تكيُّف الإنسان فقط، أمّا التكيف بمعناه الأوسع فهو يشمل الكائنات الحية جميعاً.
ينظر البعض إلى الصحَّة النفسيّة باعتبارها عمليّة توافق نفسي، يتحدد ما إذا كان التوافق سليماً أوغير سليم، تبعاً لمدى نجاح الأساليب التي يتَّبعها الفرد؛ للوصول إلى حالة التوازن النسبي مع البيئة.
يعرّف التوافق النفسي بأنّه عملية ديناميّة مُستمرة تتناول السُّلوك والبيئة أي “الطبيعيّة الاجتماعية” بالتغيير والتعديل حتى يحدُث توازن بين الفرد والبيئة التي يعيش فيها.

أشكال التوافق النفسي:

  • التوافق الحسن: التوافق الذي يكون مصدر ارتياح واطمئنان، مثلاً مراهق يُشبع حاجاته عن طريق أداء واجباته المدرسيّة وتفوقه.
  • التوافق السيء: الذي يكون غير مناسب ومنطوي على الاضطراب، مثلاً مراهق يقوم بإشباع حاجاته عن طريق الكذب والادِّعاء والسرقة.
  • التوافق الشخصي: يتمثل هذا التوافق بشعور الفرد بالارتياح والسّعادة والرِّضا عن النفس، يتم هذا عن طريق إشباع حاجاته الأوليّة أي الفطريّة والثانويّة المكتسبة، تحقيق مطالب النمو عبر مراحله المُتتابعة، خلِّوه من التوترات والضُّغوط النفسية وما يترتب عنها من الشعور بالضِّيق والقلق والتوتر أيضاً.
  • التوافق الاجتماعي: لا يُقاس بكثرة العلاقات الاجتماعيّة مع الآخرين، بل يقاس بمدى نجاح الفرد في اختيار الجماعة المناسبة له، أي المُناسبة لميوله واتجاهاته وقُدراته وقيمه وتقاليده، بحيث لا يكون مساير دائماً أو متسلط أو مستبد برأيه ضمن الجماعة التي ينتمي إليها، أي يشعر الإنسان بالسعادة والأمن والطمأنينة عن علاقته بالآخرين، يجب ملاحظة أن تحقيق التوازن الاجتماعي، يتطلب الالتزام بالقيم والتقاليد والمعايير التي يحددها المجتمع وتقبل التغيير الاجتماعي .
  • التوافق المهني: يتضمن هذا التوافق الاختيار المُناسب للمِهنة والاستعداد لها علماً وتدريباً، الدخول فيها والانجاز والكفاءة والانتاج، الشعور بالرِّضا والنّجاح.

خطوات تحقيق التوافق النفسي لدى المراهقين:

  • تهيئة جو نفسي مناسب لتنشئة المُراهق تنشئة سليمة متكاملة؛ لتربيته فى أجواء إيجابية أساسها التّوافق مع الذات، التوافق مع الأسرة، التوافق مع المجتمع، التوافق مع المدرسة، مع إبعاد المراهق عن أجواء القلق والتمرُّد، الخوف والصراع، الوحدة والعزلة، التشاؤم. 
  • دعم ابنك وتحفيزه على تحمُّل مسؤولية بعض الأُمور، فتحمل المسؤولية والتجربة يدعمان ثقة المراهق بنفسه، يساعده على تحقيق التوازن الذاتي والنفسي والمجتمعي، يستطيع التوافق مع نفسه ومجتمعه ومدرسته؛ لأنّه يكتشف أنّه قادر على التفكير والإبداع والابتكار. 
  • التقرُّب من ابنك المراهق بشكل نفسي واجتماعي وتربوي، مساعدته على الاستقلال بشخصيّته والاعتماد على نفسه في تدبير شؤون حياته، مع التنبيه إلى أنّ الحرية الشخصية ليست مُطلقة أو حالة فوضى، بل هي التزام ومسؤولية.
  • ينبغي على الآباء أن يبتعدوا عن سلطة القمع، القهر والعقاب في تربية الأبناء، أيضاً ضرورة استبدال هذه السُّلطة بالعناية والحنان والعطف والتوجيه البنَّاء والهادف، تشجيع الحوار الأُسري في مناقشة جميع مشاكل الأُسرة، لا سيما مشاكل المُراهق ولابدَّ للوالدين كذلك أن يقدِّموا توجيهات قيّمة ومُفيدة لأبنائهم المُراهقين.

المصدر: التوافق النفسى والتحصيل الدراسى لدى المراهقين، محمد رضا أمينضغوط المراهقين و الشباب، محمد عطيةالمراهق و اوقات الفراغ، هيام محمود رزق


شارك المقالة: